أهمية بالغة تستحوذها القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة في الإمارات، ولكن حسب استطلاع رأي، فإن معظم الشركات تتخلف عن تلبية أهداف هذه الممارسات.
جاء الاستطلاع في التقرير السنوي الرابع لمراقبة القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة الذي تعده وكالة سك نيوجيت العالمية للاتصالات الاستراتيجية والدعم والبحث.
شمل الاستطلاع آراء أكثر من 14,300 شخص في 14 دولة ومنطقة.
واستخلص التقرير الخاص بالإمارات أن 87 في المئة من المستطلعين يؤمنون بأهمية التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، وأن 85 في المئة يرون ضرورة في اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن تغير المناخ.
وكان من اللافت بحسب التقرير ارتفاع معدل اهتمام الأفراد في الإمارات بالقضايا الاجتماعية والبيئية الأوسع نطاقاً مقارنة بمعدل نظرائهم العالميين، حيث أظهر التقرير أن 97 في المئة ممن تم استطلاع آرائهم يعتقدون أن الإمارات تسير في الاتجاه الصحيح، الأمر الذي يضع الإمارات في الصدارة وبفارق كبير عن المتوسط العالمي البالغ 47 في المئة.
وأفادت إيلينا جراماتيكا، المؤسس والرئيس التنفيذي لوكالة سك نيوجيت الشرق الأوسط لـCNN الاقتصادية: «أن تقريرنا السنوي حول مراقبة البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة أظهر أن هناك توقعات عالية من الجمهور تجاه الشركات فيما يتعلق بالتصرف المسؤول وخاصة في الإمارات».
وأضافت أن 90 في المئة من المشاركين في الإمارات يضعون أهمية كبيرة على تصرفات الشركات الكبيرة (بتقييم لا يقل عن 7 من 10)، بينما 88 في المئة منهم يرون أن هذه المسؤولية هي واجبة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفي التقيمين تجاوز معدل الاهتمام الجماهيري المحلي مثيله العالمي (81% و75%) ويعكس هذا الفارق برأي جراماتيكا مواجهة الشركات في الإمارات معايير أعلى بكثير من باقي أنحاء العالم.
الإمارات تتصدر
وشهد عام 2024 وفق التقرير استقراراً نسبياً في معدل الوعي بمفاهيم ومصطلحات «الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة» الذي بلغ 54 في المئة (53% عام 2023).
ونوه التقرير بدرجة الوعي في الإمارات مصنفاً إياها في المرتبة الثالثة (39 في المئة) بين الدول من حيث مستوى الوعي والإدراك بمفاهيم الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة بعد سنغافورة (بنسبة 41%) وهونغ كونغ (بنسبة 43%).
ولفت التقرير إلى أهمية التواصل لتحقيق الفاعلية القصوى، حيث أبدى 84 في المئة من المستطلعين مخاوف بشأن طرق التواصل حول القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة، مطالبين بضرورة أن تكون الشركات أكثر وضوحًا في التواصل حول الجهود التي تبذلها لتحسين أدائها في هذه المجالات.
«وشرحت جراماتيكا أن الجمهور يتوقع من الشركات أن تضع أجندة واضحة لتحقيق تأثير إيجابي أكبر على القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة»، وهذا هو ما تقصر فيه بعض الشركات. فمجتمع الأعمال يلعب دوراً حاسماً في المساعدة على قيادة التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون وفي دفع الابتكار في المنتجات والخدمات الخضراء الجديدة ويتوقع الناس من الشركات إظهار القيادة وإحداث تغيير إيجابي.”
المزيد من الالتزام
رأت جراماتيكا ضرورة في أن تقود الشركات الكبرى الطريق من خلال اعتماد تفويضات تنظيمية وسياسية واضحة. «فبغض النظر عن حجمها، تحتاج جميع الشركات إلى التركيز على ما يمكنها القيام به لتحقيق المزيد من التغيير الملموس في المجالات الرئيسية التي يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي فيها. يجب أن تكون هذه المجالات حقيقية بالنسبة للشركة وتأثيرها التشغيلي ومهمتها الأوسع. يجب أن يبدأ التغيير داخل الشركة نفسها، ويجب أن يكون ذلك من خلال تطوير مبادرات استباقية تفيد المجتمعات والبيئة التي تعمل فيها تلك الشركة».
فالأمر لا يقتصر فقط على الامتثال لمعايير إعداد التقارير البيئية والاجتماعية والحوكمة الذي هو خطوة أولى فقط يضمن التزام الشركات بالمتطلبات التنظيمية، لكنه لا يعكس بالضرورة التميز أو الطموح في تعزيز التأثير الإيجابي عبر عمليات المؤسسة كافة براي فيورينزو تاجليابو، الرئيس التنفيذي لمجموعة سك نيوجيت العالمية.
وبرأي غراماتيكا أنه بمجرد أن يكون لدى الشركة خطة وأهداف واضحة لتأثيرها المباشر، وتقوم بتقديم هذه الأهداف وإعداد التقارير عنها، يمكنها أن تبدأ في التفكير على نطاق أوسع حول كيفية عملها مع الشركات الأخرى والمجتمع الأوسع لمعالجة المشكلات في المجالات التي يمكنها فيها القيادة وتحقيق التغيير.. وهذا يتجاوز المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، ولكنه يدعم ما هو متوقع اليوم من الأعمال «الجيدة».
وأضافت أن هذا الوضع يفرض تحديات اتصالية وتشغيلية على الشركات والحكومات، ما يتطلب مزيداً من الجهد لمعالجة تلك القضايا بشكلٍ فعّال.
توازن الأهداف والربحية
أظهر التقرير أن أربعة من كل خمسة أشخاص (أي ما يعادل 82%) من المستطلعين في الإمارات عولوا في أن تلعب الشركات دوراً أكثر فاعلية في المجتمع، مع مراعاة أهمية التوازن بين الربحية والممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
ووفق التقرير اعتبر 83 في المئة من الأفراد أن الأداء الجيد في مجالات المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة لا ينبغي أن يكون على حساب الربحية في حين رأى 67 في المئة من الأفراد و 64 في المئة من المستثمرين أن على الشركات العمل لصالح جميع أصحاب المصلحة بدلاً من إعطاء الأولوية فقط للمساهمين.
وقالت جراماتيكا إنه يتعين على جميع الشركات، بغض النظر عن حجمها، أن تضع في اعتبارها أن تكاليف السمعة ستكون كبيرة إذا فشلت في مراعاة الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، إذا تم النظر إلى شركة ما على أنها تقوم بالغسل الأخضر وتقدم ادعاءات لا أساس لها حول تأثيرها الإيجابي على البيئة، فقد يكون لذلك تأثير طويل المدى على سمعتها وبالتالي على نجاح الأعمال
ورغم التدقيق المكثف على الشركات في قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة، تبقى الشفافية والثقة عاملين أساسيين لدفع عجلة هذه الممارسات قدماً.