تضررت الأسواق المالية الأوروبية بشدة بسبب المخاوف من زيادة التعريفات الجمركية الأميركية والاضطرابات السياسية في فرنسا وألمانيا، ومع ذلك فإن عدداً من المستثمرين يعتبرون أن الأسواق بلغت القاع ويبحثون عن الصفقات وسط هذه الأجواء الكئيبة.

وأظهرت بيانات مؤشر MSCI أن الأسهم الأوروبية تتخلف عن أسهم الولايات المتحدة بأكبر فارق في 25 عاماً على الأقل، كما انخفض اليورو بأكثر من 5 في المئة مقابل الدولار، ويتوقع بعض المحللين أن استمرار الأخبار السيئة سيسحب اليورو إلى ما دون دولار واحد.

ولكن مع انخفاض أسعار الأسهم في أسواق المنطقة أصبح المستثمرون مهتمين بشكل متزايد بالبحث عن الصفقات، بحجة أن تسعير الأسهم امتص بالكامل كل التشاؤم المُمكن، وبالتالي من المرجح أن ترتفع الأسهم بقوة، خاصةً إذا تحسنت الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية.

قالت كارولين غوتييه، رئيسة إدموند دي روتشيلد لإدارة الأسهم «نعتقد أن أوروبا يمكن أن تكون مفاجأة إيجابية للمستثمرين، لأننا على وشك الوصول إلى القاع، وهذا خبر جيد».

وارتفع مؤشر MSCI للأسهم الأوروبية بنسبة 4.6 في المئة هذا العام، في حين صعدت أسواق وول ستريت بنسبة 29 في المئة، حيث أدت حمى الذكاء الاصطناعي إلى مكاسب مذهلة لشركات التكنولوجيا العملاقة التي تهيمن على أسواق الأسهم في الولايات المتحدة.

وقالت سونيا لود، مديرة الاستثمار في أكبر شركة لإدارة الأصول في بريطانيا، ليجال آند جينيرال لإدارة الاستثمار «الأسهم في أوروبا (الآن) أصبحت أكثر جاذبية بكثير»، وأضافت السيدة التي تدير استثمارات بقيمة 1.5 تريليون دولار، أن قطاعات مثل صناعة السيارات والسلع الفاخرة ستستفيد إذا تحسن الاقتصاد الصيني أو كانت التعريفات الجمركية الأميركية أقل حمائية من المعدلات المتشائمة المتوقعة حالياً.

وخفض البنك المركزي الأوروبي توقعاته للنمو الخميس الماضي، إلى جانب خفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام، وتتمسك الأسر الحذرة بمدخراتها.

ومع ذلك تظهر إشارات إيجابية، حيث ارتفع مؤشر داكس الألماني بنسبة 4 في المئة منذ بداية ديسمبر كانون الأول، ويتجه إلى تحقيق أفضل أداء شهري منذ مارس آذار.

وتتوقع شركة أموندي، أكبر شركة لإدارة الأصول في أوروبا، مكاسب قوية لليورو العام المقبل، في حين يستعد مستثمرون أوروبيون كبار آخرون لشراء الأسهم الفرنسية المتراجعة.

ومن المتوقع أن تعقد ألمانيا انتخابات مبكرة في فبراير شباط بعد انهيار ائتلاف أولاف شولتز المنقسم، ويدعم فريدريش ميرز، المنافس على الزعامة، الإنفاق التحفيزي.

وقال كيفن ثوزيت، عضو لجنة الاستثمار في شركة إدارة الأصول الأوروبية كارمينياك «نحاول تحقيق أقصى استفادة من التشاؤم الذي نراه في أوروبا»، مضيفاً أنه يقوم بالاستثمار في الشركات متعددة الجنسيات الأوروبية التي لديها أعمال مماثلة لنظيراتها في الولايات المتحدة، ولكنها تتداول بتقييمات أقل.

من المؤكد أن الاتجاهات الاقتصادية في منطقة اليورو لا تزال بائسة، ومؤشر سيتي للمفاجأة الاقتصادية للكتلة أقل من مستوى الصفر.

ويقيس هذا المؤشر الفارق بين النتائج الاقتصادية الرسمية والتوقعات، ووجوده تحت الصفر يعني أن البيانات أسوأ من التوقعات.

لكن الخبر الجيد أن هذا المؤشر توقف عن مسيرة الانخفاض الحاد، ما يشير إلى أن شدة صدمات البيانات السلبية للأسواق قد انخفضت.

قال استراتيجيو سيتي في 10 ديسمبر كانون الأول «لقد وصل الاتجاه الهبوطي (في أوروبا) إلى غايته»، موصين العملاء بالشراء لأن التحفيز النقدي والمالي المتوقع من شأنه أن يفيد الشركات المرتبطة بالدورة الاقتصادية مثل قطاعات التصنيع والسفر.

وقال ستيفن بيل، كبير خبراء الاقتصاد الأوروبيين في كولومبيا ثريدنيدل، إن الأصول الأوروبية رخيصة «لأسباب وجيهة»، مستشهداً بالصراعات الاقتصادية في المنطقة، لكنه أضاف أن هناك فرصاً للاستثمار في الأسهم الفرنسية رخيصة القيمة، التي من المرجح أن ترتفع إذا خفت حدة ضغوط ميزانية الدولة.

فقاعة وول ستريت

قال مايكل هارتنيت، الخبير الاستراتيجي في بنك أوف أميركا، في مذكرة للعملاء، إن التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة ستدفع التضخم وأسعار الفائدة الأميركية إلى الارتفاع بحلول ربيع عام 2025، ما يؤدي إلى اندفاع الاستثمار إلى البدائل الدولية «الرخيصة».

وتعتمد أسواق الأسهم الأميركية بشكل كبير على مصير أسهم التكنولوجيا الكبرى، التي أدت مكاسبها الجامحة إلى رفع ما يسمى بمخاطر التركيز، التي ترتفع مع انخفاض عدد الأسهم المهيمنة على السوق، إلى مستويات قياسية، حسب ما أظهرت بيانات من مجموعة الاستثمار سيمكورب.

ويتوقع هارتنيت «تصحيحاً كبيراً» في الأسهم الأميركية في النصف الأول من عام 2025، ويتوقع أن تجتذب الشركات الأوروبية المزيد من الاستثمارات لهذا السبب.