أظهرت أحدث بيانات من مؤشر GfK لثقة المستهلك، الصادر اليوم الأربعاء، بالتعاون مع معهد نورنبرغ لقرارات السوق (NIM) استمرار التراجع في ثقة المستهلك الألماني خلال فبراير شباط 2025، متأثراً بانخفاض توقعات الدخل وتردي الرغبة في الشراء، مقابل زيادة ملحوظة في الميل للادخار. وعلى الرغم من تراجع ثقة المستهلك فإن مؤشر داكس ارتفع يوم الأربعاء، مسجلاً أعلى مستوياته في أسبوع عند نحو 22600 نقطة، بما يتماشى مع نظرائه الأوروبيين، حيث قام المتداولون بتقييم أرباح الشركات ومراقبة صفقة المعادن بين أوكرانيا والولايات المتحدة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وتراجعت ثقة المستهلك بمقدار 2.1 نقطة مقارنة بالشهر السابق، لينخفض من -22.6 نقطة (القيمة المُعدَّلة) إلى -24.7 نقطة.
وجاء هذا الانخفاض امتداداً للتوجه السلبي الذي استمر منذ منتصف العام الماضي، مع وجود مؤشرات على استمرار ضعف الاستهلاك في الفترة المقبلة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
تراجع في الدخل وارتفاع في الادخار
أظهرت البيانات أن الاستعداد للادخار ارتفع بمقدار 1.2 نقطة ليصل إلى 9.4 نقطة، ما يُشير إلى تفضيل أكبر للاحتفاظ بالأموال بدلاً من إنفاقها.
وفي المقابل، شهدت توقعات الدخل تراجعاً للمرة الثانية على التوالي، إذ انخفض المؤشر الخاص بها بنحو 4.3 نقطة مقارنة بشهر يناير كانون الثاني، مسجّلاً -5.4 نقطة في فبراير شباط.
وبحسب الخبراء، فإن القيمة الحالية للمؤشر هي الأدنى منذ يناير كانون الثاني 2024، حين وصل إلى -20 نقطة.
وبحسب ما أوضحه رولف بيركل، الخبير في معهد نورنبرغ لقرارات السوق، فإن «التحليلات العميقة تشير إلى أن الأسباب الكامنة وراء هذه النظرة التشاؤمية للدخل تشمل ارتفاع الأسعار، والظروف السياسية والاقتصادية غير المستقرة، فضلاً عن حالة من عدم الرضا العام عن السياسات الراهنة».
إقبال ضعيف على الشراء
على خلفية التراجع المستمر في توقعات الدخل، تأثرت أيضاً الرغبة في الشراء بشكل واضح؛ فقد انخفض مؤشر الميل للإنفاق بنحو 2.7 نقطة في فبراير شباط، ليصل إلى -11.1 نقطة.. ويمثّل هذا أسوأ مستوى يُسجّل خلال ثمانية أشهر، إذ بلغ المؤشر -13 نقطة في يونيو حزيران 2024.
ويزيد من تشاؤم المستهلكين ما يتردد عن إغلاقات محتملة للمصانع، ونقل للإنتاج خارج البلاد، وتسريحات وظيفية في القطاع الصناعي الألماني، لا سيما لدى شركات السيارات ومورديها.. كما تتوقع التقارير ارتفاعاً أكبر في حالات الإفلاس المؤسسية نظراً لتراجع النشاط الاقتصادي العام، وهو ما يؤجِّج المخاوف بشأن استقرار سوق العمل ومستقبل الدخل الأسري.
آمال معلَّقة على تشكيل سريع للحكومة واعتماد الموازنة
يشير بيركل إلى أن «هناك قدراً كبيراً من عدم اليقين لدى المستهلكين مع غياب الأمن التخطيطي.. ويمكن للتشكيل السريع للحكومة الاتحادية الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية، فضلاً عن إقرار الموازنة السنوية في أقرب وقت، أن يحدّا من قلق الشركات والأسر على حدٍّ سواء».
ويُضيف أن هذه الخطوات الحكومية من شأنها «إرساء بيئة أكثر وضوحاً ودفع المستهلكين نحو الإنفاق وتعزيز النشاط الاقتصادي عموماً»، لكنه يستدرك قائلاً إن تعافي الاستهلاك سيظل مشروطاً بتحسن ملحوظ في سوق العمل واستقرار الأسعار، علاوة على هدوء الاضطرابات السياسية والاقتصادية داخلياً وخارجياً.
على عكس المؤشرات السلبية للدخل والاستهلاك، أظهر مؤشر التوقعات الاقتصادية ارتفاعاً طفيفاً بنحو 2.8 نقطة، ليصل إلى 1.2 نقطة في فبراير شباط.
ومع ذلك، لا يُرجِّح المحللون تحولاً كبيراً في المشهد الاقتصادي الألماني لعام 2025، خصوصاً أن هناك من لا يستبعد سيناريو الركود للعام الثالث على التوالي، وهو ما سيكون سابقة تاريخية في ألمانيا الاتحادية.
عوامل ضغط مستمرة
منذ منتصف العام الماضي، يعاني الاقتصاد الألماني من ضغوط عدة، أبرزها استمرار ارتفاع التكاليف وتراجع الصادرات بفعل التوترات الجيوسياسية، إضافة إلى انخفاض الطلب المحلي، كما أدت الأزمات العالمية، ومن ضمنها الارتفاعات المحتملة في أسعار الطاقة والمعادن الأساسية، إلى زيادة الضغوط على قطاعي الصناعة والخدمات، الأمر الذي ينعكس سلباً على إيرادات الأسر ورغبتها في الاستهلاك.
في هذا السياق، يُحذِّر اقتصاديون من أن استمرار عدم اليقين قد يُضعف أكثر الثقة في مستقبل الدخل، ويزيد من الاحتياج إلى سياسات تحفيزية قادرة على تخفيف الأعباء المالية عن كاهل الأسر والأعمال على حدٍّ سواء.