بينما يفتح العالم عيونه على تحديات التضخم وتذبذب الإمدادات، عاد مؤشر أسعار الغذاء العالمي في أبريل نيسان 2025 ليسجل 128.3 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ مارس آذار 2023 وأعلى من مارس آذار 2025، وفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).
هذا الارتفاع لم يأتِ من فراغ، بل يعكس تحركات حادة ومتباينة داخل سلة الغذاء العالمية، أبرزها الزيوت والحبوب.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
شهدت الزيوت النباتية على وجه التحديد صعوداً لافتًا بنسبة 4.4 في المئة في شهر واحد فقط، مسجلةً 158 نقطة، وهو أعلى مستوى لها منذ نحو عام.
هذا الصعود يرتبط بارتفاع أسعار زيت النخيل وزيت الصويا نتيجة ضعف الإنتاج في جنوب شرق آسيا وزيادة الطلب من قطاع الوقود الحيوي في أميركا وأوروبا.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
الحبوب أيضاً لم تكن بعيدة عن خط التصاعد، إذ قفزت إلى 152.1 نقطة في أبريل نيسان 2025، مقارنة بـ143 نقطة في يناير، مدفوعة بتراجع الصادرات من منطقة البحر الأسود والمخاوف من ظروف الجفاف في أميركا الجنوبية، بذلك تكون الحبوب قد ارتفعت بنسبة تفوق 6 في المئة خلال 3 أشهر فقط.
أما اللحوم، فقد حافظت على مسار صاعد تدريجي، لتسجل 121.6 نقطة في أبريل نيسان، وهو أعلى رقم منذ أغسطس 2023، هذا يعكس طلباً متنامياً من الصين وأميركا اللاتينية، وسط تحسن طفيف في صادرات الدواجن وتراجع نسبي في صادرات الأبقار من أستراليا.
في المقابل، بدأت أسعار السكر تنخفض بشكل ملحوظ لتصل إلى 112.8 نقطة في أبريل نيسان، مقارنة بـ126.4 في نوفمبر الماضي، أي انخفاض تجاوز 10 في المئة، يعود ذلك إلى تحسن الحصاد في البرازيل واستقرار الأسواق الآسيوية، ما أعاد بعض التوازن إلى أحد أكثر المؤشرات تقلباً في العامين الماضيين.
واصلت منتجات الألبان هي الأخرى مساراً متقلباً، وإن كانت أقل حدة، حيث استقرت عند 128.3 نقطة في أبريل بعد أن كانت قد سجلت ذروة عند 157.2 نقطة في مايو أيار 2023.
ويُذكر أن شهد عام 2022 ذروة تاريخية لمؤشر أسعار الغذاء العالمي، إذ تخطى 160 نقطة في مارس آذار عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، وما تبعها من اضطرابات في سلاسل الإمداد وارتفاع تكلفة النقل والطاقة، ومنذ ذلك الحين، تذبذب المؤشر بين الانخفاض الحذر في 2023، والارتفاع التدريجي من منتصف 2024 حتى الآن.
تغيير الأسعار بشكل شهري
ومن منظور شهري، شهد مؤشر أسعار الغذاء العالمي ارتفاعاً ملموساً في أبريل نيسان 2025 ليصل إلى 128.3 نقطة، مسجلاً أعلى قيمة له منذ مارس آذار 2023، بالمقارنة مع مارس آذار 2025، ارتفع المؤشر بنسبة 0.3 في المئة، ما يعكس حالة من الزخم التصاعدي المتدرج في أسعار الغذاء بعد فترة من الاستقرار النسبي.
في مارس آذار 2025، كان المؤشر قد بلغ 127.9 نقطة، محققاً ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المئة مقارنة بشهر فبراير شباط، الذي سجّل بدوره 126.5 نقطة، هذا يعني أن المؤشر شهد ارتفاعين متتاليين على أساس شهري، وهو أمر لم يحدث منذ منتصف عام 2023، عندما بدأت الأسعار بالانخفاض التدريجي بعد ذروة الأزمة.
كان شهر فبراير شباط 2025 بدوره أعلى من يناير كانون الثاني، الذي أغلق على 125.1 نقطة، ورغم أن الزيادة بين يناير وفبراير لم تكن كبيرة نسبياً (نحو 1.1 في المئة)، إلا أنها كانت مؤشراً على تبدل الاتجاه العام من الانخفاض إلى الارتفاع.
الارتفاع الحالي لا يعني عودة الأزمة إلى مربع الخطر، لكنه مؤشر على عودة التوترات في بعض الأسواق، خاصة مع عودة بعض العوامل المناخية والجيوسياسية إلى الواجهة، وإذا استمرت الزيوت والحبوب في هذا الاتجاه، فإننا قد نشهد ضغوطاً تضخمية جديدة في الدول النامية التي تعتمد على الاستيراد.
في النهاية، قراءة المشهد تتطلب أكثر من مجرد تتبع المؤشر العام، بل فهم ديناميكيات كل عنصر داخل سلة الغذاء، فبينما يهدأ السكر، تشتعل الزيوت، وبينما تستقر الألبان، تتأرجح الحبوب.