أصبحت واحة جمنة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 8 آلاف نسمة، نموذجاً ملهماً في مجال الإدارة الذاتية للزراعة في تونس، إذ تمت إدارة مزارع النخيل على طريقة المنظمات غير الربحية تحت إدارة المجتمع المحلي، وإعادة استثمار كل الأرباح محلياً. أسس السكان جمعية حماية واحة جمنة، وكلفوها بإدارة البساتين حيث يعمل عبد الباسط عابد، البالغ من العمر 57 عاماً، بدوام كامل، مع نحو 50 شخصاً آخر، يزيدون إلى 160 شخصاً في موسم الحصاد لنحو 12 ألف نخلة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
قال عابد وهو يُزيل الأغصان اليابسة من أسفل نخلة تمر شامخة «الوضع أفضل بكثير من ذي قبل، لقد أصبح لديّ وظيفة مستقرة».
نتائج ملموسة
تتجلى النتائج خارج نطاق البستان نفسه، إذ حقق البستان ما يقرب من 14 مليون دينار (نحو 4.5 مليون دولار) على مدى السنوات الخمسة عشرة الماضية، تم توجيهها لإنشاء سوق، وملعب رياضي، ومختبرات حاسب آلي في المدارس، ومنح دراسية، وخدمات أخرى، في واحة لا يصلها الكثير من التمويل الحكومي في دولة مثل تونس المُثقلة بالديون.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وخصصت جمعية حماية واحة جمنة عائد خمسين نخلة للإنفاق على جمعية «أوتايم»، وهي جمعية محلية أخرى ترعى الأطفال من ذوي الإعاقة.
قالت حليمة بن عثمان، مديرة جمعية «أوتايم» لوكالة الأنباء الفرنسية «لقد منحونا مصدر دخل ثابت».
كما تم تجديد المقابر المحلية باستخدام الدخل الناتج عن النخيل، «حتى الأموات يستفيدون»، ابتسم الطاهر الطاهري، رئيس جمعية تجار التمور في جمنة.
سيطر الاحتلال الفرنسي لعقود على نخيل الواحة، ومنذ 15 عاماً فقط كان بستان النخيل مؤجراً بثمن بخس لرجلي أعمال، قبل أن يستحوذ عليه السكان، ويطلقوا حملة تبرعات مجتمعية جمعت نحو 34 ألف دينار تونسي (نحو 10 آلاف دولار أميركي) من أكثر من 800 مساهم لتمويل المشروع في بدايته.
وتتميز المدينة بساحة عامة يطلقون عليها «جمنة أغورا»، يبحث فيها المواطنون حلول المشكلات، ويقترحون مشاريع جديدة للتصويت.
مصنع الفرز
على الرغم من نجاح الإدارة الذاتية لجمعية جمنة في تحقيق إيرادات بلغت 1.8 مليون دينار (نحو 592 ألف دولار) العام الماضي، تضطر جمعية جمنة إلى خوض صراع مع الحكومات التونسية المتتابعة.
وقال الطاهري إن السكان ما زالوا ينتظرون «تسوية القضية قانونياً مع الدولة»، مؤكداً استعداد السكان لاستئجار البستان، بل ودفع إيجار السنوات الخمسة عشر الماضية.
أصدر الرئيس قيس سعيد مرسوماً بإنشاء «مؤسسات المواطنين»، وذكر جمنة كمثال ناجح، لذلك قام سكان الواحة بتشكيل «شركة مجتمعية» في الواحة، بلغ عدد أعضائها 334 عضواً، أي أكثر بكثير من الحد الأدنى المطلوب وهو 50 عضواً، وجميعهم يصرون على التطوع، وهو جانب فريد آخر من نوعه في هذه الواحة.
ويهدف رجال جمنة الآن إلى إنشاء مصنع لفرز وتعبئة التمور محلياً، ما يوفر فرص عمل على مدار العام لـ100 امرأة.