رغم تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي، إلا أن التكتل لا يزال يواجه صعوبة في التوفيق بين رغبته في إبرام اتفاق تجاري «مربح للطرفين» ومطالب واشنطن التي تسعى إلى تنازلات أحادية.
وكان ترامب قد أرجأ تنفيذ الرسوم التي كانت مقررة بدءًا من 1 يونيو، بعد اتصال هاتفي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ليمنح الجانبين مهلة جديدة حتى 9 يوليو من أجل التوصل إلى اتفاق.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وأكدت المفوضية الأوروبية أن المكالمة أعطت «زخمًا جديدًا» للمفاوضات، والتي اتفق الطرفان على تسريعها، إلا أنه لم ترد إشارات واضحة على حدوث تقدم فعلي أو اتفاق بشأن مسار تفاوضي لحل النزاع التجاري.
ويأمل الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق شامل يشمل إلغاء الرسوم الجمركية على السلع الصناعية بين الجانبين، بالإضافة إلى تعزيز وارداته من فول الصويا والأسلحة والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، خاصة مع سعيه إلى إنهاء الاعتماد على الغاز الروسي بحلول نهاية 2027.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وكشف مسؤول أوروبي أن بروكسل قد تنظر أيضًا في زيادة وارداتها من لحوم الأبقار الخالية من الهرمونات، كما فعلت بريطانيا في اتفاقها الأخير مع واشنطن.
وفي السياق ذاته، قالت المفوضية إنها ستطرح بقوة عرضها القائم على «التعريفة مقابل التعريفة الصفرية»، خلال مكالمة مقررة يوم الاثنين بين مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفوفيتش ووزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك.
وقال متحدث باسم المفوضية: «نعتقد أن هذا العرض يشكل نقطة انطلاق جذابة لمفاوضات قد تعود بالفائدة على جانبي الأطلسي».
كما أشار الاتحاد الأوروبي إلى إمكانية التعاون مع واشنطن في قضايا مثل الطاقة الفائضة في قطاع الصلب - التي يحمّلان مسؤوليتها للصين - والتكنولوجيا الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي.
ويطالب الاتحاد بإلغاء الرسوم الأميركية المفروضة بنسبة 25% على واردات الصلب والسيارات، بالإضافة إلى إسقاط التعريفة الجمركية «التبادلية» التي حددتها إدارة ترامب مؤقتًا عند 20% على المنتجات الأوروبية، ولكنها معلّقة حاليًا عند 10% خلال مهلة التسعين يومًا التي تنتهي في يوليو.
هوس العجز التجاري
من جهتها، تركز واشنطن على خفض العجز في الميزان التجاري السلعي مع الاتحاد الأوروبي، والذي بلغ قرابة 200 مليار يورو (228 مليار دولار) العام الماضي، رغم تمتعها بفائض ملحوظ في تجارة الخدمات.
وقدمت الولايات المتحدة قائمة بمطالبها لبروكسل، تشمل إزالة ما تصفه بـ«الحواجز غير الجمركية»، مثل ضريبة القيمة المضافة، ومعايير سلامة الغذاء الأوروبية، والضرائب الرقمية الوطنية.
ووفقًا لمصدر في الصناعة مطلع على المفاوضات، يسعى ترامب إلى اتفاق سريع يتضمن مكاسب ملموسة ورمزية في الوقت نفسه، لكنه يطالب بتنازلات تتجاوز ما يستطيع أو يرغب الاتحاد الأوروبي في تقديمه.
فعلى سبيل المثال، لا تملك المفوضية الأوروبية صلاحية التفاوض بشأن الضرائب، كونها من اختصاص كل دولة عضو على حدة.
وفي بعض الملفات، يرى بيرند لانغه، رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي والذي يقود وفدًا من النواب إلى واشنطن هذا الأسبوع، أن واشنطن تعتبر بعض السياسات الأوروبية حواجز تجارية بينما هي في الواقع مجرد معايير تنظيمية.
وقال لانغه: «يتعلق الأمر بمعاييرنا، وتنظيماتنا الخاصة بالمواد الكيميائية والرقمنة. هذه ليست حواجز غير جمركية، وليست مطروحة على طاولة التفاوض».
وأضاف أن الاتحاد قد يُعيد النظر في بعض التشريعات ليرى إن كانت مفرطة، لكنه لن يعتمد ببساطة جميع المعايير الأميركية كما تطالب واشنطن.
يُذكر أن إدارة ترامب طالبت أيضًا بإعادة توطين الصناعات - وخاصة في مجالات مثل الصلب والسيارات والهواتف المحمولة وأشباه الموصلات - داخل الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، قال وزير الزراعة الأيرلندي مارتن هيدون، إن موقف الاتحاد الأوروبي الساعي إلى صفقة متوازنة هو الموقف الصحيح، مشيرًا إلى أن «إحباط ترامب من عدم انصياع الاتحاد لمطالبه هو في حد ذاته إقرارٌ ضمني بقوة موقف بروكسل».
وأضاف: «نحن أحد أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ولا ينبغي لنا ببساطة أن نوافق على أي مطلب يصدر من البيت الأبيض. علينا أن نتفاوض ونشرح الطبيعة المتبادلة والمربحة للعلاقة التجارية بيننا».