اقتربت شركة لوكهيد مارتن الأميركية من الحكومة البريطانية لتقديم عرض بشأن المساهمة في بناء نظام دفاع صاروخي جديد في المملكة المتحدة، في خطوة تعكس تنامي القلق من التهديدات الجيوسياسية المتزايدة، وفي ظل تحرك الولايات المتحدة نحو تنفيذ مشروع «القبة الذهبية» المستلهم من «القبة الحديدية» الإسرائيلية. وأكد فرانك سانت جون، المدير التنفيذي للعمليات في لوكهيد مارتن أن الشركة ترى في نفسها شريكاً قادراً على تزويد بريطانيا بقدرات أساسية في هذا المجال، موضحاً في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» أن «لدينا بالفعل قدرات تشمل أنظمة الاعتراض، وأجهزة الاستشعار الأرضية، والوعي الفضائي، والتي يمكن أن تمنح بريطانيا قدرات أولية بسرعة كبيرة».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وأوضح سانت جون أن لوكهيد مارتن مستعدة للتعاون مع أي طرف تختاره المملكة المتحدة لبناء نظام القيادة والسيطرة اللازم لدمج تلك القدرات، وضمان توافقها مع أنظمة دفاعية أخرى داخل أوروبا وكذلك مع الولايات المتحدة.
اتصالات مع وزارة الدفاع البريطانية
أكدت مصادر دفاعية بريطانية مطلعة للصحيفة أن مسؤولي شركة لوكهيد أجروا بالفعل لقاءات مع مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية، إذ عرضوا القدرات التي يمكن للشركة تقديمها، غير أنهم استبعدوا في الوقت ذاته أن تتبنى بريطانيا نهجاً مشابهاً تماماً للولايات المتحدة في ما يخص مشروع «القبة الذهبية»، مشيرين إلى أن التركيز ينصب حالياً على تطوير أنظمة دفاع جوي وصاروخي أكثر تكاملاً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
ويُذكر أن مراجعة الدفاع الاستراتيجية التي أجراها حزب العمال مؤخراً شددت على أهمية تعزيز الدفاعات الجوية، لكنها لم تتضمن خططاً تنفيذية محددة، فيما خصصت الحكومة البريطانية مليار جنيه إسترليني فقط لهذا المجال، وهو رقم بعيد تماماً عن التكلفة المتوقعة لمشروع «القبة الذهبية» الأميركي.
أولويات بريطانيا الدفاعية
ذكرت وزارة الدفاع البريطانية في بيان رسمي أن الأولوية حالياً تتمثل في «تعزيز القدرة على رصد التهديدات الجوية والصاروخية من مسافات بعيدة، وتحسين قدرة القوات المشتركة على التصدي لها بالتعاون، إلى جانب تحسين التكامل مع شركائنا في حلف الناتو الذين يواجهون نفس التهديدات».
وقد اكتسب موضوع الدفاع الجوي والصاروخي في أوروبا اهتماماً متزايداً منذ بداية الحرب في أوكرانيا، إذ قدّر الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، أن الحلف يحتاج إلى أربعة أضعاف الأنظمة الحالية لمواجهة التهديد الروسي بشكل فعال.
تحركات لوكهيد في أوروبا
تسعى لوكهيد مارتن، التي تصنع أنظمة الدفاع الصاروخي «ثاد» و«باتريوت باك-3»، وكذلك منظومات الرادار وكوكبة أقمار «ليو» الصناعية، إلى توسيع شراكاتها الأوروبية لتأمين موقعها في سوق الدفاع الأوروبي المتنامي، خاصة في ظل دعوات أوروبية متزايدة للتركيز على شراء الأسلحة من مصادر محلية.
وتشمل شراكات لوكهيد مارتن الأوروبية التعاون مع شركة «راينميتال» الألمانية لتصنيع هياكل طائرات «F-35»، بالإضافة إلى تحالف مع «كونغسبرغ» النرويجية، كما تخطط راينميتال بالتعاون مع لوكهيد لإقامة خطوط إنتاج واسعة للصواريخ طويلة المدى في أوروبا، لتلبية الطلب الأوروبي المتزايد.
وعن مستقبل مبيعات الطائرة المقاتلة «F-35» في أوروبا وسط التوترات العابرة للأطلسي، أكد سانت جون أن الشركة لا تواجه أي تراجع، قائلاً إن «ثلاث أو أربع دول أوروبية تدرس حالياً شراء المقاتلة ضمن متطلباتها الدفاعية»، مشيراً إلى أن «الشركة لم تخسر أي صفقة في السنوات الأخيرة».
وتأتي تحركات لوكهيد مارتن في وقت تعيد فيه الولايات المتحدة النظر في منظومتها الدفاعية الجوية عبر مشروع «القبة الذهبية»، المستوحى من «القبة الحديدية» الإسرائيلية، لكنه يستهدف تهديدات أكثر تعقيداً، بما في ذلك
الصواريخ العابرة للقارات، ويعتمد بشكل كبير على القدرات الفضائية.
وتتنافس عدة شركات دفاع اميركية إلى جانب شركات تكنولوجيا من وادي السيليكون، على لعب دور في المشروع الطموح، إذ قال سانت جون إن الشركة قدمت أكثر من 100 ورقة عمل لعرض خططها، وتواصلت مع شركات تكنولوجية ناشئة بهدف الشراكة.
ومن الواضح أن لوكهيد تسعى، عبر تحركاتها في المملكة المتحدة وأوروبا، لتأمين موقعها في مستقبل الدفاع الصاروخي الغربي، في مواجهة تهديدات متزايدة وتحولات استراتيجية جذرية في مجال الأمن والدفاع.