تتصاعد المخاوف في أوروبا من تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بواقع 30% على واردات الولايات المتحدة القادمة من دول الاتحاد الأوروبي، والذي من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ مطلع أغسطس آب المقبل. لكن رغم وحدة التكتل الأوروبي، فإن التأثيرات المحتملة لهذا القرار لن تكون متساوية بين جميع دول الاتحاد، إذ تختلف درجة الاعتماد على السوق الأميركية من دولة لأخرى.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
إيرلندا في صدارة المتضررين
تُعد إيرلندا من أكثر دول الاتحاد انكشافاً على السوق الأميركية، إذ إنها تمتلك فائضاً تجارياً يبلغ 86.7 مليار دولار، وهو الأعلى بين الدول الأعضاء، بفضل استثمارات شركات الأدوية الأميركية الكبرى مثل فايزر، إيلاي ليلي، وجونسون آند جونسون.
وتستفيد هذه الشركات من النظام الضريبي الإيرلندي الذي يفرض ضريبة شركات تبلغ 15 في المئة، مقارنة بـ21 في المئة بالولايات المتحدة، ما يدفعها لاستضافة براءات اختراعها هناك وبيع منتجاتها في السوق الأميركية، التي تتميز عادة بالأسعار الأعلى.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
كما أن إيرلندا تحتضن المقرات الأوروبية للعديد من شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل أبل، وغوغل، وميتا، التي اختارت البلاد أيضاً بسبب نظامها الضريبي الجاذب.
ألمانيا.. القوة الصناعية في مواجهة التحدي
تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية في الفائض التجاري مع الولايات المتحدة بقيمة 84.8 مليار دولار، وتعتمد البلاد بشكل كبير على صادراتها الصناعية، خصوصاً السيارات، والآلات، والمواد الكيميائية، والصلب.
وتشكل السوق الأميركية نحو 23 في المئة من إيرادات شركة مرسيدس - بنز، ورغم أن بعض السيارات تُصنع داخل الولايات المتحدة للتصدير، فإن التصعيد التجاري يعرض هذه الصناعة لخطر كبير، خاصة إذا رد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم مضادة.
وقد دعت رابطة الصناعات الألمانية (BDI) السبت إلى تهدئة سريعة وتجنب التصعيد، محذّرة من أضرار محتملة على الاقتصادين الأوروبي والأميركي.
فرنسا وإيطاليا.. قطاعات مهددة رغم انكشاف أقل
في حين يبلغ فائض فرنسا مع الولايات المتحدة نحو 16.4 مليار دولار (وفقاً للبيانات الأميركية)، و44 مليار دولار بالنسبة لإيطاليا، إلا أن بعض القطاعات في البلدين مهددة بشدة.
ومن المرجح أن يكون قطاع الأغذية والمشروبات، لا سيما النبيذ والمشروبات الروحية، الأكثر تضرراً، واعتبر رئيس قسم الكروم في الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين (FNSEA) الفرنسي أن فرض رسوم تبلغ 30 في المئة سيكون «كارثة» حقيقية لهذا القطاع الحيوي.
من جانبه، حذّر اتحاد كولديريتي الزراعي الإيطالي من أن هذه
الرسوم قد تكلّف المنتجين الإيطاليين والمستهلكين الأميركيين ما يقرب من 2.3 مليار دولار.
كما أن الصناعات الفرنسية الفاخرة، مثل مجموعة إل في إم إتش (LVMH)، التي تحقق ربع مبيعاتها من السوق الأميركية، ستتأثر بشكل مباشر.
في غضون ذلك، تشكل صادرات الصناعات الجوية نحو 20 في المئة من إجمالي صادرات فرنسا للولايات المتحدة، معظمها من شركة إيرباص.
وتشمل قائمة الدول الأوروبية الأخرى التي ستتأثر من القرار النمسا والسويد، بفوائض تجارية تبلغ 13.1 و9.8 مليار دولار على التوالي.
وتُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد الصين، ووفقاً لمكتب التحليل الاقتصادي الأميركي (BEA)، يبلغ فائض التكتل التجاري مع واشنطن نحو 235.6 مليار دولار سنوياً.
وتُظهر هذه الأرقام مدى عمق العلاقات التجارية عبر الأطلسي، والتي تواجه الآن اختباراً حقيقياً في ظل السياسات الحمائية المتزايدة من جانب إدارة ترامب.
(أ ف ب)