دخلت شركات الاتصالات الفرنسية «Orange» (أورانج) و«Bouygues» (بويغ) و«Free» (فري) المملوكة لمجموعة «Iliad» (إيلياد)، في محادثات أولية لاستكشاف إمكانية تقسيم شركة الاتصالات «SFR» (إس إف آر)، المملوكة لرجل الأعمال الفرنسي-الإسرائيلي باتريك دراهي. وفقاً لمصادر مطلعة على المحادثات، يجري التفكير في سيناريو تتقاسم فيه الشركات الثلاث أصول إس إف آر، على أن تقود الصفقة إحدى شركتي بويغ أو إيلياد، بما يحقق توزيعاً متوازناً للأصول والأنشطة دون إثارة اعتراضات تنظيمية، بحسب صحيفة فاينانشال تايمز.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
تفكيك إمبراطورية دراهي وسط ضغوط ديون ضخمة
تأتي هذه الخطوة في وقت يواصل فيه دراهي تفكيك إمبراطوريته التي بناها عبر سلسلة استحواذات ممولة بالديون بلغت قيمتها نحو 60 مليار دولار خلال العقد الماضي، ومع ارتفاع أسعار الفائدة، اضطر دراهي إلى إعادة هيكلة ديون مجموعته «Altice» (ألتيس) وبيع أصول رئيسية لإرضاء الدائنين.
ويرى دراهي أن بيع إس إف آر على أجزاء هو السبيل الأمثل لتحقيق قيمة أعلى وتفادي اعتراضات هيئات المنافسة، في حال حاولت أي شركة منافسة الاستحواذ الكامل على الشركة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
قيمة إس إف آر وتفاصيل المفاوضات
تقدر شركة «New Street Research» (نيو ستريت ريسيرتش) قيمة إس إف آر، ثاني أكبر مشغل اتصالات في فرنسا، بنحو 21 مليار يورو، وأصبحت الصفقة أكثر ترجيحاً منذ أن أبرمت ألتيس اتفاقاً مع دائنيها في فبراير شباط لتقليص ديونها من 24 مليار يورو إلى 15.5 مليار يورو.
ومنذ ذلك الحين، بدأت شركات أورانج وبويغ وإيلياد بوضع تصورات حول الأصول التي قد تستهدفها كل منها، سواء شبكات أو خطوط إنتاج، كما أشارت مصادر مطلعة إلى محادثات تمهيدية بين بويغ وشركة «Blackstone» (بلاكستون) بشأن التمويل، بينما تواصل «KKR» (كيه كيه آر) و«Ardian» (أرديان) تقييم فرص الدعم المالي المحتمل.
مكاسب محتملة ومخاوف تنظيمية
تقليص عدد مشغلي الاتصالات في السوق الفرنسية من أربعة إلى ثلاثة قد يدر مليارات اليورو من الوفورات ويزيد من ربحية الشركات المتبقية، ما يدفع الأطراف إلى محاولة التوصل لاتفاق، ومع ذلك لا توجد ضمانات للتوصل إلى صفقة، إذ لا تزال الخلافات قائمة بشأن كيفية تقسيم الأصول.
وقال أحد المشاركين في المحادثات «لفترة طويلة، كانت كل شركة تفكر إما أن تأكل الكعكة وحدها أو ألا يأكلها أحد، أما الآن، فالجميع مقتنع بضرورة تقاسم الكعكة، وإلا فلن يحصل عليها أحد».
ترقب حكومي ومراقبة أوروبية مشددة
ومن المرجح أن تتبلور تفاصيل الصفقة بعد الانتهاء من إعادة هيكلة ألتيس فرانس في أكتوبر تشرين الأول المقبل، وتشير مصادر إلى أن أورانج تسعى للحفاظ على موقعها القيادي بالسوق، بينما تستهدف الحصول على حصة من قاعدة عملاء الهاتف المحمول.
من جهة أخرى، أعربت الحكومة الفرنسية عن اهتمامها بمتابعة أي عملية بيع عن كثب نظراً للطبيعة الاستراتيجية لقطاع الاتصالات ومخاوف ارتفاع الأسعار، كما حذر وزير الصناعة، مارك فيراتشي، من احتمال دخول مشترين أجانب على الخط، مؤكداً أن ذلك سيقابل بتدقيق شديد.
القرار النهائي بيد بروكسل
رغم أن باريس قد تضغط لدعم الصفقة، فإن القرار النهائي سيعود إلى الهيئات الأوروبية للمنافسة في بروكسل، وتاريخياً أبدت هذه الهيئات تحفظاً على عمليات اندماج في قطاع الاتصالات خوفاً من تقليص المنافسة ورفع الأسعار.
لكن تقرير «Mario Draghi» (ماريو دراغي) الصادر في 2024 حول تنافسية أوروبا أوصى بالسماح بمزيد من عمليات الاندماج لخلق كيانات أقوى قادرة على الاستثمار في البنية التحتية.
ويعتقد أن هذه البيئة التنظيمية المتغيرة قد تمهد الطريق لإتمام صفقة إس إف آر، إذا ما اجتمعت العناصر الثلاثة؛ بائع مستعد، وسعر مناسب، وموافقة تنظيمية.