صندوق النقد يتوقع أن تبيع مصر أصولاً بقيمة 3 مليارات دولار في العام المالي الجاري

صندوق النقد يصرف شريحة جديدة لمصر..لكن الإصلاح الهيكلي لا يحتمل التأجيل (شترستوك)
صندوق النقد يصرف شريحة جديدة لمصر..لكن الإصلاح الهيكلي لا يحتمل التأجيل
صندوق النقد يصرف شريحة جديدة لمصر..لكن الإصلاح الهيكلي لا يحتمل التأجيل (شترستوك)

توقّع صندوق النقد أن ترتفع حصيلة مصر من بيع الأصول إلى 3 مليارات دولار في 2025/2026، و2.1 مليار دولار في 2026/2027، لتعويض انخفاض الإيرادات المحققة في العام الجاري، بعد تسجيل حصيلة من بيع الأصول بقيمة 0.6 مليار دولار فقط خلال العام المالي 2024/2025.

 التقرير الفني للرابعة.. وخامسة قيد الانتظار

يغطي التقرير الأخير الصادر عن الصندوق المراجعة الرابعة فقط، والتي جرت فعلياً في مارس آذار 2025، لكنه نُشر متأخراً كونه تقريراً فنياً تحليلياً شاملاً يتطلب مصادقة المجلس التنفيذي، ويؤكد التقرير أن مبلغ الـ1.2 مليار دولار الخاص بالمراجعة قد تم صرفه بالفعل.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

أما المراجعة الخامسة، فهي مرتبطة بزيارة بعثة الصندوق إلى مصر في مايو أيار 2025، ولم يصدر عنها أي تقرير حتى الآن.

ومن الجدير بالذكر أن، اتفقت الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي على دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج التسهيل الممدد في مراجعة واحدة، مع التوقع أن تُستكمل هذه المراجعة المزدوجة بحلول خريف 2025.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ويهدف هذا الترتيب إلى منح مصر وقتاً إضافياً لتنفيذ التزاماتها المتعلقة ببرنامج الطروحات الحكومية، وتعزيز جهودها في تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، بما يشمل تحسين مناخ الأعمال وتمكين القطاع الخاص.

سيتم التطرق إلى أهم التوقعات والنقاط التي صرح بها الصندوق.

بيع الأصول يعود للواجهة بـ3 مليارات دولار متوقعة في 2025/2026

كما أشرنا عاليه، توقّع صندوق النقد أن ترتفع حصيلة مصر من بيع الأصول إلى 3 مليارات دولار في 2025/2026، و2.1 مليار دولار في 2026/2027، لتعويض انخفاض الإيرادات المحققة في العام الجاري، بعد تسجيل حصيلة من بيع الأصول بقيمة 600 مليون دولار فقط خلال العام المالي 2024/2025.

يؤكد تقرير الصندوق أن وتيرة الخصخصة بطيئة، إذ أعلنت الحكومة عن نيتها بيع 35 شركة منذ 2023، لكنها لم تنفذ سوى عمليات جزئية في 9 شركات فقط.

وفي ديسمبر كانون الأول 2024، أعلنت الحكومة قائمة تضم 11 شركة (منها 4 عسكرية و2 بنوك) لطرحها في البورصة خلال 2025، مع تنفيذ بيع 30 في المئة من بنك “المتحد”، وتعيين مستشارين ماليين لمتابعة بعض الصفقات.

الفجوة التمويلية.. تحديات قائمة رغم الدعم المؤكد

أكدت الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي أنه تم تأمين التمويل اللازم لضمان استمرار برنامج الإصلاح الاقتصادي حتى نهايته في أكتوبر تشرين الأول 2026.

وتبلغ الاحتياجات التمويلية لتحقيق أهداف الاحتياطي الأجنبي المعدلة نحو 11.4 مليار دولار في العام المالي 2024/2025، و5.8 مليار دولار في 2025/2026، دون احتساب مشتريات صندوق النقد.

وقد حصلت مصر بالفعل على التزامات تمويل مؤكدة من شركاء دوليين خلال الـ12 شهراً المقبلة، تغطي الفجوة التمويلية بالكامل، بما يشمل تمويلات مرتبطة ببيع حقوق تطوير أو أصول عقارية.

كما حصلت مصر على تعهدات من دول عربية بالإبقاء على ودائعها الرسمية في البنك المركزي بقيمة 18.3 مليار دولار حتى نهاية البرنامج، إلا في حال استخدامها في شراء حصص ملكية.

ويُعزز البرنامج أيضاً من فرص التمويل الخارجي من مؤسسات دولية وجهات ثنائية رسمية، إلى جانب إمكانية اللجوء لأسواق رأس المال الدولية.

الإصلاح المناخي والهيكلي.. ضرورة متأخرة

تبنت الحكومة استراتيجية المناخ الوطنية 2050، والمساهمات المحددة وطنياً، مصر تحتاج إلى ما لا يقل عن 246 مليار دولار لتنفيذ التزاماتها المناخية حتى 2030، منها 196 مليار دولار لجهود التخفيف و50 مليار دولار للتكيف.

يوصي الصندوق بـإزالة تدريجية للدعم عن الوقود، وتوجيه 50 في المئة من العائدات لتقليص عجز الموازنة، ما قد يرفع الناتج المحلي بنسبة 7.3 في المئة بحلول 2030 و13.8 في المئة بحلول 2040، إلى جانب تعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة.

وفي يونيو حزيران 2023، قامت مصر بتحديث مساهماتها المحددة وطنياً (NDCs)، لكنها جاءت مشروطة بدعم دولي، ولم تتضمن أهدافاً غير مشروطة.

وعلى صعيد التكيف، تركز مصر على الحد من الهشاشة في ثمانية قطاعات أساسية تشمل المياه، والزراعة، والسواحل، والتنمية الحضرية، والسياحة، وإدارة الكوارث، والصحة، والتنوع البيولوجي، والتعليم.

أما في مجال التخفيف من الانبعاثات، فتظل الأهداف متواضعة نسبياً، إذ لم تحدد مصر هدفاً وطنياً شاملاً لخفض الانبعاثات، وإنما تركزت التزاماتها على ثلاثة قطاعات فقط بحلول 2030 مقارنة بمستويات «العمل كالمعتاد» (BAU).

فقد تستهدف مصر ضمن مساهماتها المحددة وطنياً خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2030 مقارنة بمسار العمل المعتاد، بنسبة 37 في المئة في قطاع الكهرباء، و65 في المئة في الغازات المصاحبة بقطاع النفط والغاز، و7 في المئة في قطاع النقل.

كما انضمت مصر إلى تعهد خفض الميثان العالمي في 2022، والذي يستهدف تقليص الانبعاثات بنسبة 30 في المئة بحلول 2030، وتعهدت بتوليد 30 في المئة من الكهرباء من مصادر متجددة خلال الفترة نفسها.

 تقدم في الضبط والأداء المالي.. تأخر في الهيكلة

رغم تحقيق تقدم ملحوظ في مسار الضبط المالي، فإن أداء البرنامج يوصف بأنه «مختلط»، خاصة في ما يتعلق بتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي.

وفي ضوء الظروف الاقتصادية الصعبة داخلياً وخارجياً، طلبت الحكومة إعادة تعديل الأهداف قصيرة الأجل، إذ تم خفض مستهدف الفائض الأولي إلى 4 في المئة من الناتج المحلي في 2025/2026، أقل بـ0.5 نقطة مئوية من التقديرات السابقة، مع العودة إلى 5 في المئة في 2026/2027.

يعتبرالهدف من هذا التعديل هو خلق مساحة للإنفاق الاجتماعي على الفئات الأكثر هشاشة دون المساس بهدف استدامة الدين.

كما سجل الفائض الأولي في أول خمسة أشهر من 2024/2025 نحو 1 في المئة من الناتج المحلي، أي أكثر من ضعف الفترة نفسها من العام السابق، مدفوعاً بتحسن الإيرادات الضريبية من الواردات وعوائد أدوات الدين المحلية وضبط الاستثمارات الحكومية.

ووفقاً لتقرير الصندوق، فقد استوفت مصر 8 من أصل 17 معياراً هيكلياً في المراجعة الرابعة، مع تسارع في تنفيذ أجندة الإصلاحات الهيكلية بدءاً من فبراير شباط 2025.

وشملت هذه الإجراءات تعزيز الشفافية المالية، وتعديل إطار المنافسة، وتحسين حوكمة البنوك المملوكة للدولة، وتقوية الميزانية العمومية للبنك المركزي.

توقعات النمو والتضخم

انخفض النمو الاقتصادي إلى 2.7 في المئة في 2023/2024، ليصل إلى 2.4 في المئة فقط في 2024/2025. ويُتوقَّع أن يبدأ التعافي تدريجياً بدءاً من 2025/2026، مع تسجيل نمو بنسبة 4.1 في المئة، ثم من المتوقع أن يرتفع إلى 4.6 في المئة في 2027/2028، ليبلغ 5.4 في المئة بحلول 2029/2030.

ويرتبط هذا التحسن المتوقع بوتيرة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال، وتقليص الدور الاقتصادي للدولة لصالح تمكين القطاع الخاص.

أما على صعيد التضخم (نهاية الفترة)، فقد انخفض مؤشر أسعار المستهلكين إلى 29.3 في المئة في 2023/2024، ليستقر عند 27.5 في المئة في 2024/2025.

وتشير التوقعات إلى تراجع تدريجي للتضخم ليصل إلى 5.3 في المئة بحلول 2029/2030، مدفوعاً بتأثيرات تشديد السياسة النقدية، وإصلاح نظام التسعير، وتقليص التشوهات الناتجة عن تحرير سعر الصرف.

التمويل المحلي والخارجي.. فجوة قائمة رغم التحسن

شهدت أدوات التمويل المحلي تحسناً نسبياً، إذ تم الاعتماد على مزادات أسبوعية لأذون الخزانة، وتوسيع آجال أدوات الدين (9 أشهر، 12 شهراً، وسندات 3 سنوات).

ورغم ذلك، لا تزال هناك قيود على قدرة السوق المحلية على استيعاب مزيد من أدوات الدين، فيما ترفض الحكومة العروض ذات العوائد المرتفعة بسبب رهانها على تراجع العوائد في المستقبل القريب.

على مستوى التمويل الخارجي، يتوقع أن يتسع عجز الحساب الجاري في 2024/2025 نتيجة ارتفاع الواردات، واستمرار ضعف ميزان النفط وتراجع إيرادات قناة السويس.

لكن التعافي القوي في التحويلات والسياحة والاستثمار الأجنبي المباشر سيساعد في تحقيق التوازن.

من المتوقع التحسن تدريجي في الاحتياطي الأجنبي، إلا أن هذا التحسن يظل محدوداً بفعل استمرار ضعف إيرادات قناة السويس حتى نهاية 2025.

بشكل عام، تُظهر الوثائق أن مصر تحقق تقدماً فعلياً في تنفيذ برنامجها الاقتصادي والمالي رغم الضغوط الإقليمية والتحديات الهيكلية المتراكمة.

إلا أن التقدم في الإصلاحات البنيوية، خاصة تلك المرتبطة بتقليص دور الدولة وتمكين القطاع الخاص، لا يزال بطيئاً، مع تباين في التنفيذ على مستوى السياسات المناخية ومبادرات الشفافية.

وأشار الصندوق إلى ضرورة تعزيز الرقابة على الكيانات شبه الحكومية مثل الهيئة المصرية العامة للبترول EGPC وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة NUCA، ودمجها في الموازنة العامة، واتخاذ إجراءات حاسمة لتقليص وجود الدولة في الاقتصاد، وتحسين الشفافية، وتعزيز دور القطاع الخاص.

شدد الصندوق على أن وتيرة الإصلاحات الهيكلية لا تزال بطيئة، خاصة في ما يتعلق بتقليص دور الدولة وتمكين القطاع الخاص.

كما حذر من استمرار اعتماد النمو على استثمارات الدولة غير المنتجة، وهو ما يضعف خلق الوظائف ويُوسع القطاع غير الرسمي، لا سيما مع ارتفاع بطالة الشباب إلى ثلاثة أضعاف المعدل العام.