رجّح مركز أبحاث عالمي في مجال الطاقة، يوم الجمعة، أن تسجل انبعاثات الكربون في الصين رقماً قياسياً جديداً خلال العام الجاري، إثر انتعاش اقتصادي، لافتاً إلى أن التوسع السريع في الطاقة الخضراء سيصل بانبعاثاتها إلى ذروتها قريباً على أن تبدأ في الانخفاض بعد ذلك.
وسجلت الصين، أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، ارتفاعاً في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 4 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات طن، وهو أعلى رقم مسجل في ربع أول، وفقاً لتقرير جديد صادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف لموجز الكربون.
وأرجع مركز الأبحاث ومقره هلسنكي، أسباب هذا الارتفاع إلى الانتعاش الاقتصادي بعد نهاية سياسة الصين «صفر كوفيد» لمكافحة فيروس كورونا، وإجراءات التحفيز الاقتصادي، وضعف توليد الطاقة المائية؛ بسبب استمرار الجفاف.
وقال المحللان في المركز، لوري ميليفيرتا وتشي تشين، إنه «بالنظر إلى بقية العام، فإن تركيز الحكومة على النمو الاقتصادي يعني أنه من المرجح أن تصل انبعاثات الصين إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في 2023، لتتجاوز الذروة السابقة في عام 2021».
ولفتا إلى إمكانية وصول الانبعاثات إلى ذروتها قريباً، خاصة بعدما سرعت الصين من دفع الطاقة النظيفة وعززت من تركيب الطاقة الشمسية و طاقة الرياح.
وقالا «إنه في حالة استمرار التوسع السريع في الطاقة منخفضة الكربون، يمكن أن تبلغ الانبعاثات ذروتها، بمجرد انتهاء التعافي بعد كوفيد».
وكان الاقتصاد الصيني قد شهد انتعاشاً في الربع الأول من العام الجاري، مع تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.5 في المئة، وفقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة الشهر الماضي.
كما حددت الحكومة سابقاً هدف النمو ليبلغ نحو 5 في المئة للعام الجاري، في الوقت الذي رفعت فيه العديد من البنوك الاستثمارية توقعاتها إلى 5.5 في المئة.
زيادة إنتاج الفحم
وكان توليد الكهرباء أكبر مسهم في ارتفاع نسبة الانبعاثات، وأظهر التقرير أن إنتاج الطاقة من الفحم زاد بنسبة 2 في المئة عن العام الماضي.
ويستخدم الفحم على نطاق واسع في التدفئة، وتوليد الطاقة، وصناعة الصلب، علماً أنه المصدر الرئيسي للطاقة في الصين.
وعززت الصين من إنتاج الفحم منذ الصيف الماضي عندما ضربت أسوأ موجة حر وجفاف منذ عقود الطاقة الكهرومائية، ثاني أكبر مصدر للطاقة في البلاد.
ووفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، ارتفع إنتاج الفحم بنسبة 11 في المئة خلال العام الماضي مقارنة بعام 2021.
ولتعزيز واردات الفحم، ألغت الصين قيودها على الفحم الأسترالي في وقت سابق من العام الجاري، لتنهي الحظر غير الرسمي الذي استمر لأكثر من عامين، ومن ثم، ارتفع إجمالي واردات الصين من الفحم بنسبة 96 في المئة في الربع الأول، عن العام الماضي.
وقال محللا مركز أبحاث الطاقة إن ثاني أكبر سبب لارتفاع الانبعاثات هو زيادة حجم الإنتاج من مواد البناء، وخاصة الصلب والأسمنت، ويرجع ذلك إلى إجراءات التحفيز الحكومية للصناعات التحويلية والبناء.
وأضافا أن هذا سيؤدي حتماً إلى زيادة حادة في الإقراض والاستثمارات المصرفية، خاصة في مجالات التصنيع والنقل وإنتاج الطاقة.
الطاقة النظيفة
وعلى الرغم من ذلك، تتمسك الصين عبر خططها المستقبلية باعتقادها أن الطاقة النظيفة هي مستقبلها.
وأعاد الرئيس شي جينبينغ التأكيد على رؤيته لصِين خضراء وجميلة في فبراير شباط، ودعا إلى ثورة في الطاقة لتحقيق الحياد الكربوني على المدى الطويل.
ووفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن إدارة الطاقة الوطنية، فإن المنشآت الشمسية بلغت مستوى قياسياً بنحو 34 غيغاواط في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، أي ما يناهز ثلاثة أضعاف الارتفاع السابق البالغ 13 غيغاواط في الفترة ذاتها من العام الماضي.
كما كشفت وكالة الطاقة النووية عن وصول منشآت طاقة الرياح الجديدة إلى مستوى قياسي، موضحة أنها بلغت 10.4 غيغاواط في الأشهر الثلاثة حتى مارس آذار من العام الجاري، ما يعكس زيادة نسبتها 32 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأشار محللا مركز أبحاث الطاقة إلى أن مصادر الطاقة هذه، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والنووية، تجاوزت 50 في المئة من قدرة الطاقة المركبة في الصين في الربع الأول، لتتفوق على القدرة القائمة على الوقود الأحفوري لأول مرة في التاريخ.
وقالا إنه «عندما يتطابق نمو الطاقة منخفضة الكربون، ثم يتجاوز الزيادة السنوية في الطلب على الكهرباء، فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستبلغ ذروتها».
(لورا هي – CNN)