رغم أننا لم نقطع سوى منتصف الطريق في 2023، فإن العام الجاري بدأ بالفعل في تحطيم الأرقام القياسية الخاصة بتداعيات أزمة المناخ العالمية، وبالفعل دق بعض العلماء ناقوس الخطر؛ خوفاً من دلائل ارتفاع درجات الحرارة والمحيطات الساخنة وانخفاض مستويات الجليد في القطب الجنوبي، لتشير إلى تسارع ارتفاع درجة حرارة الكوكب بوتيرة أسرع كثيراً مما كان متوقعاً.
تقول جينيفر مارلون، عالمة الأبحاث في ييل للبيئة لشبكة «CNN»، إن «هذه التغييرات مقلقة للغاية بسبب ما تعنيه بالنسبة للأشخاص في هذا الصيف وكل صيف مقبل، ولن يتوقف القلق حتى نخفض انبعاثات الكربون بوتيرة أسرع بكثير مما نفعله حالياً».
ما هو مؤتمر المناخ كوب 28؟
لقد أصبح العالم أكثر دفئاً بمقدار 1.2 درجة مئوية عما كان عليه في أوقات ما قبل الصناعة، ومن المتوقع أن تكون السنوات الخمس المقبلة الأكثر سخونة على الإطلاق.
من جهته، أضاف تيد سكامبوس، عالم الجليد في جامعة كولورادو بولدر الأميركية، لشبكة «CNN»، قائلاً «كنا نقول إن العقود القليلة المقبلة ستصبح أكثر دفئاً باستمرار، والآن لن نتمكن من العودة بالزمن إلى الوراء حتى نتجنب ذلك».
ارتفاع درجات الحرارة العالمية
تظهر البيانات العالمية أن العام الجاري من أكثر الأعوام سخونة حتى الآن، وشهدت الأيام الأحد عشر الأولى من شهر يونيو حزيران، أعلى درجات حرارة مسجلة لهذا الوقت من العام، وفقاً لتحليل خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
ووجد العلماء أيضاً أن هذه هي المرة الأولى التي تتجاوز فيها درجات حرارة الهواء العالمية خلال شهر يونيو حزيران، مستويات ما قبل الصناعة بأكثر من 1.5 درجة مئوية.
ترتفع درجات الحرارة بطريقة هيستيرية في كل مكان، ففي كندا اجتاحت موجة حر خانقة بشكل غير عادي معظم أنحاء البلاد، لتمهد الطريق لحرائق الغابات غير المسبوقة التي اشتعلت بالفعل مبكراً، وسجلت خطراً أكبر بنحو 15 مرة من المتوسط، إذ وصلت بدخانها إلى الولايات المتحدة.
وفي سيبيريا، ارتفعت درجات الحرارة فوق 100 درجة فهرنهايت. كما تواجه أجزاء من أميركا الوسطى درجات حرارة شديدة، كما شهدت بورتوريكو حرارة شديدة خلال الشهر الجاري، إذ وصلت درجات الحرارة إلى أكثر من 120 درجة فهرنهايت، وفقاً لخدمة الطقس الوطنية.
كما شهدت مناطق جنوب شرق آسيا أقسى موجة حرارة مسجلة، بينما تسببت درجات الحرارة القياسية في الصين في نفوق الحيوانات، أثارت مخاوف بشأن الأمن الغذائي بسبب تأثر المحاصيل الزراعية.
حرارة المحيطات
ترتفع درجة حرارة المحيطات إلى مستويات قياسية ولا تظهر أي علامة على التوقف عند حد معين، بدأ ارتفاع درجات حرارة سطح المحيط في إثارة قلق العلماء في مارس آذار، ثم حققت قفزة كبيرة في أبريل نيسان، ومع ذلك، كان الشهر الماضي الأكثر سخونة على الإطلاق بالنسبة لمحيطات العالم، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
في عام 2022، حطمت محيطات العالم أرقاماً قياسية في درجات الحرارة للعام الرابع على التوالي.
قال عالم المناخ ماكسيميليانو هيريرا، لشبكة «CNN» إن «المناطق الاستوائية والمحيطات تشهد بالفعل ارتفاعاً سريعاً في درجات الحرارة، كان ذلك متوقعاً؛ لكن ليس بهذه السرعة».
يتسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات في عواقب وخيمة، بما في ذلك انقراض الحياة البحرية، وارتفاع مستويات سطح البحر.
الجليد في القطب الجنوبي عند أدنى مستوياته
وصل الجليد في القطب الجنوبي حالياً إلى أدنى مستوياته القياسية في هذا الوقت من العام، مع قلق بعض العلماء من أن ذلك يمثل علامة أخرى على أن أزمة المناخ قد وصلت إلى هذه المنطقة المعزولة.
في أواخر فبراير شباط، وصل الجليد في القطب الجنوبي إلى أدنى مستوى له منذ بدء التسجيلات في السبعينيات من القرن الماضي، وذلك عند 691 ألف ميل مربع.
قال سكامبوس إن «التراجع استثنائي ومثير للقلق حقاً، ما يؤكد أن مساحة الجليد في القارة القطبية الجنوبية تبلغ نحو 386 ألف ميل مربع، أي ضعف مساحة كاليفورنيا».
مستويات ثاني أكسيد الكربون
سجلت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الهواء، الناتجة من حرق الوقود الأحفوري، رقماً قياسياً في مايو أيار، وفقاً لمعهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا.
وأشار العلماء في بيان إلى أن الرقم القياسي البالغ 424 جزءاً في المليون يستمر في الارتفاع المستمر، وقالت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إن مستويات التلوث الكربوني التي تفاقم أزمة المناخ، أعلى الآن بأكثر من 50 في المئة مما كانت عليه قبل بدء الثورة الصناعية.
وقال ريك سبينراد، مدير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، في بيان «نرى كل عام مستويات ثاني أكسيد الكربون في غلافنا الجوي تزداد كنتيجة مباشرة للنشاط البشري، في كل عام، نرى آثار تغير المناخ في موجات الحرارة والجفاف والفيضانات وحرائق الغابات والعواصف التي تحدث في كل مكان حولنا».
(راتشيل راميرث – CNN)