جرى بناء العشرات من المنازل في ولاية فرجينيا الأميركية لإيواء العائلات، وأخرى من أجل استيعاب أفراد فقراء في ريف المكسيك، المدهش في تلك المنازل أنها لم تُبنَ بأيدي البشر، بل جرى بناؤها من قِبل طابعة ثلاثية الأبعاد عملاقة تعتبر هي الأكبر في العالم.
فالعالم الآن بانتظار الانتهاء من أكبر حي مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم وهو قيد الإنشاء حالياً في ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأميركية.
يمكن أن تكون هذه التكنولوجيا مفيدة بشكل خاص في بعض الأماكن خاصة تلك التي بحاجة لبناء الكثير من المنازل في غضون فترة قصيرة.
وقال حبيب داغر، المدير التنفيذي لمركز الهياكل المتقدمة والمركبات بجامعة ماين، لشبكة CNN عبر مكالمة فيديو “لا يستطيع الناس العثور على منازل، فهي باهظة الثمن.. لدينا أيضاً شيخوخة سكانية، فهناك عدد أقل من الكهربائيين والسباكين والبنائين”.
ويقول إن لديه الحل، ففي الشهر الماضي، كشف مركز الهياكل المتقدمة والمركبات بجامعة ماين عمَّا يُقال إنها أكبر طابعة بوليمر ثلاثية الأبعاد في العالم.
ويأمل داغر أن تساعد الطابعة التي تم إطلاق اسم «مصنع المستقبل 1.0» عليها، في معالجة أزمة الإسكان في الولاية، وإحداث ثورة في الطباعة المنزلية ثلاثية الأبعاد في هذه العملية.
ويقول: «إن النهج الذي اتبعناه يختلف تماماً عمَّا رأيته، والذي كنت تقرأ عنه منذ سنوات».
منزل كل 48 ساعة
وأوضح حبيب داغر، المدير التنفيذي لمركز الهياكل والمركبات المتقدمة، جامعة ماين، أنه يمكن للطابعة الجديدة إنتاج أشياء يصل حجمها إلى 96 قدماً وعرضها 32 قدماً، وارتفاعها 18 قدماً، ويمكنها طباعة ما يصل إلى 500 رطل في الساعة.
ويقول داغر إن الهدف هو أن نتمكن من طباعة 1000 رطل من المواد في الساعة، وبهذا المعدل، يمكنه طباعة منزل ثلاثي الأبعاد خلال 48 ساعة.
ويضيف أنه إذا تمكنوا من الوصول إلى هذا الهدف، فإن منازلهم المطبوعة ثلاثية الأبعاد ستكون «تنافسية للغاية مع تكاليف بناء المساكن الحالية».
وفي السنوات الأخيرة، تم استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لبناء كل شيء، من الشركات إلى الجسور إلى المساجد.
بل إن إحدى المنظمات غير الربحية تعمل على إنشاء مدارس للطباعة في منطقة حرب، وحصلت دبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، على الرقم القياسي العالمي لموسوعة غينيس لأكبر هيكل مطبوع ثلاثي الأبعاد في العالم، وتهدف إلى تشييد 25 في المئة من المباني الجديدة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول عام 2030.
وتعتمد الغالبية العظمى من الطباعة الحالية على الخرسانة، مع ذراع آلية مزودة بفوهة لوضع طبقات الخرسانة الرطبة في الشكل الصحيح.
ويقول داغر إن طابعة مركز الهياكل المتقدمة والمركبات بجامعة ماين العملاقة، وسابقتها التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2019 باعتبارها “أكبر نموذج أولي لطابعة بوليمر ثلاثية الأبعاد”، هما الطابعتان الوحيدتان اللتان تبنيان المنازل ببقايا الخشب.
وجرى بالفعل اختبار هذه التكنولوجيا، ففي أواخر عام 2022، كشفت الجامعة عن “منزل ثلاثي الأبعاد عبارة عن وحدة عائلية تبلغ مساحتها 600 قدم مربع، وتقول إنها أول منزل مطبوع من مواد طبيعية بنسبة 100 في المئة في العالم حيث إنه مبني من ألياف الخشب المحلية.
إلا أن داغر يكشف أيضاً عن بعض نقاط الضعف، إذ يقول إن بناء المنازل الخرسانية في الموقع يمكن أن يكون مشكلة، خاصة خلال فصل الشتاء الثلجي، مضيفاً أنه «عندما يسوء الطقس لمدة أسبوعين متواصلين، لا يمكنك الطباعة».
يمكنك طحن المنزل وطباعة شيء آخر!
تضفي الأرضيات والجدران الخشبية الدافئة في المنزل ثلاثي الأبعاد مظهراً أنيقاً وحديثاً مستوحى من الطراز الاسكندنافي.
يقول داغر: «يشعر الكثير من الناس أن الخرسانة شيء بارد للنظر إليه، وأنها ليست بالضرورة المكان الذي تريد أن تعيش فيه».
ويتميز البيت بكونه مستداماً، وعندما لا تكون هناك حاجة إلى منزل أو عدم الرغبة فيه، يمكن طحنه واستخدامه لطباعة شيء آخر.
قام الآلاف من الأشخاص بجولة في النموذج الأولي في حرم الجامعة في أورونو بولاية ماين، ويقول داغر إنه من النادر أن لا يسأل الزائر: «متى يمكنني الحصول على واحدة؟».
ولكن هناك بعض العقبات التي يجب التغلب عليها أولاً، يقول داغر «يستغرق تغيير القوانين سنوات»، في إشارة إلى قوانين البناء التي يجب على شركات البناء الالتزام بها.
ويتوقع أن الطابعة لن تحل محل بناء المنازل التقليدية، ولكن في المستقبل من المرجح أن تشكل المنازل المطبوعة ثلاثية الأبعاد حصة أكبر من بناء المساكن في العالم.