كان تغير المناخ -ولا يزال- من القضايا المحورية في السياسات الأميركية، لكن في الفترة الأخيرة، يبدو أن الحزب الديمقراطي قلل من التركيز على هذا الموضوع؛ ما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع.

السر قد يكمن في تغير الأولويات السياسية، أو استراتيجيات الحزب الديمقراطي، أو الاستجابة لانتقادات داخلية وخارجية، أو التغيرات في المشهد الإعلامي، وقد يكون تحسباً للتداعيات المستقبلية للسياسات البيئية ومدى دعم القاعدة الشعبية لقضايا تغير المناخ.

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، يواجه الحزب الديمقراطي ضغوطاً كبيرة للتركيز على قضايا أكثر إلحاحاً قد تكون أكثر جاذبية للناخبين، مثل قضايا الاقتصاد والضرائب، والتنافس مع الجمهوريين في هذه القضايا قد يجعلهم يوجهون اهتمامهم بعيداً عن تغير المناخ.

كما أن التحولات في أولويات الناخبين قد تكون سبباً، فالدراسات تشير إلى أن قضايا مثل الأمن القومي والهجرة أصبحت أكثر بروزاً في اهتمامات الناخبين، ما قد يفسر تراجع التركيز على قضايا المناخ، وفقاً لما أشارت إليه «واشنطن بوست».

يحاول الحزب الديمقراطي أن يتبنَّى استراتيجيات تركز على تحقيق التوازن بين المضي قُدُماً في سياسات تغير المناخ، وبين تجنب التصادم مع قضايا أخرى تهم الناخبين.

وبدلاً من التحدث عن مشكلات تغير المناخ بشكل متكرر، قد يركز الديمقراطيون على عرض إنجازاتهم السابقة في هذا المجال، مثل تمرير قوانين تهدف إلى تقليل الانبعاثات أو تعزيز الطاقة النظيفة.

الجمهوريون كثيراً ما ينتقدون السياسات البيئية التي يتبناها الديمقراطيون، ما قد يؤدي إلى توخي الديمقراطيين الحذر في تناول هذه القضية بشكل مكثف لتفادي المزيد من الانتقادات.

أضف لذلك تحديات التفاوض مع الشركات، حيث يمكن أن يكون هناك ضغط من الشركات الكبرى التي تستثمر في الصناعات التي تؤثر على البيئة، ما يدفع الديمقراطيين إلى تبني مواقف أكثر مرونة لتفادي النزاعات الكبيرة.

وتمثل تغطية وسائل الإعلام عنصراً رئيسياً في تعاطي الحزب الديمقراطي مع قضايا المناخ، فقد تكون وسائل الإعلام أعطت أهمية أكبر لقضايا أخرى في الفترة الحالية؛ ما يسهم في تقليص التركيز الإعلامي على قضايا تغير المناخ.

وهذا ما قد يجعل الحزب الديمقراطي متردداً في دفع قضايا تغير المناخ إلى واجهة الأخبار بشكل كبير؛ خوفاً من أن يتم تحويل النقاش إلى قضايا خلافية قد تؤثر سلباً على دعمه.

والتداعيات المستقبلية لقرارات الحزب الديمقراطي قد تكون سبباً في الصمت عن قضايا المناخ، وقد يؤثر الصمت الحالي على كيفية صياغة السياسات البيئية المستقبلية، خاصة إذا استمر التركيز على قضايا أخرى، وإذا استمر الصمت، قد يؤثر ذلك على مدى دعم القاعدة الشعبية لقضايا تغير المناخ، ويقلل من الضغط العام لتحقيق تغييرات ملموسة في هذا المجال.

في ظل التحديات السياسية الحالية، يبدو أن الحزب الديمقراطي يواجه صعوبة في الحفاظ على التركيز على قضايا تغير المناخ، رغم الانخفاض النسبي في التركيز على هذه القضية؛ لأن الوضع الحالي يعكس تعقيد السياسة الأميركية وحاجتها إلى التوازن بين القضايا المختلفة التي تهم الناخبين.