في أعقاب الإعصار العنيف الذي اجتاح المناطق النائية في كارولينا الشمالية، تجد البلدات المتضررة نفسها غارقة في أزمة مياه حادة، فالإعصار الذي تسبب في وفاة مئات الأشخاص، أفسد نظام المياه في مدينة أشفيل وترك السكان دون مياه شرب نظيفة؛ ما أجبرهم على الاعتماد على المياه المعبأة أو المصادر الطبيعية.
وبينما يعاني السكان من آثار الإعصار القاسية، تبرز معاناة أخرى تمسُّ الحياة اليومية؛ وهي كيفية الحصول على مياه الشرب والاستحمام.
إعصار هيلين المدمر
بعد أسبوع مرهق من البحث عن جار جرفته مياه إعصار «هيلين» العاتية، تعيش نيكول كرين، المنهكة والمفعمة بالدموع، على أمل بسيط: أخذ حمام.
لكن كرين إلى جانب 100,000 من سكان مدينة أشفيل في ولاية كارولينا الشمالية، محرومون من المياه الصالحة للشرب، ويعتمدون على المياه المعبأة، أو في بعض الأحيان على مياه الأنهار والينابيع.
وأخيراً، عثرت فرق الكلاب على جثة جارتها يوم الجمعة، حيث قالت كرين لوكالة «فرانس برس» يوم السبت «عدم وجود مياه نظيفة لم يكن من الأولويات». جاء ذلك أثناء توزيع شاحنة قريبة للمياه التي أصبحت سلعة ثمينة.
وفي ظل محاولة المنطقة التعافي من الإعصار الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 226 شخصاً في جنوب شرق الولايات المتحدة، وإغراق جبال كارولينا الشمالية بالأمطار الغزيرة، أصبحت مسألة الوصول إلى المياه من أبرز التحديات.
تسببت الأضرار الناجمة عن الفيضانات في تعطيل نظام المياه في أشفيل بشكل كبير.
وصفت كرين التي كانت ترتدي قميصاً أحمر، وتحمل في ملامحها آثار اليأس، بحثها اليائس عن جارها، وهو رجل شاهدته آخر مرة «على سطح منزله، ينجرف مع النهر»، الآن وبعد معرفتها مصيره المأساوي، تكافح للحفاظ على تماسكها.
قالت كرين: «أشعر بالقذارة حالياً، وأنا مرهقة وجائعة»، وانفجرت في البكاء. سمعت كرين أن هناك حمامات متاحة على بعد 50 كيلومتراً، ولكن هذا بعيد جداً، وأضافت: «سأعود وأحصل على بعض المياه لغسل وجهي».
مياه الأنهار
على بعد خطوات قليلة، فتح جيسيكا بيكرينغ وزوجها مايكل صمامات صهريج سعته 6,200 غالون (23,500 لتر)، تموله منظمة «المطبخ المركزي العالمي»، لملء الزجاجات والعبوات التي يحملها السكان بامتنان.
شللي هيوز، 64 عاماً، وابنها أوين، 27 عاماً، يحملان دلاء ثقيلة من الماء إلى صندوق سيارتهما، ضحكت شللي قائلة: «مغامرة اليوم الكبرى هي العثور على مياه للمرحاض»، وذلك لعائلتها وجيرانها غير القادرين على التحرك.
يلجأ الآلاف من السكان إلى وسائل بدائية أكثر، حيث يجمعون مياه الأنهار القريبة لاستخدامها في المراحيض، تُوزع عبوات المياه المعبأة من قبل المتطوعين في مواقف الكنائس والمدارس في جميع أنحاء المنطقة، وتستخدم للشرب والطهي والتنظيف.
أزمة المياه
تعد أزمة المياه في هذه المنطقة التي تضررت بفعل أقوى إعصار يضرب الولايات المتحدة منذ إعصار كاترينا عام 2005، جزءاً من الحياة اليومية للسكان، ويُتوقع أن تستمر لفترة طويلة.
تنسق مدينة أشفيل العمل لاستعادة إمدادات المياه إلى طبيعتها، لكن أحد كبار المسؤولين في المدينة رفض تحديد موعد دقيق لعودة الأمور إلى مسارها الطبيعي.
كانت المدينة قد ركبت أنابيب مياه احتياطية في عام 2004، لكن الإعصار «هيلين» جرفها جميعاً خلال مروره المدمر في 27 سبتمبر، وهي كارثة تفاقمت بفعل تغير المناخ، حسب ما يقول العلماء.
مياه الينابيع
في مكان بعيد عن المدينة، في أحد الوديان الجبلية، يعيش كلايد هوليفيلد وزوجته أدريان، وهما ثمانينيان، في منزل صغير أبيض تحت مظلة من الأشجار، بعيداً عن أي متجر، كان ينبوع ماء قريب يوفر لهما المياه العذبة عبر أنبوب صغير، لكن مياه الفيضانات العارمة جرفت هذا الأنبوب.
قال هوليفيلد الذي يرتدي لحية بيضاء طويلة: «كان الأمر مثل تسونامي». وباستخدام قطع خشبية متفرقة، بنى جسراً مؤقتاً لدعم أنبوب ماء جديد.
وصلت جارتهم، جونيبير أوديل، هي وزوجها يعتمدان على مياه الينبوع أيضاً، لكن الإعصار ألحق به أضراراً، وكحال العديد من السكان في هذه المناطق النائية، اضطروا لإصلاحه بأنفسهم.
وفي اتجاه مجرى النهر، على بعد بضعة أميال من قرية «شيميني روك» التي محاها الإعصار تقريباً، تستخدم ساحة انتظار لشركة تكييف كمستودع لصفوف من عبوات المياه المعبأة.