يتزايد اهتمام الناشطين البيئيين حول العالم بالبحث عن إجابة التساؤل: هل سينجح تخصيص أرصدة لحماية التنوع البيولوجي في توفير التمويل اللازم لحماية الطبيعة؟ أم ستتكرر الفضائح التي لاحقت كثير من النظم المالية السابقة التي تم ابتكارها لدعم الأنشطة البيئية؟
إن دفع تكلفة حماية الغابات المطيرة الاستوائية أو تحمل عبء التعويضات عن تدمير البيئة هو مجال ذو اهتمام متزايد، وسوف تبرز تجارة الأرصدة في مجال الحفاظ على البيئة في قمة التنوع البيولوجي التابعة للأمم المتحدة «كوب 16» المُنعقد هذا الشهر في كولومبيا.
وما زال سوق تداول شهادات وأرصدة التنوع البيولوجي جديداً وغير منظم وتطارده مخاوف “التضليل البيئي.”
يقول المؤيدون إن سوق الأرصدة يمكن أن يعوض المتضررين بيئياً من الصناعة، على سبيل المثال عندما يؤثر إنتاج منجم على البيئة المحيطة يلتزم مالك المنجم بالتعويض عن الضرر عن طريق شراء الأرصدة من المنظمات التي تدعم الطبيعة والتنوع البيولوجي.
ولكن ضمان نزاهة تخصيص وتأثير هذه الأرصدة يشكل تحدياً هائلاً لقطاع لا يتمتع بمعايير دولية مشتركة.
وقد توقف السوق الطوعي لائتمانات الكربون بعد الكشف عن أن بعض التعويضات الأكثر تداولاً لم تقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري كما وعدت.
ولكن في مؤتمر الأطراف الأخير للتنوع البيولوجي، الذي عُقد في مونتريال بكندا، وافقت الدول على تخصيص 200 مليار دولار سنوياً لدعم الأنشطة البيئية بحلول عام 2030، وأرصدة التنوع البيولوجي إحدى طرق إنفاق هذه المخصصات.
خطط لدعم التنوع البيولوجي
شجع اتفاق الـ200 مليار دولار الدول على ابتكار خطط لدعم التنوع البيولوجي، بما في ذلك منظومة تعويضات وأرصدة التنوع البيولوجي.
تأمل الشركات والحكومات أن يتمكن مؤتمر الأطراف السادس عشر في كالي بكولومبيا، الذي يبدأ في 21 أكتوبر الحالي، ومن المتوقع أن يجذب 12 ألف مشارك، من تعزيز الثقة في منظومة أرصدة التنوع البيولوجي.
وستقوم اللجنة الاستشارية الدولية لائتمانات التنوع البيولوجي، وهي هيئة مستقلة تدعمها حكومتا فرنسا وبريطانيا، بتقديم «خارطة طريق عالمية» للقطاع، تتضمن تشجيع البلدان على امتلاك مخططات ائتمان وطنية قوية بدلاً من السعي إلى وضع قواعد موحدة للتجارة الدولية، التي يعترف الكثيرون بأنها قد تكون غير قابلة للتطبيق.
وفي سبتمبر أيلول دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى إنشاء سوق «اعتمادات الطبيعة» لمكافأة أولئك الذين يخدمون الكوكب، مشيرة إلى المزارعين المشاركين في أنشطة الزراعة المستدامة.
وقد اقترح الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إنشاء صندوق عالمي للحفاظ على الغابات المطيرة، الذي يدرس تمويل جهود الدول مقابل حماية مناطق الغابات أو استعادتها.
تبادل دون قياس
تتخوف كثير من جماعات البيئة من ألّا تستفيد الأنشطة صديقة البيئة من هذه الجهود، لأن الفكرة لم تنتشر على المستوى العالمي بشكل واسع، وقد يصعب خلق قواعد دولية مشتركة لتجارة اعتمادات التنوع البيولوجي، على عكس المعايير الدولية لتجارة أرصدة الكربون، التي تقدمت للغاية.
وتقوم تجارة أرصدة الكربون على إلزام الشركات أو البلدان بتعويض العالم عن انبعاثاتها من الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، عن طريق دفع مقابل كل طن من الانبعاثات لمؤسسات ودول أخرى تقوم بجهود لخفض الانبعاثات.
ولكن جهود الأمم المتحدة الرامية إلى ترسيخ إطار مقبول عالمياً لتداول أرصدة الكربون، ما زالت تواجه تحديات، وهذا ينذر بالسوء بالنسبة لموضوع أرصدة التنوع البيولوجي، التي تواجه تحديات أضخم.
على سبيل المثال تستند تعويضات الكربون على الأقل إلى الوحدة المتسقة نفسها، حيث يمثل الرصيد الواحد (طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون إما تمت إزالته من الغلاف الجوي أو منعه من دخوله).
يقول آلان كارسنتي، الخبير الاقتصادي في منظمة البحوث الزراعية الفرنسية سيراد، «بالنسبة للتنوع البيولوجي، ليس لدينا مقياس حتى الآن، ولا يمكننا مساواة أثر تدمير غابة في فرنسا بالحفاظ على غابة في الجابون، هذا ليس له أي معنى، لأن الغابتين غير قابلتين للمقارنة أو التبادل».
(أ ف ب)