في الوقت الذي كانت دول العالم النامية تطالب بتمويل سنوي يناهز 500 مليار دولار لمكافحة التغيّر المناخي، انتهى كوب 29 على اتفاق يوفّر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار.

ومع حاجة الدول النامية إلى مئات المليارات من الدولارات للتكيف مع التغيّرات المناخية شديدة الخطورة، فإن السؤال الذي يُعدّ أكثر إلحاحاً الآن هل هذا الرقم كافٍ؟

وقال محللون ومعنيون بالمناخ لـCNN الاقتصادية، إن التمويل الجديد يعد تقدماً عما كان مقترحاً من قبل، لكنه مقارنة باتفاق باريس والتطورات الاقتصادية الذي شهده العالم خلال تلك الفترة لن يكون كافياً.

ويشمل اتفاق كوب 29 هدفاً تمويلياً أساسياً جديداً بقيمة 300 مليار دولار، وهو ما يزيد 3 أضعاف على الهدف السابق البالغ 100 مليار دولار، وفقاً للموقع الرسمي للمؤتمر.

وكانت الدول النامية تقترح تمويلاً بقيمة 500 مليار دولار لكن الدول الغنية اقترحت من 250 مليار دولار سنوياً قبل أن تتوصل في نهاية الاتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنوياً.

وقالت الخبيرة الاستراتيجية في الحوكمة البيئية والاجتماعية والاستدامة، نهلة نبيل، إن 300 مليار دولار يبدو رقماً كبيراً، ولكن عندما نأخذ في الاعتبار معدل التضخم منذ اتفاقية باريس، فهو ليس مثيراً للإعجاب كما يبدو، خاصة مع ارتفاع تكلفة التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره التي لا تزال غير ميسورة للجميع.

وبحسب الناشط في منظمة السلام الأخضر بجنوب شرق آسيا، جيفرسون تشوا، فإن صفقة بقيمة 300 مليار دولار لمؤتمر كوب 29 ليست شيئاً يستحق التصفيق.

التضخم يبتلع تمويلات المناخ

تُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن معدل التضخم العالمي قفز منذ اتفاق باريس 2015 عندما بلغ 2.7 في المئة في هذا العام، ليسجل وفقاً لأحدث توقعات الصندوق 5.8 في المئة في 2024.

وقالت نهلة إن اتفاق باريس بدأ بمبلغ 100 مليار دولار عام 2015، إلا أن التضخم قضى على القوة الشرائية، لذا فإن 300 مليار دولار الآن ليس لها القيمة نفسها التي كانت عليها في عام 2015.

وخلال الأعوام الماضية عانى العالم من موجة تضخم عاتية كانت نتيجة إغلاق كورونا في 2020 ثم حرب أوكرانيا في 2022، لتسجل معدلات التضخم مستويات غير مسبوقة.

وبحسب نهلة فبينما يمثل هدف التمويل الجديد تقدماً، فإنه قد لا يزال في الواقع أقل مما هو ضروري للبلدان النامية للتكيف بشكل مناسب مع آثار تغيّر المناخ والتخفيف من آثارها.

وأصبح التكيف مع المناخ أكثر تكلفة مع ارتفاع وتيرة تغير المناخ وقد تحتاج البلدان إلى إنفاق ما يصل إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 و500 مليار دولار بحلول عام 2050، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

ومع ذلك، فإن هذه التكاليف المقدرة تزيد بمقدار 5 إلى 10 أضعاف على تدفقات التمويل الحالية، وفقاً لبيانات سابقة للأمم المتحدة.

وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، محمود محيي الدين قال سابقاً لـCNN الاقتصادية، إن احتياجات الدول النامية والأسواق الناشئة تقدر بنحو 2.4 تريليون دولار سنوياً، منها تمويل خارجي بقيمة تقدر بتريليون دولار، أي أن أي هدف للتمويل يبدو قليلاً مقارنة بالاحتياجات المطلوبة.

ما الذي تمثله 300 مليار دولار من الاقتصاد العالمي؟

أعطت بيانات لرويترز تقييماً للهدف الذي اتفقت عليه دول المشاركة في كوب 29 لتمويل مكافحة تغير المناخ وتبعاته، البالغ 300 مليار دولار سنوياً.

وبحسب البيانات فإن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام يقول إن إنفاق الحكومات حول العالم على القطاع العسكري في 2023 بلغ 6.7 مليار دولار يومياً، وهذا يعني أن هدف تمويل مكافحة تغير المناخ يعادل 45 يوماً من الإنفاق العسكري عالمياً.

كما تمثل 300 مليار دولار ثمناً حالياً لكل النفط الخام الذي يستخدمه العالم في أكثر من 40 يوماً بقليل، وذلك وفقا لحسابات رويترز بناءً على الطلب العالمي على النفط الخام بنحو 100 مليون برميل يومياً وأسعار خام برنت في نهاية نوفمبر تشرين الثاني.

ويعد هذا الهدف أقل عن القيمة الصافية لثروة إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، البالغة 321.7 مليار دولار وفقا لمجلة فوربس في أواخر نوفمبر تشرين الثاني الحالي.

كما أن هذا المبلغ يهد أقل بكثير عن قيمة سوق السلع الفاخرة العالمية البالغة بنحو 363 مليار يورو (378 مليار دولار) في 2024، وفقاً لتقديرات شركة (باين اند كومباني).

ويبلغ هدف التمويل المناخي السنوي 75 في المئة من القيمة الإجمالية للسوق العالمية لإيثر، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم، بينما قد تغطي ثلاثة ملايين بتكوين هدف التمويل المناخي السنوي إذ تقترب أكبر عملة مشفرة في العالم من مستوى 100 ألف دولار.