كيف يستفيد ترامب من فرض تعريفات جمركية على الرقائق المستوردة؟

ترامب

في خضم التوترات التجارية المتصاعدة بين واشنطن وبكين، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعادة تشكيل قطاع التكنولوجيا من خلال خطوة جديدة تستهدف واحدة من أهم الصناعات العالمية؛ صناعة أشباه الموصلات، وذلك عبر فرض تعريفات جمركية على الرقائق المستوردة، خصوصاً تلك القادمة من تايوان والصين.

سوق أشباه الموصلات في الولايات المتحدة

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

تشير الأرقام الرسمية إلى أن الولايات المتحدة استوردت رقائق ومكونات إلكترونية بقيمة 139 مليار دولار في عام 2024، وجاءت تايوان في مقدمة المصدرين بنسبة 27%، ومن خلال فرض تعريفات جمركية على هذه المنتجات الحيوية، يعزز ترامب الضغط الاقتصادي على منافسيه، وبشكل خاص الصين التي تعتمد بدورها على بيع هذه الرقائق لشركات أميركية.

استوردت الولايات المتحدة أشباه موصلات ومكونات إلكترونية أخرى بقيمة 139 مليار دولار العام الماضي 2024، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الأميركية، وشكلت تايوان 27% من هذه الواردات، ما يجعلها مصدر الرقائق والمكونات الإلكترونية المرسلة إلى الولايات المتحدة، وقد زادت قيمة شحنات الرقائق والإلكترونيات القادمة إلى الولايات المتحدة من تايوان بأكثر من ستة أضعاف، من 9.4 مليار دولار في عام 2019 إلى 36.9 مليار دولار في عام 2024.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وفي الوقت نفسه، صدرت الولايات المتحدة ما قيمته 70 مليار دولار من الرقائق والمكونات الإلكترونية إلى جميع أنحاء العالم في العام الماضي.

ونظراً لاعتماد الولايات المتحدة على الرقائق التايوانية، خاصة الرقائق المتقدمة اللازمة في الأجهزة الإلكترونية الأحدث، فإن فرض تعريفة جمركية على الرقائق قد يرفع بشكل كبير أسعار العديد من السلع التي يشتريها الأميركيون.

فماذا يستفيد ترامب من فرض رسوم جمركية على أشباه الموصلات؟

من خلال فرض تعريفات جمركية على هذه المنتجات الحيوية، يعزز ترامب الضغط الاقتصادي على منافسيه، وبشكل خاص الصين التي تعتمد بدورها على بيع هذه الرقائق لشركات أميركية.

تحفيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج

وتعكس هذه السياسة رغبة إدارة ترامب في تقليص الاعتماد على سلسلة الإمدادات الخارجية التي أظهرت هشاشتها خلال السنوات الأخيرة، وقد خصص قانون CHIPS الصادر عام 2022 نحو 53 مليار دولار لدعم إنتاج الرقائق داخل الولايات المتحدة، وتظهر التوقعات أن هذه الاستثمارات قد تضاعف من قدرة أميركا التصنيعية بحلول 2032، وفقاً لتقرير صادر عن جمعية صناعة أشباه الموصلات ومجموعة بوسطن الاستشارية.

تعزيز قدرة الشركات الأميركية على المنافسة

يشير خبراء مثل ماركوس بيترسون إلى أن رفع تكلفة الرقائق المستوردة يمنح الشركات الأميركية مثل Intel وQualcomm ميزة تنافسية داخل السوق المحلي، ومع تضاعف تكاليف الإنتاج للمنافسين الآسيويين، تُتاح للشركات الأميركية فرصة للاستحواذ على حصة أكبر من السوق.

إعادة رسم خريطة سلاسل التوريد العالمية

من خلال فرض الرسوم، يُجبر ترامب الشركات العالمية على التفكير بإعادة توطين مصانعها داخل الولايات المتحدة أو على الأقل نقلها إلى دول حليفة، ويدعم ذلك هدفه السياسي بإعادة الوظائف إلى الداخل الأميركي، خاصة في القطاعات التكنولوجية الحساسة.

الضغط على الحلفاء من أجل التصنيع المحلي

لا تقتصر هذه السياسة على خصوم واشنطن؛ بل تُستخدم أيضاً كوسيلة للضغط على الحلفاء مثل اليابان ودول الاتحاد الأوروبي لتوسيع استثماراتهم في القطاع، ويُتوقع أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التعاون في البحوث والابتكار بين واشنطن وشركائها.

ولكن.. ما الثمن؟

رغم الفوائد المحتملة، فإن فرض تعريفات جمركية على الرقائق المستوردة قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في الصناعات الأميركية التي تعتمد على هذه الرقائق، مثل الإلكترونيات والسيارات، وقد تنعكس هذه الزيادة على المستهلك الأميركي، خاصة مع تأخر نمو الإنتاج المحلي مقارنةً بتايوان.

وفي الوقت نفسه، تفتح الإجراءات الأميركية الباب أمام ردود فعل صينية قد تُعقّد المشهد التجاري، فقد أعلنت بكين عن رفع الرسوم على وارداتها من الرقائق الأميركية بنسبة تصل إلى 125%، مع استثناء الشركات الأميركية التي تصنع رقائقها في تايوان، مثل AMD وQualcomm.

وفي الختام تحمل سياسات ترامب الجمركية تجاه سوق أشباه الموصلات أكثر من مجرد بُعد اقتصادي، إذ تمثل استراتيجية شاملة لتعزيز الإنتاج المحلي، والضغط على الصين، وتحقيق مكاسب سياسية داخلية، لكنها أيضاً تنطوي على مخاطر مثل زيادة الأسعار وتعقيد سلاسل التوريد.

وبين المكاسب والخسائر، يبقى هدف ترامب الأبرز هو إعادة تشكيل مستقبل التكنولوجيا العالمية من زاوية «أميركا أولاً» كما يردد.