هل يبدأ عصر البنوك بلا موظفين؟.. تصريحات باول تُثير الجدل

الاحتياطي الفيدرالي يُسرّح بصمت.. والسبب الذكاء الاصطناعي (شترستوك)
هل يبدأ عصر البنوك بلا موظفين؟.. تصريحات باول تثير الجدل
الاحتياطي الفيدرالي يُسرّح بصمت.. والسبب الذكاء الاصطناعي (شترستوك)

أعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول أن البنك المركزي بدأ فعلياً تنفيذ عملية إعادة هيكلة للتوظيف تشمل تقييماً للمهام الوظيفية وتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحديد الأولويات التشغيلية، في خطوة تعبّر عن التحولات الجذرية التي يشهدها سوق العمل العالمي.

وأشار باول في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء إلى أن نحو عشرة في المئة من الموظفين قد يُعاد توجيههم إلى مهام أخرى أكثر ارتباطاً باحتياجات المرحلة الجديدة، مؤكداً في الوقت نفسه أن تخفيض عدد الموظفين لن يؤثّر في المهام الحرجة للبنك المركزي، بل ستكون العملية بقدر عالٍ من التخطيط والتدرج، بما يضمن استمرارية العمل دون اختلالات مؤسسية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

الذكاء الاصطناعي بين الفرصة والقلق

وصف باول الذكاء الاصطناعي بأنه يتمتّع بـ«إمكانات تحويلية»، في إشارة إلى قدرته على تغيير طبيعة العمل المالي بشكل جذري.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل بعض الوظائف، ولكنه في المقابل سيفتح آفاقاً لخلق وظائف جديدة تتماشى مع متطلبات الاقتصاد الرقمي المتسارع.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ويُعدّ هذا التصريح مؤشراً قوياً على التحول الاستراتيجي الذي يتبناه أكبر بنك مركزي في العالم في التعامل مع التكنولوجيا، ويُعيد تسليط الضوء على التحديات التي تواجه أسواق العمل في الدول المتقدمة نتيجة صعود الذكاء الاصطناعي والأتمتة.

كيف وصلنا إلى هنا؟

في السنوات الأخيرة، تسارعت وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، وبدأت تستخدم المؤسسات الكبرى تقنيات تحليل البيانات والتعلم الآلي في تقييم المخاطر، ورصد الاحتيال، واتخاذ القرارات الاستثمارية،

وقد دفع هذا التوسع خبراء الاقتصاد إلى التحذير من خطر فقدان الوظائف التقليدية، خصوصاً في الأقسام الإدارية والوظائف المتكررة، إذ قدّر تقرير صادر عن «بي دابليو سي» أن نحو 30 في المئة من الوظائف المصرفية في الولايات المتحدة معرضة للأتمتة خلال العقد المقبل.

ومع ذلك، فإن هناك طلباً متزايداً على الوظائف التقنية المرتبطة بالبرمجة، تحليل البيانات، وإدارة نظم الذكاء الاصطناعي.

إعادة هيكلة تبدأ من القمة

لا تعني تصريحات باول فقط إعادة هيكلة داخل الاحتياطي الفيدرالي، بل تعكس تحولاً مؤسسياً عميقاً يتجه إلى إعادة تعريف الأدوار البشرية في المؤسسات المالية، فمع استخدام الذكاء الاصطناعي لتبسيط الإجراءات الروتينية، تُصبح الحاجة مُلحّة لإعادة تدريب الكوادر البشرية على المهارات الرقمية، وتعزيز الكفاءات القادرة على إدارة التكنولوجيا بدلاً من مزاحمتها.

وإذا كانت هذه التغيرات تحدث داخل مؤسسة نقدية بحجم وتأثير الاحتياطي الفيدرالي، فإنها قد تشكّل نموذجاً تحتذي به البنوك المركزية الأخرى، لا سيما مع ارتفاع الحاجة إلى السرعة والدقة في اتخاذ القرار المالي في بيئة عالمية تتسم بالتقلب وعدم اليقين.

وتؤكد تصريحات باول أيضاً أن مستقبل العمل في القطاع المالي في المستقبل القريب لن يكون كما كان، وأن الذكاء الاصطناعي بات عنصراً حاسماً في صياغة السياسات المؤسسية، وبينما يحمل هذا التحول فرصاً واعدة لرفع الكفاءة وتسريع الأداء، فإنه يفرض على صُنّاع القرار مسؤولية مزدوجة؛ اغتنام إمكانات التكنولوجيا دون التخلي عن البُعد الإنساني في معادلة التوظيف والاقتصاد.