شهدت القاهرة مساء الاثنين 7 يوليو تموز 2025 حريقاً مفاجئاً داخل سنترال رمسيس، أحد أكبر مراكز الاتصالات في مصر، ما تسبب في تعطل ملحوظ بخدمات الإنترنت والاتصالات في بعض المناطق. لم يكن هذا الحادث الأول من نوعه في مصر أو في العالم، لكنه يسلط الضوء على تساؤلات عديدة؛ إلى أي مدى يمكن الاعتماد على البنية الحالية؟ وهل تمثل الأقمار الصناعية مثل «ستارلينك» بديلاً قابلاً للتطبيق؟ أم أن الحل الحقيقي يكمن في تطوير الكابلات الأرضية والبحرية ومراكز المعلومات البديلة؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
مصر لديها خطط بديلة.. ولكن
أوضح عبد الوهاب غنيم، نائب رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، أن مصر تمتلك بالفعل منظومة من مراكز المعلومات ونقاط التوزيع، تسمح بتحويل الخدمة في حالات الطوارئ، لكن هذا التحويل قد يستغرق وقتاً، لا سيما عندما يكون العطل في مركز محوري مثل سنترال رمسيس.
ويشبّه غنيم شبكة الإنترنت بشبكة الطرق «إذا تعطّل طريق رئيسي، يتجه المرور إلى طرق فرعية بديلة، لكن ذلك يؤدي إلى تكدس مؤقت قبل أن تعود الحركة لطبيعتها، كذلك الأمر في البنية الرقمية، فهناك بدائل ولكنها غالباً أقل كفاءة وأكثر تكلفة».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
ويشير في تصريحاته لـ«CNN الاقتصادية» إلى أن مصر تمتلك بالفعل هذه المسارات البديلة، إلا أن كفاءة التحويل السريع ما زالت تتطلب مزيداً من التطوير والاستثمار.
كابلات الإنترنت وعلاقتها بالحادث
تشير التحقيقات الأولية إلى أن الحريق اندلع داخل أحد الطوابق العليا لمبنى
سنترال رمسيس، ما أدى إلى فصل الكهرباء عن المركز وتعطيل بعض الخدمات.
وبحسب ما يتضح حتى الآن، فإن الحادث ليس ناتجاً عن قطع في كابل بحري أو تلف في خطوط دولية، بل هو عطل داخلي محلي مرتبط بالبنية التحتية للمركز نفسه، وبالتالي، فإن الحل هنا لا يتعلق بالكابلات البحرية، وإنما بمدى كفاءة المسارات الأرضية الداخلية وخطط التحويل السريع.
ومع ذلك، يظل تطوير الكابلات الداخلية والألياف الضوئية أحد عناصر الحل والخطط البديلة، إذ يسهم في تسريع إعادة التوصيل وتحويل الخدمة إلى مسارات بديلة بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
هل الإنترنت الفضائي بديل واقعي؟
تبدو فكرة الإنترنت الفضائي واعدة، خاصة مع توسع خدمات مثل «ستارلينك»، لكن الواقع التقني والاقتصادي يجعل من الصعب الاعتماد عليها كحل رئيسي.
يؤكد عبد الوهاب غنيم أن الأقمار الصناعية الوطنية مثل «طيبة 1» تُستخدم بالفعل لتأمين بعض الخدمات الحساسة مثل المعاملات الحكومية والمالية ومنصة «مصر الرقمية»، لكنها لا تغني عن الكابلات في الاستخدام اليومي للمواطنين، خاصة في ما يتعلق بخدمات التواصل الاجتماعي والفيديو.
يذكر أن العالم، ومصر ضمنه، يعتمد بنسبة تفوق 90 في المئة على الكابلات البحرية التي تنقل البيانات بين القارات تحت سطح البحر.
وتُشير بيانات موقع TeleGeography إلى أن هذه الكابلات مسؤولة عن نحو 95 في المئة من حركة الإنترنت الدولية، بينما تشكل الأقمار الصناعية نسبة تتراوح بين 1 و5 في المئة فقط، وغالباً تُستخدم في المناطق النائية أو في الحالات الطارئة، أما الكابلات الأرضية والألياف الضوئية الداخلية فتمثل نسبة محدودة لكنها حيوية في توزيع الخدمة داخلياً.
الإنترنت في مصر.. ماذا بعد؟
تتكرر حوادث انقطاع الاتصالات والإنترنت في جميع أنحاء العالم لأسباب عديدة كما حدث في سنترال رمسيس، لكن تكمن الخطوة المقبلة في اعتماد خطة متكاملة لرفع كفاءة المراكز البديلة وزيادة توزيع مراكز البيانات والسنترالات، بحيث لا تتركز الخدمة في نقاط حرجة بعينها.
ويُعد تعزيز الاستثمار في الألياف الضوئية، وتوسيع استخدام القمر الصناعي لخدمات الإنترنت المدني، وتقييم إمكانية استيراد خدمات الإنترنت الفضائي عند الحاجة من الدول المجاورة، من بين الخيارات التي يجب أن تدرسها الحكومة بجدية.
ويرى الخبراء أن الحل يكمن في تطوير المسارات البديلة داخل الشبكة المحلية، وزيادة الاعتماد على الألياف الضوئية، وتوزيع الأحمال على أكثر من مركز رئيسي.
كما أن المشاريع الكبرى مثل «Red2Med» التي تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عبر الأراضي المصرية تفتح آفاقاً واسعة لزيادة قدرة العبور الرقمي وتعزيز دور مصر كمحور عالمي لنقل البيانات.
ويشير غنيم إلى أن مصر تمتلك بالفعل مقومات قوية، وقطاع الاتصالات ينمو بنسبة 17 في المئة، ويسهم بنحو 8 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي، ما يمنح الدولة حافزاً قوياً لمواصلة الاستثمار في هذا المجال الحيوي.