بعدما فقدت سارة أوه عملها كمستشارة لحقوق الإنسان في شركة «تويتر»، في نهاية العام الماضي أثناء الجولة الأولى من عمليات تسريح العمالة، وبعد الاستحواذ الفوضوي لإيلون ماسك على الشركة، قررت سارة الأخذ بالثأر على طريقتها وإطلاق منصة منافسة.
تعاونت أوه مع جابور سيسيل -الذي عمل سابقاً في «تويتر» و«غوغل»- لإطلاق الإصدار التجريبي لمنصة «تي تو» (T2).
وعلى خطى «تويتر»، تقدّم المنصة فرصة للمشاركات الاجتماعية بحد أقصى 280 حرفاً، إلا أنها تراهن على عنصر السلامة، وهو ما يميزها عن «تويتر» بحسب ما أوردته سارة.
قالت أوه لشبكة «سي إن إن» (CNN) «إننا نريد حقاً توفير تجربة تسمح للأشخاص بمشاركة ما يريدونه دون الخوف من مخاطر التعرض للإساءة أو المضايقات، ونشعر أننا في وضع جيد حقاً نحو تحقيق ذلك».
وخلال الأشهر التي أعقبت استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك الكامل على «تويتر»، ظهرت عدة منصات، اكتسبت قوتها من خلال جذب المستخدمين المنزعجين من قرارات ماسك بخفض عدد موظفي «تويتر» وإعادة هيكلة سياسات تعديل المحتوى، وإعادة تفعيل العديد من الحسابات المحظورة سابقاً.
قائمة الوافدين الجدد
تشمل قائمة الوافدين الجدد إلى السوق تطبيقات مثل «تي تو» وسبيل (Spill) من قبل مجموعة من الموظفين السابقين في «تويتر»، وهي شركة ناشئة مدعومة من قبل أحد مستثمري ماسك في «تويتر»، وخدمة يقدمها الرئيس التنفيذي السابق لـ«تويتر»، جاك دورسي، وتتشابه منصة «تي تو» (T2) بشكل كبير مع «تويتر»، إلا أن هناك العديد من التطبيقات الحديثة الأخرى التي تتخذ نهجاً مخالفاً.
فعلى سبيل المثال، أعلن مؤسسو إنستغرام خلال الشهر الماضي عن إطلاق تطبيق « أرتيفاكت» (Artifact) المدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ ما وضعه في مقارنة سريعاً مع «تويتر».
وفي اختبار «سي إن إن» (CNN) للتطبيق، اتضح أن «أرتيفاكت» يتشابه وتطبيقات قراءة الأخبار الأخرى مثل «أبل نيوز» (Apple News) وتطبيق «غوغل ريدر» الذي لم يعد موجوداً.
وعرض «أرتيفاكت» مقالات شائعة صادرة عن مؤسسات إعلامية كبرى إلى جانب صغار المدونين في موجز رئيسي مصمم خصيصاً للمستخدمين تماشياً مع اهتماماتهم.
لكن يبدو أن هذه التطبيقات تستغل سخط المستخدمين، وتستهدف الباحثين عن منصات إخبارية بديلة لـ«تويتر» في الوقت الراهن.
تجربة أفضل دون منافسة
يتطلع بعض المستخدمين إلى تجربة افتراضية أفضل بشكل عام، وهذا ما أكده جاي كابلان، الشريك المؤسس لنادي «أنتي سوفت وير سوفت وير» (Anti Software Software) والمطور لتطبيق «كوهوست» (Cohost) القائم على النصوص، والمشابه أيضاً لـ«تويتر».
أُطلقت تلك الخدمة رسمياً في يونيو حزيران من العام الماضي، وذلك بعد تقديم عرض ماسك لشراء «تويتر»، وبعد استكمال عملية الاستحواذ في نوفمبر تشرين الثاني، شهدت المنصة ارتفاعاً ملحوظاً في أنشطتها، إذ انضم إليها نحو 80 ألف مستخدم خلال يومين فقط.
قال كابلان «يكمن تميزنا لدى المستخدمين بأننا خيار يمكنهم اللجوء إليه، فنحن لسنا البديل لـ«تويتر».
استبدال «تويتر».. واقع بعيد المنال
يُعد استبدال «تويتر» تحدياً كبيراً بسبب شبكته القوية المكونة من الصحفيين والسياسيين والعاملين في مجال الترفيه، فضلاً عن الجمهور الهائل من المستخدمين المهووسين بالأخبار.
وبينما شهدت تطبيقات مثل «كوهوست» زخماً متصاعداً، يظل جمهورها جزءاً محدوداً مقارنةً بجمهور «تويتر»، الذي لديه أكثر من 200 مليون مستخدم نشط يومياً طبقاً لبيانات العام الماضي.
ويمتلك «كوهوست» حالياً نحو 130 ألف مستخدم، منهم 20 ألف مستخدم نشط فقط، وفقاً لكابلان، فيما يحتوي «تي تو» على قائمة انتظار مكونة من عشرات الآلاف، وفي طريقها للنمو المتزايد، بحسب أوه.
بدوره، انخفضت شعبية أحدث منافسي «تويتر» إلى ما يقرب من النصف، إذ بلغ عدد مستخدمي برنامج «ماستودون» (Mastodon) نحو 1.4 مليون مستخدم بعدما كان 2.5 مليون مستخدم في نوفمبر تشرين الثاني الماضي؛ في إشارة تحذيرية محتملة لما قد تواجهه المنصات الأخرى.
يقول كبير محللي البحوث في «دي أيه دافيدسون» (D.A. Davidson)، توم فورتي، إن استحواذ شخصية مثيرة للجدل مثل إيلون ماسك على «تويتر»، لا يؤثر في آراء أغلب المستخدمين تجاه المنصات التي دخلت حديثاً إلى حيز المنافسة، فهم يعلمون جيداً أنها لا تتسم بالتأثير ذاته، وبالتالي فإنهم يغردون على الرغم من سخطهم الواضح.
التمسك بـ«تويتر»
ادعى ماسك بصورة متكررة، بعد تولي مهام الشركة في نوفمبر تشرين الثاني، أن عدد مستخدمي «تويتر» بلغ مستويات قياسية، وذلك على الرغم من ارتفاع عدد المتذمرين والمطالبين بتنحيه عن منصبه؛ فإنه لم يفصح عن أعداد المستخدمين بشكل رسمي في الإيداعات الفصلية للأوراق المالية.
قالت كارين نورث، الأستاذة في كلية آنينبيرج للصحافة والاتصال بجامعة جنوب كاليفورنيا «إلى أين سيذهب المستخدمون إن قرروا المغادرة حقاً؟ حالياً، لا توجد منصة يمكنها التغلب على «تويتر» من حيث امتلاك قاعدة مستخدمين عالمية، تمثل الأفراد بمختلف اهتماماتهم، وبالتالي لا يمكن استبداله».
ولزيادة تعقيد الواقع للمنافسين، يمكننا القول إن الغضب الأولي والاهتمام الإعلامي بشأن «تويتر» بقيادة ماسك قد تلاشى منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي.
ومع ذلك، فإن الأمر لا يُقلق يوجين روشكو، مؤسس «ماستودون» الذي أوضح لشبكة «سي إن إن» (CNN)، أن المنصة لا يمكن أن تحافظ على انتشارها بصفة مستمرة، قائلاً «قد تختفي دورة الأخبار الإعلامية والاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي بعد فترة، ولكنها تترك خلفها نمواً تلقائياً، وهو ما كان لدينا بالفعل قبل نوفمبر تشرين الثاني الماضي، ونحافظ عليه إلى الآن».
كتبت- جينيفر كورن (CNN)