يبدو أن الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» المُصنعة لـ«شات جي بي تي»، سام ألتمان، قد حقق في غضون ساعات ما كان يكافح الرؤساء التنفيذيون الآخرون من أجل القيام به لسنوات، واستطاع الفوز على الكونغرس الأميركي.
ورغم المخاوف الواسعة من أن أدوات الذكاء الاصطناعي التي تصنعها شركة «أوبن إيه آي» مثل «شات جي بي تي»، يمكن أن تعطل الديمقراطية والأمن القومي والاقتصاد، فإن ظهور ألتمان يوم الثلاثاء أمام مجلس الشيوخ كان سلساً لدرجة مثيرة.
ويبدو أن الاختلاف هذه المرة يرجع إلى «أوبن إيه آي» دعت إلى تنظيم حكومي استباقي، واستطاعت إقناع المشرعين بأنها كانت جادة، على عكس القائمة الطويلة لجلسات الاستماع الخاصة بشركات وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة.
وجاء ذلك في الوقت الذي يتسابق الكثير من مسؤولي الحكومة الفيدرالية الآن لمعرفة كيفية تنظيم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وجه جديد يهدئ مخاوف الكونغرس
برز ألتمان، أكثر من أي شخصية أخرى في مجال التكنولوجيا، كوجه لمجموعة جديدة من أدوات الذكاء الاصطناعي القوية والمدمرة التي يمكن أن تولد أعمالاً وصوراً مكتوبة مقنعة استجابةً لمطالبات المستخدم.
وساعد سلوك ألتمان البسيط والصريح في نزع سلاح المشرعين المتشككين، وبدا أنه يكسب الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، إذ كان نهجه مميزاً مقارنة بالتصريحات الجامدة التي قالها بعض الرؤساء التنفيذيين الآخرين في الماضي أمام المشرعين الأميركيين.
وقال ريتشارد بلومنتال السناتور الديمقراطي عن ولاية كونيكتيكت، الذي يرأس لجنة التكنولوجيا بالكونغرس، «أشعر أن هناك رغبة حقيقية من جانب ألتمان للمشاركة هنا».
ولم يهزأ ألتمان، أو يقلل من مخاوف المشرعين، إذ وافق على أن التلاعب والخداع باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي من بين أكبر العيوب المحتملة لهذه التكنولوجيا، وأقر مخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على العمال، معترفاً بأنه قد يؤدي إلى استبعاد بعض الوظائف.
وقال ألتمان، «إذا ساءت هذه التكنولوجيا، فقد يسوء الأمر تماماً، ونريد أن نكون صريحين بشأن ذلك، نريد العمل مع الحكومة لمنع حدوث هذا الأمر».
وتأتي هذه التصريحات بعد أن قضى المشرعون سنوات في انتقاد شركات وسائل التواصل الاجتماعي، ومهاجمتها في كل شيء بدءاً من قرارات الاعتدال في المحتوى إلى هيمنتها الاقتصادية.
ولكنهم بدوا يوم الثلاثاء مستعدين -أو حتى مرتاحين- للتعامل مع مجال آخر من صناعة التكنولوجيا، وهو أدوات الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، يظل من غير الواضح ما إذا كانت هذه المرة مختلفة حقاً، إذ يبرز من بين أكبر اللاعبين والطامحين في صناعة الذكاء الاصطناعي بعض من عمالقة التكنولوجيا الذين انتقدهم الكونغرس بشدة، بما في ذلك «غوغل»، و«ميتا».
كما تتلقى شركة «أوبن إيه آي» استثمارات بمليارات الدولارات من «مايكروسوفت» في شراكة مستمرة لسنوات، ما يضعها في موقف حرج بشأن خططها المستقبلية.
محاولة لتجنب أخطاء الماضي
انتهز ألتمان ببراعة فرصة لكسب تأييد المشرعين من خلال التأكيد على الفروق بين صناعته وشركات وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال ألتمان، «نحاول تصميم أنظمة لا تزيد من التفاعل»، في إشارة إلى الانتقادات الشائعة بأن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تميل إلى إعطاء الأولوية للغضب والسلبية لتعزيز التفاعل وزيادة المستخدمين.
وأضاف، «نحن لسنا نموذجاً يعتمد على الإعلانات؛ لا نحاول حث الناس على استخدام الذكاء الاصطناعي أكثر فأكثر، وأعتقد أن هذا شكل مختلف عن وسائل التواصل الاجتماعي المدعومة بالإعلانات».
وجاءت هذه التعليقات لتُهدئ مخاوف منتشرة في الكونغرس الأميركي تتعلق بندم العديد من المشرعين؛ بسبب فشلهم في مواجهة أضرار الصحة العقلية الناجمة عن وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن خلال تقديم حلول تبدو بسيطة بابتسامة، يقوم ألتمان بأكثر من مجرد تشكيل السياسة، إنه يقدم لأعضاء الكونغرس فرصة للخلاص، ويبدو أنهم ممتنون لقبولها.
وعلى الرغم من المزالق العديدة للذكاء الاصطناعي التي حددوها يوم الثلاثاء، بدا أن المشرعين يرحبون تماماً بألتمان كشريك، وليس خصماً محتملاً يحتاج إلى الرقابة والتدقيق.
(بريان فونج- CNN).