ازداد اهتمام شركة « أبل» بالسوق الآسيوية الناشئة، الذي ظهر جلياً عقب افتتاح متجرها الإلكتروني في فيتنام خلال الأسبوع الجاري، وذلك بعد أيام من افتتاح أول متاجرها في الهند.

يمتاز اقتصاد دول جنوب شرق آسيا بسرعة نموه، ولأول مرة توفر المتاجر الجديدة للمستهلكين إمكانية شراء أي منتج من منتجات «أبل» مباشرة.

أصبحت أسواق مثل فيتنام والهند وإندونيسيا أكثر أهمية لشركة «أبل» مع تباطؤ نموها في الأسواق المتقدمة، بما في ذلك الصين، ما دفع الشركة إلى التركيز على أماكن جديدة لم تكن محور نشاطها الكثيف من قبل.

ولعقود من الزمان، أدت الصين دوراً مركزياً في ازدهار شركة «أبل» الاستثنائي لتصبح الشركة الأكثر قيمة عالمياً، إذ كانت بمثابة العمود الفقري لكل من الإنتاج والاستهلاك.

في حين أن الصين ما زالت تمتلك مفاتيح عمليات «أبل»، إلا أن عملاق التكنولوجيا يأخذ حذره من رهاناته.

أشار الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، تيم كوك، إلى آفاق الشركة في الاقتصادات الناشئة، ووصفها بأنها نقاط مضيئة في النتائج المالية للشركة.

في مكالمة أرباح الشهر الجاري، قال كوك إنه مسرور بشكل خاص بالأداء في هذه الأسواق خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.

وقال للمحللين «إن شركة أبل حققت أرقاماً قياسية في المكسيك وإندونيسيا والفلبين والسعودية وتركيا والإمارات، والبرازيل وماليزيا والهند حتى الربع الأول».

جاء ذلك في الوقت الذي أعلن فيه عملاق التكنولوجيا ومقره كاليفورنيا عن انخفاض إجمالي الإيرادات الفصلية الثاني على التوالي، ما أثار مخاوف بشأن تباطؤ أوسع في الطلب وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي.

قال دانيال آيفز، العضو المنتدب لشركة «ويب بوش سيكيوريتيز» إنه «من الواضح أن النمو قد تباطأ عالمياً، وبالتالي فرض المزيد من الضغط على شركة (أبل) للسعي بقوة وراء الأسواق الناشئة».

سوق ضخم

يتوقع آيفز أن تشكل إندونيسيا وماليزيا والهند خلال السنوات المقبلة جزءاً أكبر من أرباح شركة «أبل»، نظراً لجهودها في هذه البلدان.

وقال لشبكة «CNN» إن بدء المبيعات عبر الإنترنت في بلد ما عادة ما يسبق إطلاق متاجر «أبل» التقليدية.

أظهر إطلاق يوم الخميس رغبة شركة «أبل» في تعزيز وجودها في الأسواق الناشئة، وفقاً لما ذكره تشيو لو شوان، محلل أبحاث الهواتف الذكية في شركة «كاناليس» بجنوب شرق آسيا.

وقال إن « شركة (أبل) تعمل بنشاط لزيادة تواجدها في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، إذ عززت توزيعها وشبكة الموزعين المعتمدين، خاصة في ماليزيا».

تدير الشركة حالياً متاجرها الخاصة فقط في الاقتصادات الإقليمية الأكثر تقدماً، مثل تايلاند وسنغافورة، وفقاً لشركة «كاناليس».

قال تشيو إن «حتى إندونيسيا، وهي سادس أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم، ليس لديها متجر (أبل) حقيقي حتى الآن، حصة الشركة في السوق هناك ضئيلة، إذ تبلغ 1 في المئة فقط في عام 2022، وفقاً لبيانات (كاناليس)».

قال كوك خلال مكالمة نتائج الشركة «إننا نبذل جهوداً في عدد من هذه الأسواق، وبالنظر إلى حصتنا المنخفضة وديناميكيات التركيبة السكانية، فإننا نرى فرصة عظيمة لنا».

تنضم «أبل» إلى قائمة الشركات العالمية التي أصبحت متفائلة في جنوب شرق آسيا، حتى إنها بدأت ضخ المزيد من الاستثمار في التصنيع هناك.

كما أن قاعدة المستهلكين في المنطقة مبشرة بالأرباح، فمن المتوقع أن ينمو عدد الأسر ذات الدخل المتوسط والأسر الميسرة في اقتصادات مثل فيتنام وإندونيسيا والفلبين بنحو 5 في المئة سنوياً حتى عام 2030، وذلك وفقاً لمجموعة «بوسطن» الاستشارية.

وأضاف آيفز، أن جاذبية الطبقة الوسطى الصاعدة في جنوب شرق آسيا قد غيرت الديناميكية في هذه البلدان، التي ابتعدت عنها «أبل» في السابق، وقال «إن هذه فرصة ذهبية للشركة».

التحديات قائمة

كافحت العلامات التجارية المتميزة مثل «أبل» لسنوات، للمنافسة في الأسواق الناشئة بسبب سعر منتجاتها، واختارت بدلاً من ذلك الاعتماد على البائعين المحليين.

تترواح تكلفة أجهزة «آيفون» بين 470 و1100 دولار، وبالتالي، فهي باهظة الثمن بالنسبة للمستهلكين في اقتصادات جنوب شرق آسيا الأقل تطوراً، فتسعير الجزء الأكبر من شحنات الهواتف الذكية هناك يقدر بأقل من مئتي دولار، وفقاً لما ذكره تشيو.

وقال «إن المشترون من كامبوديا على سبيل المثال، يتجهون غالباً إلى سنغافورة أو ماليزيا لشراء الأجهزة وإعادتها لإعادة بيعها».

قد يتغير هذا في السنوات المقبلة، خاصة مع سعي «أبل» الحثيث لزيادة قوتها في المنطقة.

توقع آيفز أن توسع شركة «أبل» نظامها الإيكولوجي ومخالبها إلى الأسواق الناشئة باستخدام دليلها في الصين، ما يعني إمكانية جذب العملاء من خلال استراتيجيات التسعير المختلفة.

وأضاف أنه بمجرد أن يتحول هؤلاء المستخدمون إلى نظام تشغيل «آي أو إس»، فإنهم سيميلون إلى البقاء والتحول إلى عملاء مخلصين.

قال آيفز «إن الخطة تلك كانت الجزء الأساسي من نجاحها في الصين ويمكن تكرارها الآن في الهند وإندونيسيا وفيتنام، وغيرها من الدول».

وعلى الرغم من ذلك، قد تواجه «أبل» عدة عقبات في جنوب شرق آسيا، إذ فرضت عدة دول متطلبات صارمة على الشركات الأجنبية، وفقاً لما ذكره تشيو.

وأوضح أنه يجب تصنيع ما لا يقل عن 35 في المئة من مكونات السلع الإلكترونية المباعة في إندونيسيا محلياً، وهو الحد الذي يتعين على شركة «أبل» الوفاء به من خلال العمل مع الشركاء.

وكانت قواعد مماثلة قد منعت «أبل» من إنشاء متجر في الهند لسنوات حتى تخفيف اللوائح في عام 2019.

وفي حين أن المستهلكين أصبحوا أكثر ثراءً، تظل أسعار الشركة مرتفعة في العديد من الأسواق الناشئة.

(ميشيل توه – CNN)