على مدى السنوات القليلة الماضية، استثمرت العديد من المطاعم الأميركية في تضمين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في خدمة استلام الطعام من السيارات، إذ يعتقدون أنها طريقة لتخفيف العبء الملقى على عاتق الموظفين، وحل تكدس ممرات السيارات بسبب زيادة العملاء.
لكن العملاء والعاملين قد لا يشعرون بالحماس نفسه تجاه تلك التكنولوجيا.
ووثق بعض العملاء المحبطين بالفعل أخطاء الذكاء الاصطناعي في التقاط طلباتهم، بينما يحذر الخبراء من أن البيئة الصاخبة في ممرات طلبات السيارات تمثل بيئة صعبة للتكنولوجيا، وقد يوفر الذكاء الاصطناعي ساعات أو حتى وظائف بأكملها في مجال الوجبات السريعة.
لكن المطاعم تمضي قدماً في تضمين الذكاء الاصطناعي، مدعومة بوعود بمبيعات أعلى ووتيرة أسرع للطلبات من السيارات، سواء أحببنا ذلك أم لا.
بيئة مليئة بالتحديات
منذ عام 2021 تقريباً، اختبرت سلاسل المطاعم الكبيرة أدوات الذكاء الاصطناعي مثل الطلب الصوتي الآلي، إذ يتلقى الذكاء الاصطناعي، وليس الشخص، طلبك أثناء القيادة.
وقد تكثفت تلك الجهود مؤخراً بإعلانين في مايو أيار، وقالت مطاعم «سي كيه إي» -المجموعة المالكة لـ«هارديز» و«كارلز جونيور»- إنها ستطرح إمكانية الطلب باستخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع بعد خوضها تجربة ناجحة.
بعد فترة وجيزة، قالت «وينديز» إنها وسعت شراكتها مع «غوغل كلاودز» لتشمل أداة طلب باستخدام الذكاء الاصطناعي أثناء القيادة، تقوم السلسلة بتجربة البرنامج في كولومبوس بولاية أوهايو هذا الشهر.
حتى موردو التكنولوجيا يلاحظون التحديات التي تواجه تطبيق تلك التكنولوجيا في قطاع الوجبات السريعة.
قال الرئيس التنفيذي لشركة غوغل كلاودز، توماس كوريان، لصحيفة وول ستريت جورنال «قد تعتقد أن القيادة والتحدث عبر أداة مشكلة سهلة للذكاء الاصطناعي، لكنها في الواقع واحدة من أصعب المشكلات».
وقالت كبيرة المحللين في وكالة الأبحاث «فوريستر» كريستينا مكاليستر، والتي تدرس تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي في مراكز الاتصال، إن تقنية التعرف على الكلام «تمثل تحدياً حقيقياً». من ناحية أخرى، يمكن أن تؤدي اللكنات المختلفة إلى إيقاف تشغيل النظام، و«لا يعمل النظام بكفاءة في الأجواء الصاخبة»، كما أشارت، إذ قد يؤدي الطلب من سيارة مليئة بالأطفال الذين يتجادلون أو يضحكون إلى إرباك الأداة التكنولوجية، وبالتالي إزعاج العميل.
وأضافت «من أكثر الأشياء التي تحبط العملاء هو الاضطرار إلى تكرار كلامهم بدون وجود حاجة لهذا»، وقد ينتهي هؤلاء العملاء بإطلاق العنان لغضبهم على الموظف التالي الذي يرونه.
ومن بين كل عشرة طلبات قدمها العملاء في إنديانا لمطعم «وايت كاسل» الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي في طلبات السيارات، طلب ثلاثة أشخاص التحدث مع موظف بشري، إما بسبب خطأ أو رغبة في التحدث إلى شخص ما، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
ومع ذلك، يتحسن الذكاء الاصطناعي بطبيعته لأنه يجمع المزيد من البيانات، قد تتحسن التجربة بعد أن تتلقى الأدوات المزيد من الطلبات وتتعلم التعرف على الأصوات بشكل أفضل.
أما بالنسبة للشركات فيبدو أن البداية السريعة تستحق التعزيز المحتمل للمبيعات.
تعزيز المبيعات باستخدام الذكاء الاصطناعي
تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الطلب من السيارة في زيادة المبيعات، ما يؤدي إلى زيادة إنفاق العملاء، وفقاً لشركة «بريسنو أوتوميشن»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي وتعمل مع المطاعم.
وتصف شركة «بريستو» على موقعها الإلكتروني «البيع المثالي» بأنه قد يُصمم وفقاً لتقديرات ظروف الطقس أو الوقت من اليوم أو الطلب نفسه أو سجل طلبات العميل.
بينما يعتقد محللون «أن التعرف على الصوت بالذكاء الاصطناعي وعبر الأساليب الرقمية فقط يمكنه تسريع متوسط الوقت المستغرق في الطلب من السيارة بنسبة 20-30 في المئة على الأقل، ما يعزز المزايا التنافسية للمطاعم في ظل الثقافة الرقمية الحالية»، بحسب ما نُشر في مذكرة أبحاث «برنشتاين» في مارس آذار الماضي.
قد ترى المطاعم ذات نسب العمالة القليلة أن الذكاء الاصطناعي وسيلة لملء تلك الفجوة، بينما يضيف قطاع المطاعم وظائف في الأشهر الأخيرة انخفض التوظيف في قطاع الترفيه والضيافة بمقدار 349 ألف وظيفة في مايو أيار مقارنة بشهر فبراير شباط من عام 2020، ولا تزال بعض المطاعم تكافح للعثور على موظفين.
وفي تلك الفترة تغيرت اتجاهات تناول الطعام، إذ دفعت الجائحة العملاء إلى استخدام سياراتهم بأعداد كبيرة واحتفظ البعض بهذه العادة، ما أسهم في تباطؤ الأوقات المستغرقة في الطلب من السيارة.
قال الرئيس التنفيذي لـ«وينديز» تود بينيجور إنه باستخدام الذكاء الاصطناعي، «بدلاً من تلقي الطلبات، يمكن للعمال التركيز على صنع الطعام وإرساله بسرعة أكبر».
قال الأستاذ المساعد في التكنولوجيا والاقتصاد والشؤون العالمية بجامعة نوتردام، يونغ سوك لي، إن اعتماد التكنولوجيا الجديدة قد يعني عدداً أقل من الوظائف أو العمل بدوام جزئي للموظفين.
(دانييل وينر برونر- CNN)