أقرّ الملياردير إيلون ماسك الذي أتم الأسبوع الماضي صفقة الاستحواذ على منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة “تويتر” بخسائر كبيرة شهدتها عائدات الإعلان في المنصة، مشيراً إلى أن “انسحاب عدد متزايد من المُعلنين بعد شرائه لها” يقف وراء هذا التراجع.
في الإعلان الذي قام به أثرى رجل في العالم عبر المنصة التي اشتراها بالكامل مقابل 44$ مليار دولار أمريكي، اتهم ماسك “مجموعات النشطاء” بالضغط على الشركات المُعلنة متسببة بـ”انخفاض حاد” في الأرباح. ماسك استنكر بشكل ضمني هذه الجهود موضحاً أن سياسات إدارة المحتوى عبر “تويتر” لم تشهد أي تغييرات حتى الآن.
في تغريدته أضاف ماسك “لقد قمنا بكل ما في وسعنا لإرضاء النشطاء” قبل أن يتهمهم بـ”محاولة تدمير حرية التعبير في الولايات المتحدة”.
شركات سحبت إعلاناتها من تويتر
تأتي تصريحات إيلون ماسك هذه وسط قرارات متزايدة من قِبل شركات بسحب الإعلانات من المنصة، مثل شركة التطوير العقاري Green Mills وعدد كبير من الشركات المنافسة لإيلون ماسك في مجال صناعة السيارات، أهمها مجموعة Volkswagen، وذلك استجابة لمطالب مؤسسات المجتمع المدني بوقف الإعلانات عبر “تويتر” نظراً لما وصفوه بـ”عدم وضوح توجهات الشركة بعد استحواذ ماسك عليها”.
في حين لم تستجِب كل من شركة “فايزر” لتصنيع الأدوية ومجموعة “موندليز” الغذائية لطلب CNN بالتعليق على خبر سحب إعلاناتهما من “تويتر” الذي أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال”، أوضحت كيلسي رومهيلت المتحدثة باسم Green Mills أن شركة التطوير العقاري “ستستمر بمراقبة التوجه الجديد لشبكة “تويتر” وتقييم الإنفاق التسويقي بناء على ذلك.
من جهة أخرى أصدرت شركة السيارات Volkswagen Group المالِكة لكل من علامات أودي وبورشة وبنتلي التجارية بياناً منفصلاً، أكدت من خلاله توجيه شركاتها بـ”وقف الأنشطة المدفوعة عبر منصة “تويتر” حتى إشعار آخر”.
في وقت سابق من الأسبوع، كانت مصنعة السيارات الأمريكية General Motors قد تحدثت عن “وقف الإنفاق على الإعلانات عبر “تويتر” فيما تتم عملية تقييم التوجه الجديد للمنصة”. كذلك تحدثت مصادر من شركة تويوتا للسيارات لـCNN عن مناقشات جارية مع أبرز الجهات المعنية في وقت تقوم فيه الشركة بمراقبة الوضع على “تويتر”.
مخاوف المجتمع المدني من استحواذ ماسك
تأتي هذه القرارات بعد تصاعد جهود جمعيات أمريكية أهلية مثل رابطة مكافحة التشهير ومنظمتي Free Press وGLAAD المعنيتان بحرية الإعلام، التي طالبت عدداً كبيراً من الشركات بإعادة النظر في حملاتها الإعلانية عبر منصة “تويتر”، بعد أن أشارت إلى قرار إدارة “تويتر” الجديدة بتسريح جماعي للعاملين في المنصة يوم الجمعة، وما قد يترتب على هذا القرار من نتائج سياسية خصوصاً لتزامنه مع الانتخابات النصفية الأمريكية، لكونه قد يشكل خطراً على جهود إدارة المحتوى المتعلق بالانتخابات.
يواجه المُعلنون عبر “تويتر” أسئلة حول توجه منصة “تويتر” الجديد بعد استحواذ إيلون ماسك عليها بالكامل، وذلك لأن الملياردير الأغنى في العالم معروفٌ بسرعة تغير توجهاته وآرائه، خصوصاً وأنه تعهد بمراجعة سياسات المنصة، بالأخص تلك المتعلقة بالحظر الدائم لشخصيات مثيرة للجدل، أشهرها الحظر الذي أوقف حساب الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب.
تولي الشركات الكبرى أهمية كبيرة لحساسية المحتوى المرافق لإعلاناتها عبر الإنترنت، إذ تسعى للتغلب على تحدي كون إعلاناتها مرافقة لأشكال غير ملائمة من المحتوى على منصة واحدة، مثل خطاب الكراهية أو المعلومات المضللة أو المحتوى الإباحي.
يتضح هذا التحدي في التوصية التي أصدرتها عملاقة شراء الإعلانات Interpublic لعملائها مثل شركتي يونيليفر وكوكاكولا بداية الأسبوع، والتي تنصح بوقف الإعلان عبر “تويتر” في الوقت الراهن.
توجه ماسك البديل لتحقيق الأرباح
في مواجهة هذا، تحدث إيلون ماسك عن اهتمام أقل من ناحيته بعوائد إعلانات تويتر التي تشكل قرابة 90% من أرباح الشركة، موضحاً أنه يسعى لزيادة أرباح المنصة من خلال رسوم الاشتراكات، تغيير لا يتوقع إتمامه بين ليلة وضحاها. من بين الاشتراكات التي أفصح عنها ماسك مؤخراً رسوم تصل إلى 8 دولارات تُفرض بمقابل منح علامة التوثيق الزرقاء للحسابات على “تويتر”، وهو ما أثار حفيظة الكثيرين عبر الإنترنت.
منذ إتمام صفقة شراء “تويتر”، اجتمع إيلون ماسك بممثلي عدد من المؤسسات الأهلية للحديث عن مخاوفهم المتعلقة بصعود خطابات الكراهية على منصة “تويتر” بتغير إدارتها، وقد أكد المجتمعون أنهم شعروا بـ”الاطمئنان” عشية اللقاء نظراً لـ”رغبة ماسك بالحديث معهم وبالتزامه المبدئي بعدم تغيير سياسات المحتوى على المنصة قبل الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، لكنهم وجهوا له دعوة لاتخاذ المزيد من الخطوات لحماية “تويتر”.
لكن بعد أيام قليلة من الاجتماع، تحدث بعض ممثلي المؤسسات التي اجتمعت بإيلون ماسك بداية الأسبوع عن ما وصفوه بـ”سلوك ماسك المتقلب” والذي اعتبروه “خيانة للالتزامات التي سبق أن قدمها لهم”.
بعد أن نجح إيلون ماسك في شراء منصة “تويتر” بالكامل لقاء 44 مليار دولار، كتب المالك الجديد رسالة مفتوحة في محاولة لطمأنة المُعلنين بعدم نيته “إتاحة حرية مطلقة تحول المنصة إلى جحيم”، مضيفاً “تسعى منصة “تويتر” لتكون أكثر منصات الإعلان احتراماً في العالم، وهو ما سيزيد من قوة وحجم شركاتكم. دعونا نصنع شيئاً استثنائياً معاً”.