في مدرسة برينستون الثانوية الأميركية، يحاول الطلاب مكافحة التدهور السريع للغات السكان الأصليين بمساعدة فريدة من نوعها، تشيو، روبوت الذكاء الاصطناعي على شكل لعبة من قطيفة.

تشيو هو روبوت ذكاء اصطناعي توليدي ذكي للغاية ويتحدث لغة تسمى مام، وهي إحدى لغات المايا التي يتحدث بها السكان في المرتفعات الغربية في غواتيمالا والمكسيك، ويتقنها عدد صغير من طلاب المدرسة، وتعتبر هذه اللغة حالياً معرضة لخطر الانقراض، وفقاً لليونسكو؛ ويأمل الطلاب أن يتمكن تشيو من المساعدة في تغيير ذلك.

وفي الوقت الذي تعمل فيه بعض المدارس الثانوية على تقييد استخدام الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية، تميل مدارس أخرى، مثل مدرسة برينستون الثانوية، إلى استخدامه.

ففي غضون 18 شهراً منذ إطلاق برنامج الدردشة التفاعلي تشات جي بي تي، ظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي كتقنية ثورية في مجال الذكاء الاصطناعي. وأثارت قدراته إعجاب المستخدمين والخبراء على حد سواء بقدرته على أداء مجموعة من المهام، بدءاً من إنشاء محتوى إبداعي ومقالات وألعاب وحتى إجراء المعادلات الرياضية وتلخيص المفاهيم المعقدة.

كل هذا يعيد بالفعل تشكيل أجزاء مختلفة من حياتنا، بما في ذلك التعليم.

ومع المنتجات الجديدة التي سيتم إطلاقها هذا الأسبوع من مبادرة إكس واي زد (XYZ) من غوغل وجي بي تي-40 (GPT-4o) الجديد من أوبن إيه آي (OpenAI)، يدرك العديد من المعلمين والمناطق التعليمية أنهم لا يستطيعون تجنب هذا الموضوع.

وقالت الدكتورة جوي بارنز جونسون، مديرة العلوم في مدرسة برينستون الثانوية، إن المدرسة «تحاول احتضان الذكاء الاصطناعي» قدر الإمكان. وأضافت: «إنها أداة، تماماً مثل قلم الرصاص، فهو تقنية تساعد على التواصل».

وقالت إن المدرسة ستستضيف قمة الذكاء الاصطناعي هذا الصيف مع معلميها وإدارييها لإجراء محادثة حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي أو عدم استخدامه في الفصل الدراسي.

وقالت: «في بداية العام الدراسي، تحدثنا عن كيف أصبح الذكاء الاصطناعي هو العالم الذي نعيش فيه الآن، وعلينا مسؤولية إعداد الأطفال للعالم الذي سيرثونه». وأضافت «الفكرة هي أنها ستساعد الناس على التواصل والتعلم، لذلك علينا (نحن المعلمين) ألا نخاف منها».

المضي قدماً بحذر

عندما تم إطلاق تشات جي بي تي في نوفمبر تشرين الثاني 2022، شعر المعلمون بالقلق من أن التقنية، التي يمكن أن تولد ردوداً ومقالات مقنعة استجابة لمطالبات المستخدم، يمكن أن تسهل على الطلاب الغش في الواجبات الدراسية، كما أعرب بعضهم عن قلقهم من إمكانية استخدام تشات جي بي تي وأدوات مماثلة لنشر معلومات غير دقيقة.

بعد وقت قصير من إطلاقه، أصبحت المدارس العامة في مدينة نيويورك واحدة من أولى المناطق التعليمية التي منعت الطلاب والمعلمين من استخدام تشات جي بي تي على شبكات وأجهزة المنطقة.

كان رد فعل المدارس الأخرى مماثلاً في الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك، بما في ذلك منطقة مدارس لوس أنجلوس الموحدة ومدارس سياتل العامة، التي منعت الوصول إلى تشات جي بي تي على شبكاتها.

وقد طورت بعض هذه المناطق سياساتها مع مرور الوقت، على سبيل المثال، أطلقت منطقة مدارس لوس أنجلوس الموحدة منذ ذلك الحين برنامج دردشة يسمى إد (Ed) ليكون بمثابة مستشار للطلاب، مع القدرة على إبلاغ أولياء الأمور بمعلومات تتراوح بين نتائج اختبارات الأطفال وحضورهم في المدرسة.

وتستمر العديد من المدارس أيضاً في البحث عن أفضل طريقة للتعامل مع التكنولوجيا داخل الفصل الدراسي.

وقال نويل كانديلاريا، أمين صندوق الرابطة الوطنية للتعليم الذي يقود المسؤولية حول سياسة الذكاء الاصطناعي في الاتحاد: «هناك قبول من قبل المعلمين، لكننا ما زلنا نرى الكثير من الحذر»، وأضاف: «هناك أيضاً مخاوف كبيرة بشأن سرية البيانات ومن أين يتم سحب البيانات».

وقال كانديلاريا لشبكة CNN إن المعلمين يرغبون بأن يكون لهم دور في إقرار كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي في المدارس، وتقوم الرابطة الوطنية للتعليم بتطوير فريق عمل مع المعلمين في جميع أنحاء البلاد لمعالجة العديد من هذه القضايا.

ما وراء الذكاء الاصطناعي التوليدي

تحاول بعض المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة تعليم الطلاب كيفية استخدام أشكال أخرى من الذكاء الاصطناعي. ففي إحدى المدارس العامة المرموقة في مدينة نيويورك، مدرسة ستايفسنت الثانوية، أنشأ الطلاب تطبيقاً للمكفوفين يستخدم الذكاء الاصطناعي وردود الفعل اللمسية لمساعدة الأشخاص على اكتشاف التهديدات والتغلب على العقبات.

وبالمثل، في مدرسة ستيم هاي لاندز رانش (STEM Highlands Ranch) في كولورادو، قام فريق من الطلاب بتطوير نظام للكشف عن الحياة البرية مدعوم بالذكاء الاصطناعي يسمى بروجيكت دير (Project Deer) للمساعدة في تقليل حوادث السيارات، إذ ابتكر الطلاب حلاً تنبؤياً قائماً على الذكاء الاصطناعي لتنبيه السائق بوجود تهديد وشيك على الطريق.

وباستخدام أربعة أجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء بقيمة 5 دولارات موضوعة على المركبات، طور الطلاب نظاماً للذكاء الاصطناعي لمسح المناطق المحيطة وإصدار صوت عالي النبرة عند اكتشاف حرارة جسم الحيوان، وهي إشارة قد تساعد في تخويف الحيوان وإبعاده.

وقالت المدرسة، التي مثلت ولاية كولورادو في مسابقة سامسونغ السنوية – سولف فور تومورو (Solve for Tomorrow) في واشنطن العاصمة، إنها تتعاون مع جامعة كولورادو في بولدر هذا الصيف للمساعدة في تعزيز معدل نجاحها. وتضمنت المسابقة أكثر من ألف مدرسة تقدم حلولاً قائمة على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) لمشكلات العالم الحقيقي، وقالت سامسونغ لـCNN إن هناك «زيادة واضحة» في الابتكارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة.

وقال مدرس علوم الكمبيوتر، تايلو تشاكون، لشبكة CNN إن الرؤية الكبيرة للمجموعة هي أن تقوم الولايات المتحدة في يوم من الأيام بتنظيم التكنولوجيا أو اعتمادها لاستخدام أكبر.

وقال تشاكون لشبكة CNN إن إدارة المدرسة طلبت من المعلمين المساعدة في إنشاء نماذج تقييم أو خطط دروس. وقال: «لقد تم تشجيعنا على تبنيها والنظر في الطرق التي يمكننا من خلالها استخدامها لتحقيق أقصى قدر من الفعالية الوظيفية لدينا وتخفيف العبء علينا».

إنه اتجاه شائع بشكل متزايد بين المعلمين لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء الواجبات والاختبارات واستطلاعات الرأي ومقاطع الفيديو والتفاعلات لاستخدامها في الفصل الدراسي، حتى إن البعض يلجأ إلى أدوات ومنصات الذكاء الاصطناعي -مثل تشات جي بي تي، ورايتبل، وغرامرلي، وإساي غرايدر- للمساعدة في تقييم الأوراق البحثية، أو كتابة التعليقات.

إنقاذ اللغة، وتعلم المستقبل

ومع ذلك، مع استمرار المدارس في تقييم فوائد أو عيوب التدريس واستخدام الذكاء الاصطناعي، يرى بعض المعلمين والإداريين أن هذا هو المستقبل.

في مدرسة برينستون الثانوية، اجتمعت مجموعة من نحو 14 طالباً خلال ساعات الدراسة لعدة أشهر لبناء قدرات تشيو التحادثية، المستمدة من الشبكات العصبية للذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على التعرف على الأنماط وحل المشكلات وفهم الكلمات والجمل والعبارات من الكلمات والعبارات المنطوقة والمكتوبة.

وتم تدريب تشيو، والتي تُترجم إلى «نجم» في لغة مام، على فهم اللغة من قبل الطلاب حتى يتمكن من العمل مدرساً شخصياً، ويتم تدريب الروبوت أيضاً على التحدث باللغتين الإسبانية والإنجليزية.

قال مارك إيستبورن، مدرس العلوم والبحث والهندسة في مدرسة برينستون الثانوية: «إنها لا تفقد صبرها أو تمل من التحدث إليهم». وأضاف: «إنها إزالة (الذكاء الاصطناعي) من الشاشة ووضعه في هيكل مادي يبدو كأنه صديق يمكنه مساعدتك في القيام بكل ما تحتاج إلى القيام به».

وفي شهر أبريل نيسلن، كان الطلاب من بين المجموعات الثلاث الأولى في مسابقة سامسونغ السنوية.

وقال إيستبورن إن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن جزءاً من حياة الطلاب.

وأضاف: «سيكون موجوداً عندما يكونون في الكلية وأيضاً في حياتهم المهنية، لذلك قد يتعلمونه ويستخدمونه بطرق مناسبة في المدرسة الثانوية، إن لم يكن حتى قبل ذلك».

(سامانثا مورفي كيلي – CNN)