عادة ما يحمل هذا التوقيت سنويًا، بعض الخلاصات النموذجية والمنشورات الخاصة بنهاية عام مضى على «لينكد إن»، فضلًا عن توصيات حول القيادة والأهداف المهنية، وأهم الاقتراحات لتحسين الحياة في عام مقبل، ولا ضرر من عدة مشاركات إعلانية لتقديم نصائح حول استراتيجيات العلامات التجارية، لقياس التأثير بشكل فعّال.

ما زالت تلك المنشورات موجودة، لكن عروض الدعم للأصدقاء والزملاء المسرحين من العمل باتت أكثر رواجًا، إضافة إلى انتشار النصائح المهمة للتعامل مع العقبات المهنية في بيئة اقتصادية مذبذبة.

شكّل بعض مستخدمي «لينكد إن» ممن تأثروا بعمليات التسريح الأخيرة مجموعات على الموقع، بهدف تقديم يد المساعدة من أجل التواصل مع إعلانات بعض الوظائف الجديدة.. فعلى سبيل المثال، تضم مجموعة واحدة من الموظفين المتأثرين بتسريح العمل من شركة «ميتا» المالكة لشركة «فيسبوك» في نوفمبر تشرين الثاني نحو أكثر من 200 عضو.

في المقابل، فإن الرؤساء الذين يقدمون على تسريح العمالة لجؤوا إلى «لينكد إن» لشرح الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك، ولطلب المشورة.

وفي العام الماضي، توصل أحد الرؤساء التنفيذيين للتسويق إلى نتائج متباينة بين مؤيد ومعارض لمنشوره الذي نشره إلى جانب صورة شخصية دامعة خلال العام الماضي.

إن كنت تفكر أن السنة الأولى من الجائحة تسببت في تسريح العمالة على نطاق واسع -خاصة في وظائف التجزئة والخدمات ذات الأجور المنخفضة- فإن الأشهر القليلة الماضية حددت مفهومًا جديدًا لتسريح العمالة.

وعلى الرغم من قوة سوق العمل على المستوى الكلي، ثمة احتمالية مواجهة ذوي الياقات البيضاء ركودًا حادًا، فهناك موجة من عمليات التسريح التي تمت أخيرًا في صناعات التكنولوجيا والإعلام، والتي تصادف أنها تشكل جزءًا أساسيًا من قاعدة مستخدمي «لينكد إن».

من هنا، أصبحت الشبكة المهنية الرصينة شريان حياة حيويًا للعمال المسرحين مؤخرًا، ومنصة اجتماعية مفعمة بالحيوية، إذ قدرت شركة الأبحاث «سينسور تاور» (Sensor Tower) ارتفاع معدل تحميل تطبيق «لينكد إن» على الهاتف بنسبة 10 في المئة في عام 2022 مقارنة بالعام الذي سبقه، بما يقدر بنحو 58.4 مليون مرة من جميع أنحاء العالم، وذلك عبر متجر تطبيقات جوجل بلاي (Google Play)، وأبل (Apple).

ووفقًا للبيانات التي قدمتها الشركة، فإن عدد المنشورات على «لينكد إن» التي ترفع شعار «متاح للعمل» ارتفعت بنسبة 22 في المئة، خلال نوفمبر تشرين الثاني، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.

من جهته، يقول «لينكد إن» إنه شهد أيضًا زيادة مطّردة في معدل المستخدمين الذين أضافوا اتصالات في 2022 مقارنة بالعام السابق، في إشارة إلى نشاط المستخدمين على النظام الأساسي.

يبدو أن الزيادة الطفيفة في الاستخدام كانت مفيدة لأعمال «لينكد إن» إذ سجلت المنصة نموًا في الإيرادات بنسبة 17 في المئة على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر أيلول، وفقًا لأحدث تقرير أرباح للشركة الأم مايكروسوفت (Microsoft).

من جهته، تحدث الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، مع المحللين في مكالمة أرباح أكتوبر تشرين الأول، قائلًا إن منصة «لينكد إن» تشهد مشاركة قياسية بين أعضائها البالغ عددهم 875 مليونًا، مع تسارع عجلة النمو خاصة في الأسواق الدولية.

وكان انتشار «لينكد إن» قد سبق موجة تسريح العمال، إذ قالت الأستاذة المشاركة وخبيرة وسائل التواصل الاجتماعي في جامعة سيراكيوز، جينيفر غريغيل: «إن هناك ارتفاعًا طفيفًا في استخدام لينكد إن منذ الجائحة، وذلك في فترة الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، مع انتشار العمل عن بُعد، لذا كان هناك تحول في إمكانيات التواصل في الحياة الواقعية».

النجاة من الانتقادات

يأتي ذلك في الوقت الذي واجهت فيه مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات واسعة، إذ مر العديد منها بعام مضطرب، خاصةً بعد انتقادات فيسبوك وإنستغرام بسبب تحوّيل خدماتهما إلى ما يشبه «تيك توك»، فضلًا عن الانتقاد الموجه لـ«تيك توك» بسبب المخاوف من تسرب بيانات المستخدمين إلى الحكومة الصينية.

وبعد استحواذ إيلون ماسك على «تويتر» في أواخر العام الماضي، تعرضت المنصة لانتقادات واسعة بسبب تحولها إلى ملاذ محتمل للمستخدمين الأكثر إثارة للجدل.

من ناحيته، حافظ «لينكد إن» على مكانته في العالم الرقمي، خاصة مع انتشار المخاوف من الركود الذي يلوح في الأفق.

وتقول غريغيل إن العديد من العاملين في مجال الإعلام أو الأوساط الأكاديمية يبحثون الآن -على الأرجح- عن مساحة لبناء مجتمعات مهنية أخرى والانخراط فيها بعيدًا عن «تويتر».

وعلى الرغم من أن بدائل تويتر المبتدئة مثل برنامج ماستودون (Mastodon)، شهدت طفرة في النمو، فإنها لا تزال تفتقر إلى تأثير تويتر القوي على قاعدة مستخدميه.

واتجه موقع لينكد إن في السنوات الأخيرة إلى جذب المؤثرين الذين ينشرون المحتوى بانتظام؛ ما يمنحهم المزيد من الأسباب للعودة إلى الموقع.

كما عمل على توسيع قسم التعلم، الذي يوفر دورات فيديو يقدمها خبراء الصناعة المختلفون، والتي شهدت زيادة بنسبة 17 في المئة، في عدد الساعات التي يقضيها المستخدم اعتبارًا من نوفمبر تشرين الثاني مقارنة بالعام السابق.

ولكن في الآونة الأخيرة، يبدو أن موجة تسريح الآلاف من العمال، عززت من توجه المستخدمين نحو استخدام «لينكد إن».

ولعل أشهر الأمثلة الواضحة على مدى اهتمام المستخدمين بموقع «لينكد إن» يأتي من منافسه «تويتر».

ففي أعقاب عمليات التسريح الجماعي لعمال تويتر في نوفمبر تشرين الثاني -التي شهدت تسريح نصف الشركة متبوعة بعمليات فصل إضافية- انتقل العديد من الموظفين السابقين إلى لينكد إن بحثًا عن الدعم والفرص الجديدة.

أسست مجموعة واحدة من موظفي تويتر، جدول بيانات للعمال المسرحين من الشركة جنبًا إلى جنب مع جهات التوظيف، واستخدمت «لينكد إن» وسيلة للمساعدة في تسهيل عمليات الاشتراك، كما أنشأ زوج آخر من موظفي تويتر السابقين نظامًا لربط الباحثين عن عمل بمتخصصي التوظيف المتطوعين لتقديم مراجعة مجانية للسير الذاتية وتوفير خدمات التحضير للمقابلات الوظيفية، والتي تم الترويج لها في «لينكد إن».

ويقول كبير مسؤولي التوظيف الفنيين السابقين على تويتر، دارنيل جيليت، في منشور على لينكد إن: «نحن نتفهم تمامًا كيف يمكن أن تكون عملية البحث عن عمل مخيفة ومرهقة، بينما لا يمكننا ضمان مكان أو موعد فرصتك التالية، لذا، يمكننا تقديم التوجيه حتى تكون مستعدًا لهذه الفرصة عندما تصل إليها».

وكان جيليت قد تضرر من عمليات التسريح الجماعي لعمال تويتر في نوفمبر تشرين الثاني، بعد استيلاء إيلون ماسك، كما أوضح في حديثه لشبكة «سي إن إن» الشهر الماضي أن نحو 28 موظفًا واختصاصي اكتساب المواهب وافقوا على المشاركة، مفيدًا بأنه تحدث بنفسه إلى ما يقرب من 24 باحثًا عن وظيفة، وذلك بعد فترة وجيزة من الترويج للخدمة على «لينكد إن».

وأضاف: «يمكن للفوضى أن توفر فرصة لشخص ما، أليس كذلك؟ وحاليًا، فمع ارتفاع نسبة تسريح العمالة، والركود الذي يلوح في الأفق، أصبحت الفرصة مثالية لنمو منصة تركز على الوظائف مثل لينكد إن».