كتبت نيكول جودكايند (CNN)
يسود السوق حالتان من اليقين في الوقت الراهن: انكماش قطاع التكنولوجيا، وارتفاع أسعار الفائدة.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه المحللون تخفيض أسعار الفائدة على نطاق واسع، من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) هذا العام، يزداد اعتماد المؤسسات الاستثمارية على نهج خطير، هو الاستفادة من هبوط السوق، وقد يؤدي هذا الأسلوب إلى زيادة البيانات المضللة حول توجهاتهم.
ماذا يحدث؟
الأمر ببساطة أن المستثمرين يضاربون على الهبوط، وعلى انخفاض أسهم معينة خلال فترة زمنية محددة، أو على أسهم تكنولوجية ما سوف تهبط إلى أسعار قياسية.
خسرت كل من أبل وأمازون أكثر من 830 مليار دولار من القيمة السوقية العام الماضي، كما هبطت أسهم التكنولوجيا الكبيرة الأخرى مثل شركة ميتا، المالكة لفيسبوك، ونفيديا نحو 75 في المئة، و57 في المئة من قيمتها على التوالي خلال 12 شهرًا، إذ فاقت تلك الاضطرابات الضخمة توقعات أكثر المحللين تشاؤمًا.
كما خلقت الخسائر أيضًا سوقًا مزدهرة للمستثمرين الذين لديهم عقود الخيارات البيعية التي تسمح لهم ببيع أسهم بسعر أعلى من مستوياتها الحالية.
على سبيل المثال، أغلقت أسهم زووم عند مستوى 70 دولارًا يوم الاثنين، لكن يمكن ممارسة العقود الآجلة، التي تنتهي صلاحيتها في غضون أيام قليلة، مقابل 77 دولارًا للسهم الواحد.
من جهتها، أغلقت تعاملات نيفديا يوم الاثنين عند 156 دولارًا، ويمكن أن تغلق هذا الأسبوع مقابل 170 دولارًا، وفقًا لبيانات ناسداك.
ويقوم المستثمرون بشراء عقود الخيارات البيعية كوثيقة تأمين؛ إذ إنها تمنح المتداولين القدرة على بيع الأسهم بسعر محدد في تاريخ بعينه، وبالتالي يستطيع هؤلاء المستثمرون بيع عقودهم مقابل علاوة ثم إعادة استثمار الأموال من جديد.
قفز عدد العقود الأميركية المتداولة إلى أكثر من 10 مليارات العام الماضي، للمرة الأولى على الإطلاق، أي أكثر من الضعف عن المستوى المحقق قبل ثلاث سنوات.
وتبدو زيادة حجم العقود خلال العام الماضي منطقية، فبينما انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 20 في المئة، ارتفع التداول في مراكز البيع بأكثر من 30 في المئة مقارنة بعام 2021، وهبطت عقود الشراء، التي تسمح للمستثمرين بشراء الأسهم بسعر ثابت، بنسبة 12 في المئة.
ويرجح المحللون في شركة الخدمات المالية «سبوت جاما» استمرار هذا التوجه مدفوعًا من قبل شركات «وول ستريت»، التي تعتبره بمثابة تجارة مراجحة، وليست محاولة من قبل مستثمري التجزئة لحماية استثماراتهم، وأضافوا: «أدى الانخفاض الحاد للعديد من الأسهم الفردية خلال العام الماضي إلى دفع العديد من مراكز البيع إلى القاع».
تغييرات كبيرة
تضاعف تداول هذه العقود إلى نحو 11 في المئة من متوسط حجم التداول للأسهم الاَجلة اليومية في الربع الرابع، كما حقق ارتفاعًا من المتوسط بلغ نحو خمسة في المئة، وفقًا لتقرير صادر عن وول ستريت جورنال، ويقول المحللون إن تداول الاَجال السريعة يسهم في تقلب السوق بصفة عامة.
ويمكن أن تؤدي تلك الزيادة أيضًا إلى استنتاجات خاطئة حول توجهات المستثمرين، إذ تتغيّر نسبة خيارات البيع (المضاربة على الهبوط) إلى خيارات الشراء (المضاربة على الصعود) في بورصة خيارات مجلس شيكاغو، وعمومًا يُنظر إلى هذه النسبة على أنها طريقة لقياس مدى تخوف أو جشع المستثمرين.
ويتضمن مؤشر الخوف والجشع الخاص بشبكة سي إن إن بيزنس CNN Business تحليلًا لنسبة البيع والشراء، ويشمل تسعة عوامل، وارتفعت النسبة مؤخرًا إلى 2.4، بعد تجاوز 1.5 للمرة الأولى على الإطلاق الشهر الماضي، وفقًا لبيانات السوق من داو جونز.
تسريح العمالة في وادي السيليكون
يعاني قطاع التكنولوجيا من أضرار جسيمة، وبالفعل بدأت تلك الخسائر تلقي بظلالها على كشوف الرواتب، وكانت الزميلة كاثرين ثوربيك، من CNN، قد ذكرت سابقًا أن هذا العام يتطلب أن تكون الشركات التكنولوجية على أهبة الاستعداد الكامل لمواجهة الأسوأ.
وأعلنت أمازون أنها ستلغي أكثر من 18 ألف وظيفة، أي ما يقرب من ضعف 10 آلاف مقررة سابقًا، ما يمثل أعلى عدد من عمليات التسريح لأي شركة تكنولوجية واجهت مرحلة الانكماش الأخير.
في اليوم ذاته الذي أعلنت فيه أمازون عن تسريح العمال، قالت شركة سيلزفورس إنها استغنت عن نحو عشرة في المئة من موظفيها، وتعتزم منصة مشاركة الفيديو «فيميو» خفض 11 في المئة من قوتها العاملة.
وكشفت منصة الأزياء الرقمية «ستيتش فيكس» عن خططها لخفض 20 في المئة من موظفيها، بعد أن خفضت 15 في المئة من موظفيها العام الماضي.
تأتي التداعيات المستمرة في القطاع بعد أن شهدت الشركات التكنولوجية طفرة في الطلب على الخدمات الرقمية مع بداية الجائحة، إذ فتحت العديد من الشركات باب التوظيف بقوة، ثم جاءت موجة من الطلب، إذ تراجعت قيود كوفيد-19 وعاد الناس إلى حياتهم غير المتصلة بالإنترنت.
كما أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى تجفيف الأموال السهلة التي تعتمد عليها شركات التكنولوجيا لتطوير الابتكارات المستقبلية.
وما تزال مخاوف الركود وعدم اليقين الاقتصادي تلقي بثقلها على أذهان المستهلكين وصناع القرار، ومن المتوقع أن تستمر عمليات رفع أسعار الفائدة، علاوة على ذلك قد يمنح العدد المتزايد من عمليات التسريح بعض شركات التكنولوجيا الفرصة لاتخاذ خطوات أكثر صرامة لخفض التكاليف في الوقت الراهن.
الأمر لا يتعلق بالتكنولوجيا فقط
دفع المناخ الاقتصادي المذبذب بنك «غولدمان ساكس» إلى تسريح ما يصل إلى 3200 موظف هذا الأسبوع؛ بحثًا عن وفورات في التكاليف، وفقًا لمصدر مطلع.
وتوقع المصدر أن يكون أكثر من ثلث حالات التسريح من وحدتَي التجارة والمصارف في الشركة، وكسائر منافسيه في «وول ستريت» تعرض البنك لركود في نشاط إبرام الصفقات العالمية، مع اندماج عدد أقل من الشركات أو السعي إلى زيادة رأس المال، حسبما ذكرت زميلتي في CNN جوليا هورويتز.
ارتفعت نسبة اقتراض المستهلكين الأميركيين بمقدار 28 مليار دولار في نوفمبر تشرين الثاني، وربما ما زال الأميركيون ينفقون أموالهم، إلا أنهم وقعوا في فخ الاقتراض، فوفقًا لبيانات مجلس الاحتياطي الاتحادي الصادرة يوم الاثنين، فإن نسبة الاقتراض صعدت بنحو 28 مليار دولار.
ويتوقع الاقتصاديون زيادة شهرية قدرها 25 مليار دولار، وفقًا لتقديرات ريفينيتيف.
ووفقًا لتقرير ريفينيتيف، فإن الائتمان الاستهلاكي، الذي يشمل بطاقات الائتمان وقروض السيارات وقروض الطلاب، زاد بنسبة 7.1 في المئة، وارتفع الائتمان الدوّار أو المتجدد، الذي يشمل بطاقات الائتمان، بنسبة 16.9 في المئة؛ ما يجعلها أكبر قفزة في الائتمان المتجدد في ثلاثة أشهر، وخامس أكبر زيادة شهرية منذ ما يقرب من 55 عامًا.
قال كبير محللي الصناعة في بنكريت آند كريدت كاردز دوت كوم، تيد روسمان: «إن زيادة الديون الدوّارة تعود إلى التسوق في العطلات، وبطبيعة الحال، تؤدي إلى تضخم دوار، لكن يبدو أنه يتسارع مرة أخرى، بعد أن تباطأ قليلًا في أواخر الصيف وأوائل الخريف».