العذاب والألم اللذان أحدثهما أعنف حريق في الولايات المتحدة منذ قرن، ظهرا واضحين في لاهاينا، هاواي، إذ حذف هذا الجحيم البلدة من الخريطة.
الخوف والغضب واليأس حالُ بعض السكان المحليين، الذين يطلبون الآن أن تركز جهود الإصلاح ليس فقط على تمهيد الطريق للسياح، لكن تلبية احتياجات الناس الذين يدعون لاهاينا بـ«المنزل».
قال ريك أفيلا، البالغ من العمر 65 عاماً، وهو من سكان لاهاينا، وفقد منزله بسبب الحريق، إن أحد أكبر المخاوف المباشرة للمجتمع هو العثور على سكن بأسعار معقولة على المدى الطويل لأولئك الذين فقدوا منازلهم، وقد وجد هو وزوجته ملجأً مؤقتاً في شقة مستأجرة لأحد الأصدقاء، لكن كثيرين آخرين «يشعرون الآن أنهم مضطرون لمغادرة المجتمع»، حسبما قال لشبكة CNN.
«الكثير منهم يذهب إلى كيهي وويلوكو وكاهولوي، وبعد ذلك يغادر العديد منهم الجزيرة تماماً»، قال أفيلا عن أصدقائه وجيرانه في الأيام التي تلت الحريق، مشيراً إلى ثلاث مدن على الجانب الآخر من ماوي، ومع ذلك، أكد أفيلا أن لاهاينا مجتمع قوي ومتماسك، وسيجد الناس طريقة لإعادة البناء من الألف إلى الياء.
وقال مايك سيتشينو، أحد سكان لاهاينا، والذي كان من بين الناجين من الحرائق الذين أجبروا على القفز في المحيط مع اقتراب النيران من المدينة، لشبكة CNN «لقد مررنا بكابوس، ونحن على وشك أن نمر بكابوس آخر نحاول في الأساس، عدم البقاء بلا مأوى».
السياح فقدوا عطلتهم
سيتشينو، هو من بين أولئك الذين ينضمون إلى مجموعة متزايدة من الناس يطلبون من السياح عدم زيارة بلدتهم، «لأنه ليس لدينا أي أماكن للسكان المحليين للبقاء»، «نحن في حاجة ماسة هنا، الكثير من الناس ليس لديهم مكان يذهبون إليه» أضاف سيتشينو.
وفقاً لأفيلا، «في هذه المرحلة، لا يوجد سبب للسياح للمجيء إلى هنا»، وأشار إلى أن المطاعم والمحلات التجارية إما احترقت أو أُغلقت مع تعامل الموظفين مع الأزمة، وفي حين أن العديد من المنتجعات والفنادق تُركت قائمةً، فإن موظفيها مشتتون ومصابون بالصدمة.
وحث الزوّار المحتملين على «احترام آينا (أرض هاواي) والناس الذين يعيشون هنا»، «بمجرد أن يبدأ كل شيء في العودة، سنرحب بعودة الزوّار».
السكان خسروا كل شيء
لاهاينا لا تشبه أي مكان آخر في العالم، يحدُّها المحيط الهادئ الفيروزي من جهة، والجبال الخضراء من جهة أخرى، في يوم من الأيام كانت العاصمة الملكية لمملكة هاواي، وأصبحت مركزاً زراعياً ومركزاً ثقافياً كان بمثابة قناة للحلم الأميركي للعديد من العائلات، بمن في ذلك عائلتي.
وقال مكتب حاكم هاواي جوش غرين الشهر الماضي إن الولاية لديها أغلى منزل في البلاد، فقد أصبحت ملكية المنازل شبه مستحيلة بالنسبة للعديد من السكان المحليين، حيث يتم تحويل المعروض من المساكن المتاحة في كثير من الأحيان إلى وحدات تأجير قصيرة الأجل أو مشاريع فندقية أو منازل ثانية للزوّار المليونيرات، نصف الوحدات السكنية في لاهاينا ليست مأهولة، وفقاً لبيانات التعداد، وبلغ متوسط سعر المنازل المدرجة في لاهاينا في يوليو تموز نحو 1.5 مليون دولار.
معظم السكان المحليين في ماوي يعملون في الوظائف التي تخدم السياح، يعمل واحد من كل خمسة عمال تقريباً في مقاطعة ماوي في قطاع خدمات السكن والغذاء، حيث يبلغ متوسط الراتب 52.322 دولار، وفقاً للبيانات الصادرة عن الولاية.
وفي الوقت نفسه، فإن الأسعار في هاواي أعلى بأكثر من 13 في المئة من المتوسط الوطني، ما يمثل أعلى تكافؤ في الأسعار الإقليمية في البلاد، وفقاً لمقياس مكتب التحليل الاقتصادي.
نتيجة لكل هذه العوامل وأكثر، يكافح أكثر من نصف سكان ماوي لتغطية نفقاتهم، ويتم تصنيفهم على أنهم «أصول محدودة، أو دخل مقيد، أو موظف» (أو ALICE) أو أقل، وفقاً لدراسة صادرة عام 2022 عن منظمة غير ربحية محلية Aloha United Way بالشراكة مع بنك هاواي، وALICE يعني أن الأسر تكسب ما يزيد على مستوى الفقر الفيدرالي، وبالتالي فهي غالباً غير مؤهلة للحصول على المساعدة العامة، ولكنها لا تزال غير قادرة على تحمل تكاليف المعيشة الأساسية في مقاطعتها.
كما يؤدي الاعتماد بشدة على صناعة السياحة إلى هشاشة اقتصاد جزيرة ماوي، وفي أبريل 2020 في بداية أزمة كوفيد في الولايات المتحدة وارتفاع القيود المفروضة على الوباء، ارتفع معدل البطالة في جزيرة ماوي إلى 33.4 في المئة؛ أي أكثر من ضعف المعدل الوطني في ذلك الوقت البالغ 14.7 في المئة.
قال غرين يوم الاثنين إن مكتبه يطالب بوقف مبيعات المنازل، بينما تتطلع ماوي إلى إعادة البناء، وحثت وزارة التجارة وشؤون المستهلك في هاواي مالكي المنازل في جزيرة ماوي المتضررين من الحرائق على توخّي الحذر والإبلاغ عن العروض غير المرغوب فيها لشراء عقاراتهم للوكالة.
وتتزايد المخاوف بشأن مستقبل لاهاينا، بالنظر إلى ما هو أبعد من مجرد الاحتياجات قصيرة الأجل، هناك قلق متزايد بالفعل من أن المطورين سيحاولون الآن الانقضاض على الأراضي التي دُمرت فيها منازلهم وشراءها، وربما إعادة بناء لاهاينا لتصبح قاعدة سياحية على غرار قطاع لاس فيغاس.
(كاثرين ثوربيك CNN)