تشهد قناة بنما جفافاً شديداً، ما يؤثر على عمليات سلاسل الإمداد العالمية، فعلى الرغم من أن بنما في منتصف موسم الأمطار حالياً، وتُعتبر من أكثر الدول مطراً في العالم، فإنها تواجه موسماً جافاً غير مسبوق.
وتُعد قناة بنما ذات أهمية حيوية للشحن الدولي، إذ تُستخدم المياه العذبة مصدراً رئيسياً لعملياتها، ومع نقص كميات الأمطار، انخفضت مستويات المياه، وفرضت سلطات القناة قيوداً على أوزان السفن وحركة السير اليومية.
وفي هذا الأسبوع فقط، قامت هيئة قناة بنما بتمديد هذه القيود لمدة 10 أشهر أخرى على الأقل.
وفي حين أن التأثير المباشر على المصنّعين وتجار التجزئة والمستهلكين في الولايات المتحدة يبدو ضئيلاً في الوقت الحالي، فإن احتمال حدوث اضطراب أوسع نطاقاً آخذ في التزايد.
إنه مثال آخر على ممر مائي متأثر بالطقس يؤدي إلى تباطؤ تدفقات الشحن الحيوي، مثل انخفاض مستويات نهر الراين ونهر المسيسيبي أو الرياح العاتية والعواصف الرملية التي يُلقى عليها باللوم في جعل السفينة الضخمة «إيفرجيفين» تجنح في قناة السويس منذ عامين.
وسواء كان ذلك مدفوعاً بالمناخ أو الطقس أو الجغرافيا السياسية أو بعض الظروف الأخرى غير المتوقعة، فإن أي زيادة في نقاط الاختناق البحرية يمكن أن تسبب مشكلات لشبكات سلسلة التوريد العالمية التي تعمل بسلاسة أكبر منذ الاضطرابات التي شهدتها خلال فترة الجائحة.
وقالت جانيل جريفيث، قائدة الخدمات اللوجستية في أميركا الشمالية لشركة مارش للوساطة التأمينية واستشارات المخاطر «يتم نقل نحو 80 في المئة من بضائعنا التجارية عبر السفن فوق المياه»، «لذلك يجب علينا أن نشعر بالقلق عندما نرى هذا النوع من العوائق، نعم، له تداعيات عالمية، عندما يكون لديك انسداد في جزء واحد من سلسلة التوريد، فإن بقية سلسلة التوريد تتأثر تلقائياً».
لا يوجد ما يكفي من الماء
تعتمد قناة بنما على المياه من بحيرات المياه العذبة المجاورة، ويستخدم نظام الهويس بعد ذلك كميات هائلة من المياه -ما لا يقل عن 50 مليون غالون منها- لتعويم كل سفينة عبر القناة.
عادةً، في هذا الوقت من العام، يرتفع منسوب البحيرة، ومع ذلك، قال جون ديفيس، كبير خبراء الأرصاد الجوية في شركة إيفرستريم للتحليلات، إن هطول الأمطار في بنما خلال فصلَي الربيع والصيف كان الأقل منذ مطلع القرن.
وأضاف «هذا لا يعني أن مستويات المياه العذبة في البحيرات ستنخفض، لكننا لا نرى أيَّ تحسن كبير قادماً هنا بينما نتطلع إلى الشهر المقبل»، «ومع بدء اشتداد ظاهرة النينيو، وكل نموذج مناخي يشير إلى أن ظاهرة النينيو ستستمر في التزايد خلال بقية هذا العام حتى أوائل عام 2024، فإن هذا يشكّل مصدر قلق على المدى الطويل».
وأشار إلى أن ذلك قد يؤدي إلى مزيد من الظروف الأكثر جفافاً في الجزء الجنوبي من أميركا الوسطى، بما في ذلك بنما.
«نحن لا نعرف أبداً حجم الاضطرابات، ولا نعرف أبداً مدى دعم سلسلة التوريد التي سنحصل عليه»، وقال «يبدو بالتأكيد أننا نسير في هذا الاتجاه المتمثل في تزايد المشكلات».
ارتفاع أوقات الانتظار
في الوقت الحالي، ارتفعت أوقات الانتظار العامة في قناة بنما، ولم تتأثر سفن الحاويات، التي تم تحديد أولوياتها بشكل كبير بالقيود، وفقاً لـ«إيفرستريم» التي أشارت إلى أنه بدءاً من منتصف أغسطس، كان هناك نحو 135 سفينة تنتظر على طرفَي القناة، ارتفاعاً من 29 سفينة في الشهر السابق، مضيفة أن السفن المنتظرة عادةً ما تكون ناقلات غاز أو ناقلات بضائع سائبة.
ومع ذلك، فإن عدد السفن التي تنتظر خمسة أيام أو أكثر مستمر في النمو، ما يزيد من إطالة عنق الزجاجة الذي سيبدأ في التأثير على موثوقية الخدمة، ويتسبب في تأخير الشحنات عبر الولايات المتحدة وأوروبا، وفقاً لـ«إيفرستريم».
وكتبت «إيفرستريم» عبر البريد الإلكتروني إلى CNN أن «معظم شركات الشحن البحري اضطرت إلى تقليل الحمولة على سفنها، ولكن حتى الآن لم يكن لذلك تأثير كبير على الجداول الزمنية وأسعار الشحن، ومع ذلك، إذا اضطرت شركات الحاويات إلى الاستمرار في تحميل عدد أقل من الحاويات، فقد نواجه مشكلات لشركات الولايات المتحدة التي تحاول استعادة المخزونات قبل موسم العطلات في نهاية العام، سواء كان ذلك لزينة عيد الميلاد أو الأثاث والألعاب».
(أليسيا والاس – CNN)