يُرجّح أن يقوم “الاحتياطي الفيدرالي” برفع أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية مرة أخرى يوم الأربعاء المقبل في رابع زيادة كبيرة على التوالي، ومن الممكن حدوث زيادة أخرى بهذا الحجم في ديسمبر.

لكن السؤال الكبير بالنسبة للعديد من المستثمرين والمستهلكين الأمريكيين، هو ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيرسل الاقتصاد إلى الركود مع هذه الزيادات الهائلة في أسعار الفائدة.

هناك آمال في أن يحدث تراجع معتدل ولكن هذه منطقة مجهولة بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، إذ لم يضطر رؤساء البنك المركزي السابقون آلان جرينسبان وبن برنانكي ووزيرة الخزانة الحالية جانيت يلين إلى رفع أسعار الفائدة مرات عديدة متتالية بهذا القدر الكبير.

من غير الواضح ما الذي سيفعله كل هذا التشديد بالاقتصاد، فقد بدأ سوق الإسكان بالفعل في إظهار بعض علامات الإجهاد، وارتفعت عائدات السندات بسبب بنك الاحتياطي الفيدرالي. ونتيجة لذلك ارتفعت معدلات الرهن العقاري، وهي تميل لتتحرك جنباً إلى جنب مع مؤشر سندات الخزانة العشرية وبشكل كبير جداً هذا العام.

هناك أيضاً مجموعة متزايدة من المشرعين الديمقراطيين في “الكابيتول هيل” الذين يحذرون ويحثون رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وأعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الآخرين لإبطاء رفع أسعار الفائدة، كونهم يخشون أن تؤدي السياسة النقدية الأكثر تشديداً إلى الركود.

ولكن طالما ظل سوق الوظائف في حالة جيدة، فمن المحتمل أن يستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في التركيز فقط على هدفه الخاص بتحقيق استقرار الأسعار وتجاهل كل تلك الأشياء المتعلقة بالحد الأقصى من العمالة.

قال ستيف وايت، كبير محللي الاستثمار في بنك بي أو كيه فاينانشال: “يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي القيام بالمزيد، فضغوط التضخم تستغرق وقتاً أطول للخروج من النظام”.

من الممكن أن يؤدي الانتعاش القوي في الناتج المحلي في الربع الثالث بعد ربعين متتاليين من الانكماش الاقتصادي إلى تهدئة بعض (وليس كل) مخاوف الركود. وقد يدفع ذلك أيضاً بالاحتياطي الفيدرالي إلى مواصلة موقفه المتشدد لرفع سعر الفائدة، حتى لو كانت هذه السياسة تنطوي على مخاطر ركود في المستقبل.

الكثير من الصقور؟

هناك قلق يتمثل بكون بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يختار إلقاء نظرة أكثر على البيانات الاقتصادية الحالية دون أن يفكر بشكل كافٍ في التأثير المتأخر الذي ينتج عن زياداته الحالية في أسعار الفائدة. ربما لم يصل التضخم في الاقتصاد الأمريكي إلى ذروته بعد، ولكن هناك شعور متزايد بأننا قريبون جداً من ذلك.

قال جوزيف بروسولاس، كبير الاقتصاديين في RSM US، في تقرير: “من المهم أن يستعد صانعو السياسة لتباطؤ في الطلب حيث يبدأ التأثير المتأخر لارتفاع أسعار الفائدة والتضخم في الضغط على النشاط الاقتصادي”.

وأضاف ” من الواضح أن الاقتصاد معرض لخطر الانزلاق إلى الركود في المدى القريب”.

هناك عامل آخر يمكن أن يؤدي إلى رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بحدة في اجتماعيه التاليين ثم إبطاء وتيرتها.

في كل عام، هناك تناوب لرؤساء بنك الاحتياطي الفيدرالي الإقليميين الذين يمتلكون حق التصويت في اجتماعات سياسة البنك المركزي.. سيحدث التغيير التالي قبل الاجتماع الأول لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في عام 2023، والذي سيكون في 1 فبراير.

ويشير الخبراء إلى أن بعض أعضاء التصويت الجدد قد لا يميلون إلى دعم مثل هذه الزيادات الكبيرة في الأسعار مثل القائمة الحالية للرؤساء الإقليميين في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية المعنية بوضع السياسات.

لذلك يمكن أن يكون هناك تحول من موقف أكثر تشدداً إلى موقف أكثر وداعة وحذر من الارتفاعات المستقبلية.

ترقب لتقرير الوظائف

يعقد الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه قبل يومين فقط من تقرير سوق العمل. يتوقع الاقتصاديون حدوث تباطؤ في نمو الوظائف، ولكن ليس تباطؤاً كبيراً.

ووفقاً لتقديرات رويترز، يتوقع الخبراء إضافة 200 ألف وظيفة في أكتوبر، انخفاضاً من مكاسب الوظائف التي بلغت 263 ألفاً في سبتمبر. (من المرجح أن يتم تعديل رقم سبتمبر بكل الاحوال).

من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة، الذي انخفض إلى 3.5% في سبتمبر، إلى 3.6% هذا الشهر. لكن ذلك يبقى أيضاً بالقرب من أدنى مستوى خلال نصف قرن.

تحسب الأرقام من مكتب إحصاءات العمل كلاً من وظائف القطاع الخاص والوظائف الحكومية. تقرير وظائف آخر، من معالج كشوف المرتبات ADP، من المقرر أيضاً أن يصدر الأسبوع المقبل، وهذا التقرير ينظر فقط إلى الشركات الكبيرة.

وفقاً للتوقعات، يتوقع الاقتصاديون أن تظهر أرقام ADP مزيداً من التباطؤ في التوظيف بين الشركات، مع إضافة 190 ألف وظيفة في سبتمبر مقارنة بـ208 ألف في الشهر السابق.

حتى إذا بدأت وتيرة التوظيف بالتباطؤ، فمن الواضح أن سوق العمل لا يزال ضيقاً. نمت الأجور بوتيرة أعلى من المتوسط​​، وإن لم تكن بنفس سرعة التضخم

.قالت الحكومة في تقرير الوظائف الصادر في سبتمبر، “إن متوسط الأجر في الساعة ارتفع بنسبة 5% في الأشهر الـ 12 الماضية”. ويفضّل بنك الاحتياطي الفيدرالي عادة رؤية نمو الأجور في النطاق السنوي 2% إلى 3% كعلامة على أن التضخم تحت السيطرة.وفقًا للأرقام الصادرة يوم الجمعة، أظهر المقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي للتضخم، ما يسمى بمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 6.2% في الأشهر الـ 12 الماضية حتى سبتمبر.

لذا يبدو أن حدوث تباطؤ أكثر دراماتيكية في نمو الأجور أمر غير مرجح طالما ظل سوق العمل قوياً واستمرت أسعار المستهلكين في الارتفاع.

قال الاقتصاديون في مشروع هاملتون، وهو مجموعة أبحاث سياسات في معهد بروكينغز، في تقرير حديث: “إن وتيرة التوظيف مرتفعة للغاية وغير مستدامة، وذلك يؤدي إلى ارتفاع الأجور والتضخم”.