جائحة «كوفيد-19» كان لها تأثير كبير على صناعة المطاعم، فقد أجبر الوباء العديد من المطاعم على إغلاق أبوابها، بينما اضطر البعض الآخر إلى تغيير طريقة عملهم بشكل جذري، ثلاث طرق رئيسية غيرت بها الجائحة صناعة المطاعم، هي: تقلص حجم غرف الطعام أو اختفاؤها، زيادة الطلب على خدمات التوصيل، ونقص العمالة.
في مارس آذار 2020، اضطرت العديد من المطاعم الأميركية إلى إغلاق أبوابها خلال الأيام الأولى لوباء كوفيد نتيجة للقيود المحلية.
والآن، بعد أكثر من ثلاث سنوات عادت صناعة المطاعم، لكن الوباء تسبب في بعض التغييرات التي أصبحت من الأساسيات في هذه الصناعة.
في الأيام الأولى من الوباء، اعتاد الناس على تناول وجبات المطاعم في المنزل، وحالياً عادوا إلى غرف الطعام في المطاعم، لكنهم لا يزالون يفضلون الحصول على وجبات الطعام عبر السيارة، أو نافذة الالتقاط أو خدمة التوصيل أكثر مما فعلوا من قبل.
وفي الوقت نفسه، تتكيف المطاعم ليس فقط مع تغير سلوكيات المستهلكين، ولكن أيضاً مع الظروف الجديدة في الصناعة، مثل انخفاض عدد العمال المتاحين بعد خروج الكثيرين من القطاع في السنوات الأخيرة، فكيف تغيرت الأمور؟
تقلص غرف الطعام أو اختفاؤها
قبل اندلاع الوباء، كان مطعم إستير تشوي الكوري Mŏkbar في مانهاتن يضم 20 مقعداً مقابل 20 مقعداً، والآن اختفت تلك المقاعد.
«بعد الوباء عندما قررت، سنقوم فقط بخدمة سريعة»، أخبرت تشوي الشيف بوبي فلاي في حلقة من برنامج «القصة الكاملة» مع أندرسون كوبر على شبكة CNN، عن كيفية تكيف المطاعم مع الواقع الجديد.
وقالت تشوي إن هذا القرار أدى إلى زيادة المبيعات، إذ واصل المطعم أيضاً بيع الوجبات التي يمكن للعملاء إعادة تسخينها في المنزل، وتوصيل مجموعات الوجبات والكيمتشي على المستوى الوطني، وأضافت: «لقد أعدت النظر في طريقة عمل الشركة بالكامل».
«لقد علم الوباء المستهلكين أنه لا يزال بإمكانك الحصول على وجبة جيدة، وليس عليك تناولها في المطعم»، قال جو باولاك، المدير الإداري لشركة «تكنوميك»، وهي شركة أبحاث واستشارات تركز على صناعة الأغذية.
وأصبحت المطاعم في جميع أنحاء البلاد تجد أن أعمالها يمكن أن تزدهر خارج غرفة الطعام، وبدأت محلات شهيرة مثل مخبز «ليفين» في مدينة نيويورك و«كاربون»، وهي سلسلة صغيرة من المطاعم الإيطالية الراقية، في بيع إصدارات معبأة من منتجاتها المميزة عبر الإنترنت وفي المتاجر بعد وقت قصير من اندلاع الجائحة، وما زالت تفعل ذلك.
وتختبر سلاسل المطاعم تنسيقات جديدة أصغر مصممة للأوامر، إلى جانب القيادة التي تتخطى المقاعد تماماً.
ماكدونالدز، على سبيل المثال، أثار مؤخراً مفهوم تنسيق أصغر يسمى CosMc. في الماضي، قبل زيادة الطلب على خدمات التوصيل، كانت المطاعم الأصغر «محظورة»، كما قال الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز كريس كمبزينسكي خلال مكالمة هاتفية حديثة للمحللين.
كما تقوم سلاسل الوجبات السريعة الأخرى، مثل «تاكو بل» بتجربة القيادة التي تحتوي على المزيد من الممرات والمطابخ الكبيرة، ولا توجد غرف طعام على الإطلاق.
زيادة الطلب على خدمات التوصيل
عندما أجبر وباء كوفيد في 2020 العديد من المطاعم على إغلاق أبوابها، سرعان ما قام العديد منها بإعداد خدمات التوصيل، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، وضعت العملاء أمام هذا الخيار.
وبالنسبة للعديد من المطاعم كانت خدمات التوصيل بمثابة شريان حياة، ولكنه جاء بتكلفة عالية، وتدخل مقدمو خدمات التوصيل، مثل «دور داش» و«أوبر ايتس» وغيرهم، عندما كان الطلب مرتفعاً للغاية، ما يوفر خياراً للمطاعم التي لم تقدم خدمة التوصيل من قبل.
وانتهى الأمر ببعض مشغلي المطاعم بالشراكة مع مقدمي خدمات أصغر يقدمون أسعاراً أفضل أو كانوا أكثر انتباهاً، وفي نهاية المطاف عرض اللاعبون الرئيسيون على المطاعم المزيد من الخيارات، بما في ذلك مستويات الخدمة بتكاليف أقل.
ومع ذلك، فإن التوصيل لا يمثل خياراً مفضلاً لمعظم المطاعم، كما يقول باولاك «أعتقد أن أصحاب المطاعم يشعرون أن الاستعانة بخدمات طرف ثالث للتوصيل لا يزال اقتراحاً صعباً من ناحية الربحية».
حتى السلاسل التي كانت تقدم خدمة التوصيل قبل الوباء تتعرض للضغط بسبب الاتجاه المتزايد.
سواء كانت المطاعم ترغب في ذلك أم لا، «فالتوصيل بالتأكيد وجد ليبقى»، قال باولاك، وأضاف، لكن «أعتقد أننا بدأنا نرى تباطؤاً في خدمة التوصيل»، كما أشار إلى أن «السعر أصبح فلكياً» للعملاء.
مع ارتفاع الأسعار، وتراجع العملاء بالفعل عن الإنفاق، قد يبدأ البعض في التحول إلى خيارات أقل تكلفة مثل تسلُّم الطلب في السيارة أو تسلُّمه شخصياً من المطعم، مع اللجوء لخدمة التوصيل في المناسبات الخاصة فقط، ومع ذلك ذكرت “دور داش” في أغسطس أنه في الربع الثاني، نمت الطلبات الإجمالية.
كثير من الوظائف وعدد قليل جداً من العمال
في وقت مبكر من الوباء تم تسريح العديد من عمال المطاعم، والآن بعد أكثر من ثلاث سنوات منذ أن ضرب الوباء الولايات المتحدة، لا تزال بعض وظائف المطاعم شاغرة.
«لا يزال حجم القوى العاملة في المطاعم أقل من مستويات ما قبل الوباء»، قالت الرابطة الوطنية للمطاعم في أغسطس آب، بعد تقرير الوظائف في يوليو تموز، اعتباراً من يوليو تموز 2023، كانت أماكن الأكل والشرب 64,000 وظيفة -أو 0.5 في المئة- أقل من ذروة التوظيف في فبراير 2020.
وأعاد بعض مشغلي المطاعم النظر في نماذج أعمالهم خلال جائحة كوفيد، بهدف تقديم المزيد من المزايا والاتساق والشفافية للعمال.
على سبيل المثال، ألغت بوني وإسرائيل موراليس البقشيش في مطعمهم، كاتشكا، في بورتلاند، ووضعوا حداً أدنى للأجور قدره 25 دولاراً وبدؤوا في فرض رسوم خدمة إلزامية بنسبة 22 في المئة لتعويض التكاليف، كما أخبروا فلاي خلال حلقة يوم الأحد من «القصة الكاملة» بشبكة CNN.
كما رفعت سلاسل المطاعم الأجور بعض الشيء، في محاولة لجذب العمال والاحتفاظ بهم، لكن العديد منها عارضت بشدة في الوقت نفسه التشريع المقترح الذي يمكن أن يرفع الحد الأدنى للأجور لعمال الوجبات السريعة.
«يجب على القطاع بشكل عام أن يقدم عمل أفضل للناس.. (هذه مهنة جيدة)»، قال باولاك.
وأضاف «أعتقد أنه يتعين علينا البدء في الارتقاء بهذه الصناعة، من حيث دفع أجور أفضل للناس».
(دانييل وينر برونر CNN)