إلى مشهد اليوم، وقصة «صيف البورصة».. بين متداولين لا يعرفون عطلة ومصطافين لا يغادرون الشواطئ
صيف العمر
في قلب هذا الصيف، وبين تقلبات الشمس والأسواق، يعود السؤال الأزلي ليُطرح بصوتٍ خافتٍ على طاولة كل مستثمر ومضارب: هل هذا هو الوقت؟ هل أستعد الآن؟ هل أغتنم الفرصة قبل أن تعلن الشركات أرباحها أم أراقب من بعيد؟
«صيف العمر» ليس مجرد عنوان شاعري، بل هو وصف دقيق لتلك الفترة التي تُفتح فيها أبواب السوق على مصراعيها أمام مَن يُجيد القراءة قبل الضجيج، ويُحسن التقدير قبل صدور الأرقام.
فموسم الأرباح هو لحظة الحقيقة، حيث لا تُقاس الشركات بالشعارات أو الخطط المستقبلية فقط، بل بما أنجزته فعلياً، فالأرباح ليست مجرد أرقام تُنشر في بيان صحفي، بل هي اختبار حقيقي للإدارة، هل كانت على قدر الوعود؟ هل حقاً تحقق النمو؟
إن المتداول المحترف يعرف أن البداية الصحيحة تنطلق من اختيار القطاع.. فلا يركض خلف كل سهم يتحرك، بل يسأل أولاً: ما القطاعات التي تنشط في الصيف؟ وأيّ الأعمال يزداد عليها الطلب في هذا الموسم؟
اختيار القطاع الموسمي
الإجابة تقودنا إلى قطاعات تتحرك بقوة في منطقتنا العربية مع حلول يوليو، مثل السياحة والطيران والفنادق التي تستفيد من موسم السفر والعطلات، وقطاع الأغذية والمشروبات الذي يشهد ارتفاعاً طبيعياً في الاستهلاك، إلى جانب النقل والخدمات اللوجستية التي تنشط مع ازدياد الحركة التجارية، والبيع بالتجزئة الذي يتأهب لموسم العودة إلى المدارس والاستعداد للخريف.
اختيار الشركة الأجود
ومع ذلك، فإن أهم عنصر لا يظهر في القوائم المالية، بل في طريقة تفاعل السوق مع نتائج الشركة. فليس المهم ما تُعلنه من أرقام، بل كيف يقرأها الناس، لأن السوق لا يتحرك بالأرباح فقط، بل بما تعنيه هذه الأرباح في نظر المتداولين.
توقيت الشراء
أما إذا كنت تفضّل الأمان، فانتظر لحظة الإعلان، وراقب كيف يتفاعل السوق، ثم قرر بناءً على رد الفعل. فبعض المحترفين يفضّلون الدخول بعد أن تهدأ العاصفة، وعندما تنكشف الصورة بوضوح، يتخذون مواقعهم بثقة.
قراءة الأرقام
عندما تقرأ تقرير الشركة، لا تغرق في التفاصيل الصغيرة، بل ركّز على الأساسيات. كم ربحت الشركة لكل سهم؟ هل باعت أكثر من العام الماضي؟ هل قلّت ديونها مقارنة بالفترات السابقة؟ وهل تحدثت إدارتها بإيجابية عن الأشهر القادمة؟ هذه الأسئلة وحدها قادرة على رسم ملامح اتجاه الشركة خلال المرحلة القادمة.
أمّا مَن ينتظر «المفاجآت»، فغالباً ما يدفع ثمن التردد أو العشوائية لأن السوق لا يرحم من لا يقرأ، ولا ينتظر من لا يستعد.
مؤشرات تخفي تفاصيل
لكل من المضارب والمستثمر، فهم مؤشرات أداء الشركات يُعدّ مفتاحاً لفهم السوق واتخاذ قرارات صحيحة.
ومن أهم هذه المؤشرات هو ربحية السهم (EPS)، التي تعكس مدى قدرة الشركة على تحقيق أرباح صافية بالنسبة لكل سهم، ما يعطي صورة واضحة عن كفاءة العمل وقوة الأداء المالي.
كما يجب متابعة الإيرادات ونموها عبر الفصول السابقة، فزيادة المبيعات تدل على توسع النشاط وقوة الطلب على منتجات الشركة، وهو ما يعزّز ثقة المستثمرين ويحفّزهم على التوجه نحو هذه الشركات.
إضافة لذلك، هامش الربح الصافي الذي يوضح مدى فاعلية الشركة في إدارة التكاليف وتحقيق أرباح فعلية بعد النفقات كلها.
كما تُعدّ نسبة الدين إلى حقوق الملكية (D/E) مؤشراً مهماً لمعرفة مدى اعتماد الشركة على التمويل بالديون وقدرتها على تحمل المخاطر المالية.
وأخيراً، لا يمكن إغفال التدفقات النقدية الحرة (Free Cash Flow) وتوجيهات الإدارة المستقبلية، فهما يعكسان صحة الوضع المالي للشركة والآفاق القادمة، ويعطيان مؤشراً حقيقياً لقوتها واستقرارها في السوق.