«صيف البورصة».. بين متداولين لا يعرفون عطلة ومصطافين لا يغادرون الشواطئ

«صيف البورصة».. بين متداولين لا يعرفون عطلة ومصطافين لا يغادرون الشواطئ

مع دخول شهر يوليو، تبدأ لعبة الأرقام التي لا ترحم.. تفتح الشركات دفاترها لتكشف للعالم ماذا ربحت وماذا خسرت في الربع الثاني من العام، وهنا لا ينتظر المستثمر الذكي مفاجآت القدر أو حظ السوق، بل يتحرك بخطى محسوبة، ويبدأ استعداده قبل أن تتحرك الأسعار.

فهناك دائماً متداولون لا يعرفون عطلة وسط خمول الصيف، إنهم قنّاصو الفرص لا ينامون رغم سكون الصيف، فيما تجد المصطافون يستجمّون لا يغادرون الشواطيء.. فالمتداولون يتحدون خمول الصيف، بيد أن فرص الصيف مع إعلان نتائج الربع الثاني لا تنتهي، وما بين استجمام المصطافين ونشاط المتداولين.. هناك دائماً صيف بلا خمول.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

إلى مشهد اليوم، وقصة «صيف البورصة».. بين متداولين لا يعرفون عطلة ومصطافين لا يغادرون الشواطئ

صيف العمر

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

في قلب هذا الصيف، وبين تقلبات الشمس والأسواق، يعود السؤال الأزلي ليُطرح بصوتٍ خافتٍ على طاولة كل مستثمر ومضارب: هل هذا هو الوقت؟ هل أستعد الآن؟ هل أغتنم الفرصة قبل أن تعلن الشركات أرباحها أم أراقب من بعيد؟

«صيف العمر» ليس مجرد عنوان شاعري، بل هو وصف دقيق لتلك الفترة التي تُفتح فيها أبواب السوق على مصراعيها أمام مَن يُجيد القراءة قبل الضجيج، ويُحسن التقدير قبل صدور الأرقام.

موسم الأرباح

فموسم الأرباح هو لحظة الحقيقة، حيث لا تُقاس الشركات بالشعارات أو الخطط المستقبلية فقط، بل بما أنجزته فعلياً، فالأرباح ليست مجرد أرقام تُنشر في بيان صحفي، بل هي اختبار حقيقي للإدارة، هل كانت على قدر الوعود؟ هل حقاً تحقق النمو؟

إن المتداول المحترف يعرف أن البداية الصحيحة تنطلق من اختيار القطاع.. فلا يركض خلف كل سهم يتحرك، بل يسأل أولاً: ما القطاعات التي تنشط في الصيف؟ وأيّ الأعمال يزداد عليها الطلب في هذا الموسم؟

اختيار القطاع الموسمي

الإجابة تقودنا إلى قطاعات تتحرك بقوة في منطقتنا العربية مع حلول يوليو، مثل السياحة والطيران والفنادق التي تستفيد من موسم السفر والعطلات، وقطاع الأغذية والمشروبات الذي يشهد ارتفاعاً طبيعياً في الاستهلاك، إلى جانب النقل والخدمات اللوجستية التي تنشط مع ازدياد الحركة التجارية، والبيع بالتجزئة الذي يتأهب لموسم العودة إلى المدارس والاستعداد للخريف.

الشركات ذات الزخم الموسمي هي الشركات التي ترتبط بنمط الحياة الصيفي أو الاستهلاك الموسمي، فتكون أكثر جاهزية لتحقيق نتائج إيجابية خلال الربع الثالث.

اختيار الشركة الأجود

لكن اختيار القطاع ليس كافياً، فبعده تأتي خطوة أدق وهي انتقاء الشركة المناسبة من بين عشرات الخيارات.. لا تكفي شهرة الاسم أو ضخامة النشاط، بل يجب البحث عن تلك التي ترتفع أرباحها باستمرار، وتزداد مبيعاتها عاماً بعد عام، وتُظهر إدارتها قدرة على التصرف الحكيم في الأموال، وتُعبّر عن خططها المستقبلية بثقة وشفافية.

ومع ذلك، فإن أهم عنصر لا يظهر في القوائم المالية، بل في طريقة تفاعل السوق مع نتائج الشركة. فليس المهم ما تُعلنه من أرقام، بل كيف يقرأها الناس، لأن السوق لا يتحرك بالأرباح فقط، بل بما تعنيه هذه الأرباح في نظر المتداولين.

توقيت الشراء

وهنا يظهر سؤال يطرحه كثيرون: متى نشتري؟ قبل إعلان الأرباح أم بعده؟ إذا كنت واثقاً من تحليلك وتتوقع أن النتائج ستكون قوية ومفاجئة، يمكنك الدخول قبل الإعلان ولكن بحذر وحجم مخاطرة محسوب.

أما إذا كنت تفضّل الأمان، فانتظر لحظة الإعلان، وراقب كيف يتفاعل السوق، ثم قرر بناءً على رد الفعل. فبعض المحترفين يفضّلون الدخول بعد أن تهدأ العاصفة، وعندما تنكشف الصورة بوضوح، يتخذون مواقعهم بثقة.

ولكي تفهم وضع الشركة جيداً، لست بحاجة لأن تكون محاسباً أو خبيراً مالياً، فهناك مؤشرات بسيطة كافية لتكوين رؤية واضحة.

قراءة الأرقام

عندما تقرأ تقرير الشركة، لا تغرق في التفاصيل الصغيرة، بل ركّز على الأساسيات. كم ربحت الشركة لكل سهم؟ هل باعت أكثر من العام الماضي؟ هل قلّت ديونها مقارنة بالفترات السابقة؟ وهل تحدثت إدارتها بإيجابية عن الأشهر القادمة؟ هذه الأسئلة وحدها قادرة على رسم ملامح اتجاه الشركة خلال المرحلة القادمة.

إن شهر يوليو ليس شهراً عادياً في السوق، إنه فصل الأرقام واختبار حقيقي للمستثمرين.. فمَن يستعد فيه جيداً، يزرع مكاسب الخريف ويقطف نتائج قراراته الواعية.

أمّا مَن ينتظر «المفاجآت»، فغالباً ما يدفع ثمن التردد أو العشوائية لأن السوق لا يرحم من لا يقرأ، ولا ينتظر من لا يستعد.

مؤشرات تخفي تفاصيل

لكل من المضارب والمستثمر، فهم مؤشرات أداء الشركات يُعدّ مفتاحاً لفهم السوق واتخاذ قرارات صحيحة.

ومن أهم هذه المؤشرات هو ربحية السهم (EPS)، التي تعكس مدى قدرة الشركة على تحقيق أرباح صافية بالنسبة لكل سهم، ما يعطي صورة واضحة عن كفاءة العمل وقوة الأداء المالي.

كما يجب متابعة الإيرادات ونموها عبر الفصول السابقة، فزيادة المبيعات تدل على توسع النشاط وقوة الطلب على منتجات الشركة، وهو ما يعزّز ثقة المستثمرين ويحفّزهم على التوجه نحو هذه الشركات.

إضافة لذلك، هامش الربح الصافي الذي يوضح مدى فاعلية الشركة في إدارة التكاليف وتحقيق أرباح فعلية بعد النفقات كلها.

كما تُعدّ نسبة الدين إلى حقوق الملكية (D/E) مؤشراً مهماً لمعرفة مدى اعتماد الشركة على التمويل بالديون وقدرتها على تحمل المخاطر المالية.

وأخيراً، لا يمكن إغفال التدفقات النقدية الحرة (Free Cash Flow) وتوجيهات الإدارة المستقبلية، فهما يعكسان صحة الوضع المالي للشركة والآفاق القادمة، ويعطيان مؤشراً حقيقياً لقوتها واستقرارها في السوق.