هناك أزمة ضخمة مرتقبة داخل صناعة زيت الزيتون، إذ تمثل درجات الحرارة المرتفعة التي اجتاحت جنوب أوروبا هذا الصيف أنباء سيئة للغاية بالنسبة لأشجار الزيتون، وحذر خبراء صناعة زيت الزيتون من ارتفاع صاروخي في الأسعار ونقص محتمل في المعروض.
وقال المتخصص في مجال زراعة الزيتون في مجموعة أبحاث السوق مينتيك، كايل هولاند، إنه عندما يكون الجو حاراً جداً تُسقط أشجار الزيتون ثمارها للحفاظ على الرطوبة أو تنتج زيتوناً ذا جودة أقل على حساب عمر الشجرة، ودرجات الحرارة المرتفعة للغاية خطيرة بشكل خاص في فصل الربيع خلال عملية الإزهار.
ويزداد الموقف قلقاً لأنه يأتي في أعقاب موسم حصاد سيئ للزيتون العام الماضي الذي شهد الصيف الأكثر سخونة في أوروبا على الإطلاق.
وأضاف هولاند أنه في إسبانيا -أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم- انخفض الإنتاج إلى ما يقرب من 620 ألف طن متري مقارنة بمتوسط يبلغ نحو 1.3 مليون طن متري خلال الخمس سنوات الماضية.
قال الرئيس التنفيذي لشركة فيليبو بيرو -شركة تابعة لإحدى أكبر العلامات التجارية لزيت الزيتون في العالم- والتر زانري إن «آخر ما تحتاج إليه الصناعة بعد هذا النقص في الحصاد العام الماضي هو موسم آخر من ضعف الإنتاج»، لكن الدلائل تشير إلى هذا الاتجاه، إذ اجتاحت موجة حارة هذا الصيف منطقة البحر الأبيض المتوسط ما أدى إلى «جحيم حار» يقول العلماء إنه كان من المستحيل عملياً بدون ظاهرة التغير المناخي.
وقد أثرت الموجة الحارة على إسبانيا بالإضافة إلى دول أخرى منتجة لزيت الزيتون مثل إيطاليا واليونان.
لن يُعرف المدى الكامل للضرر إلا بعد موسم الحصاد في أكتوبر تشرين الأول ونوفمبر تشرين الثاني، لكن هولاند أوضح أن إنتاج زيت الزيتون الأوروبي قد ينخفض بمقدار 700 ألف طن متري -بانخفاض أكثر من 30 في المئة- مقارنة بمتوسط الخمس سنوات.
وقال زانري إن أسعار زيت الزيتون تضاعفت مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وكل المؤشرات تشير إلى نقص في الموسم المقبل، موضحاً «لا يبدو أن هناك أي فترة راحة تلوح في الأفق»، مؤكداً «الصناعة تشهد أزمة».
ولم يصل المجلس الدولي للزيتون إلى حد وصف الوضع بأنه أزمة، لكن متحدثاً باسمه قال «إننا نواجه وضعاً معقداً نتيجة لتغير المناخ»، معقباً من المتوقع أن ينخفض إنتاج زيت الزيتون بنسبة 20 في المئة بين أكتوبر تشرين الأول 2022 وسبتمبر أيلول 2023.
من غير الواضح إلى أي مدى سيؤثر هذا على المستهلكين، ومع ارتفاع الأسعار يرى هولاند أن السؤال الأبرز هو «هل يستمر المستهلكون في شراء زيت الزيتون بهذه الأسعار أم أننا سنشهد تحولاً إلى زيوت أخرى؟».
الأزمة تضرب محاصيل أخرى
قال المدير الإقليمي لجمعية المزارعين الإيطاليين «كولديرتي» لورنزو بازانا إن محاصيل الفاكهة كانت الأكثر تضرراً جراء الحرارة المرتفعة.
وأضاف بازانا أن محصول الكرز انخفض بنحو 60 في المئة وتشير التقديرات إلى انخفاض الخوخ بنحو 30 في المئة والمشمش بنسبة 20 في المئة، كما أن محصول الطماطم يشهد أزمة كبيرة.
وفي الهند ارتفعت أسعار الطماطم بأكثر من 400 في المئة الشهر الماضي بعد موجات الحر الشديدة والأمطار الغزيرة، قامت بعض مطاعم ماكدونالدز في جميع أنحاء البلاد بإزالة الطماطم مؤقتاً من وجباتها في يوليو تموز وتبعها برجر كنج في أغسطس آب بسبب مشكلات الإمداد.
وقال أستاذ الزراعة بجامعة إلينوي نيكولاس بولسون «ستؤثر الحرارة المقترنة بالظروف الجافة جداً على المحاصيل الرئيسية في جنوب وغربي أميركا مثل القمح والقطن والذرة وفول الصويا».
ويحذر الخبراء من أن الأسوأ ما يزال ينتظر إنتاج الغذاء حول العالم، لأن أزمة المناخ التي يسببها الإنسان تزيد من تواتر وشدة الطقس المتطرف، وأوضح بولسون «هذا يغير بشكل جوهري ملف المخاطر الذي يواجه المزارعين».
(لورا باديسون-CNN)