بينما كانت السيارة تُعتبر لفترة طويلة رمزاً للحرية والتنقل في أميركا، أصبحت اليوم تمثل عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على العديد من الأسر، مع استمرار التضخم والركود الاقتصادي، تتزايد صعوبة الحصول على تمويل لشراء السيارات، ما يفرض تحديات كبيرة على المواطنين الذين يعتمدون على سياراتهم لكسب رزقهم.

يخصص جريج كوك، البالغ من العمر 56 عاماً، 30% من دخله لتغطية تكاليف التأمين والوقود والصيانة الخاصة بسيارته، بالإضافة إلى سداد قرض السيارة لمدة 6 سنوات، يحتاج كوك إلى السيارة للتنقل بين وظائفه المختلفة في ولاية أوريغون، وللإجابة عن السؤال المتكرر في مقابلات التوظيف: «هل لديك وسيلة تنقل للعمل؟» يقول كوك: «الأمر أشبه باستخراج بنسات من الحصالة كل بضعة أيام، ويبدو أن الأيام الباقية في الحياة أقل من البنسات المطلوبة».

السيارات هي من أساسيات الحياة للعديد من الأميركيين، ولكن بعد أكثر من ثلاث سنوات من التضخم المرتفع بشكل مؤلم، والتباطؤ الحالي للاقتصاد، أصبحت السيارات عبئاً صعباً، تظهر بيانات شركة كوكس أوتوموتيف أن حالات التأخر في السداد تتزايد بمعدلات «لم نشهدها منذ الكساد العظيم»، وتزايدت حالات التخلف عن السداد وقفزت عمليات استعادة البنوك للسيارات بنسبة 23% عن العام الماضي، وهذا على الرغم من القيود الشديدة على منح قروض لشراء السيارات، حيث أصبح الحصول على الائتمان أكثر صعوبة، كما ارتفعت معدلات الرفض.

وفقاً لمسح الوصول إلى الائتمان في شهر يونيو، والذي أصدره بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، يتقدم عدد أقل من الأشخاص بطلبات للحصول على قروض، ولكن يتم رفض نسبة أعلى منهم، ووجد المسح أن معدل طلبات الائتمان انخفض إلى 41.2% في يونيو من 43.4% في فبراير، بينما ارتفع معدل الرفض الإجمالي إلى 21.4% من 18.7%. وبلغ معدل رفض قروض السيارات 18.5%، وهو أعلى معدل على الإطلاق.

يقول جيريمي روب، مدير الرؤى الاقتصادية والصناعية في شركة كوكس أوتوموتيف، «إن عمليات الاقتراض تراجعت في كل شهور 2023 مقارنة بنظيراتها في عام 2022»، وأضاف أن مبيعات السيارات ارتفعت قليلاً في الربع الأول من هذا العام، «ولكن ليس بشكل كبير»، وأضاف: «كان الجميع يأملون أن يروا أسعار الفائدة تنخفض، ولكننا خُدعنا، التضخم كان ينخفض ​​بسرعة أكبر ولكن أسعار الفائدة لم تنخفض».

تداعيات الجائحة

كانت أسعار السيارات قد ارتفعت في عام 2021 بسبب جائحة كوفيد-19 وخلل سلاسل التوريد العالمية، أغلقت مصانع السيارات أبوابها بسبب الوباء وانخفاض الطلب على التنقل، فغيرت الشركات المصنعة للرقائق وجهة منتجاتها إلى الحواسب بدلاً من السيارات، وعندما استعاد العالم عافيته عانت صناعة السيارات من نقص في رقائق أشباه الموصلات، ما أدى إلى إنتاج عدد محدود من السيارات لا يكفي لتلبية الانتعاش الحاد في الطلب الاستهلاكي.

على جانب الطلب، تمكن المستهلكون من مواكبة فواتيرهم بفضل الحوافز المالية الحكومية في الأشهر الأولى من الوباء، وكان العديد من المقرضين أكثر استعداداً للعمل مع العملاء الذين تخلفوا عن السداد، لكن هذا الدعم تراجع الآن.

المُقرضون غير مستعدين لدعم الانتعاش

حالياً، تشهد الولايات المتحدة انخفاضاً في أسعار السيارات بفضل سياسة الدولار القوي وتراجع معدلات التضخم، ولكن البنوك والمقرضين ليسوا مستعدين، بدلاً من ذلك تم وضع العراقيل أمام المشترين، بما في ذلك متطلبات دفعة أولى أكبر وتقييم ائتماني أعلى للمُقترض، ما أدى إلى زيادة معدلات الرفض.

تستمر معاناة الأميركيين مع تأمين وسائل النقل اللازمة، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية اليومية ويعمق من الأثر السلبي للتضخم والركود الاقتصادي على الحياة اليومية.