يحل اليوم ذكرى ميلاد أحد أشهر رجال الأعمال في التاريخ الأميركي، الراحل هنري فورد، الذي يُعتبر من الأسماء البارزة في صناعة السيارات، فكيف استطاع تحويل شركته لتصبح الآن إحدى كبرى شركات السيارات في العالم؟
يُعتبر فورد رائداً في صناعة السيارات ورمزاً في التاريخ الأميركي، وهو مؤسس شركة «فورد لصناعة السيارات»، واشتُهِر فورد بتطويره خطوط التجميع الصناعية في المعامل مُحدِثاً بذلك ثورة صناعية في إنتاج وتصنيع السيارات داخل أميركا وخارجها.
نشأة فورد وتأسيس شركته
ولد هنري فورد في ولاية ميشيغان بالولايات المتحدة في 30 يوليو عام 1863، وقد تأثر بشدة بثورة الصناعة التي كانت في تلك الفترة.
وبدأت حياة فورد المهنية في مجال الهندسة الميكانيكية؛ حيث عمل مهندساً في مصنع Edison Illuminating Company، ثم وضع اللبنة الأولى لشركة «فورد موتور» عام 1903 في مرآب منزله عن طريق تركيب قطع السيارات ومحاولة ابتكار أول سيارة له، وسرعان ما أصبحت سيارات فورد الأميركية رائدة عالمياً في مجال تصنيع مركبات النقل.
وبالنسبة لهنري فورد، كان الابتكار هو مفتاح النجاح؛ إذ أدى سعيه لتطوير تقنيات وأساليب إنتاج جديدة إلى إبقاء شركته في صدارة المنافسة.. ورغم أن الابتكار يمثل مخاطرة، كان فورد ملتزماً بإيجاد طرق لجعل سياراته أفضل، وأسرع، وبأسعار معقولة.
وحتى بعد وفاته في 4 يوليو عام 1947، استمرت شركة فورد في تطوير السيارات وتحولت إلى قصة نجاح تلفت أنظار رواد الأعمال حول العالم.
فورد.. إحدى كبرى شركات السيارات في العالم
عندما طرح هنري سيارة فورد «موديل تي» التي ابتكرها في عام 1908، كانت تكلفتها نحو 950 دولاراً، وأنتجت شركته 10 آلاف سيارة فقط، ثم بحلول عام 1924، أنتجت فورد مليوني وحدة بتكلفة 300 دولار لكل منها، ما يجعلها واحدة من أكثر السيارات إنتاجاً بكميات كبيرة في التاريخ، بإجمالي 16.5 مليون وحدة.
وبعد إنتاج هذه السيارة التي حققت مبيعات هائلة، حققت شركة فورد أرباحاً بنسبة 100 في المئة لسنوات عديدة، ومع مرور الوقت استمرت فورد موتور في التطور وتقديم طرازات سيارات جديدة ومبتكرة.
وتشتهر سيارات فورد بمتانتها وسرعتها، وفي سوق هواة جمع السيارات، تبرز بعض طرازات فورد بسبب أهميتها التاريخية وقيمتها الرائعة في المزادات العالمية، على سبيل المثال، بيعت سيارة «فورد جي تي 40» التي صنعتها الشركة في عام 1968 للمنافسة في السباقات، بمبلغ 11 مليون دولار في أحد المزادات، ما يجعلها أغلى سيارة صنعتها فورد على الإطلاق.
واستطاعت شركة فورد على مدار السنوات التالية أن تصبح ضمن أكبر شركات السيارات في العالم، لتستحوذ على 4.4 في المئة من إجمالي سوق السيارات العالمية في عام 2023، وهي في المرتبة الخامسة بعد تويوتا وفولكس فاغن وهوندا وهيونداي.
كما تصنف فورد ضمن أكبر 20 شركة سيارات من حيث القيمة السوقية، لتصل إلى المركز السادس عشر مع قيمة سوقية بلغت 43.76 مليار دولار بحلول 29 يوليو تموز 2024، وفقاً لبيانات كومبنيز ماركت كاب.
وفي الربع الثاني من عام 2024، أعلنت الشركة عن ارتفاع الإيرادات بنسبة ستة في المئة إلى 47.81 مليار دولار مع زيادة عدد السيارات المبيعة بنسبة 2 في المئة إلى 1.1 مليون سيارة حول العالم.
كيف استطاع فورد تحقيق هذا النجاح؟
كان صانع السيارات الشهير هنري فورد رائداً في الصناعة الحديثة من خلال عمله، وقد درس رواد الأعمال في جميع أنحاء العالم استراتيجياته التجارية وقلدوها، وفي ما يلي بعض الاستراتيجيات التي استخدمها:
- التحسين المستمر: كان هنري فورد يؤمن بضرورة تحسين المنتجات والعمليات باستمرار، وكان يبحث دائماً عن طرق لتحسين منتجاته وجعلها بأسعار معقولة.
- العمل الجماعي وتقسيم المهام: قدّر فورد قوة الفريق والعمل الجماعي، وأنشأ فريقاً قوياً، ومن خلال تقسيم عملية التصنيع إلى مهام فردية نجح في جعلها أكثر كفاءة وزاد من الإنتاجية.
- الاستثمار في الموظفين: كان هنري فورد يؤمن بضرورة تمكين موظفيه من خلال تزويدهم بالأدوات والموارد التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح، كما قدم التدريب والتعليم والدعم؛ ما أدى إلى إنشاء قوة عاملة مخلصة ومكرسة.
- الابتكار: كان فورد معروفاً بابتكاراته وتحسيناته المستمرة، والسعي إلى تطوير وتحسين المنتجات والعمليات، ولم يكن يخشى المخاطرة وكان على استعداد للاستثمار في التكنولوجيا والأفكار الجديدة.
- التسويق: كان هنري فورد خبيراً في التسويق، وأدرك أهمية إنشاء هوية علامة تجارية قوية وبناء قاعدة عملاء مخلصين، وقد استخدم مجموعة متنوعة من تكتيكات التسويق، مثل الإعلان والعلاقات العامة ورعاية الأحداث.
وأخيراً، كان هنري فورد قائداً صاحب رؤية ولم يكن خائفاً من المخاطرة، لقد آمن بأفكاره وكان على استعداد لاستثمار أمواله الخاصة لتحويلها إلى حقيقة.
سمحت له هذه العقلية بإنشاء شركة أصبحت واحدة من أكثر الشركات نجاحاً وتأثيراً في العالم.