تتصاعد المخاوف في الولايات المتحدة بشأن استخدام التكنولوجيا الصينية والروسية في السيارات الذكية، إذ تفكر الحكومة الأميركية بجدية في فرض حظر على بيع واستيراد هذه السيارات، فما الدوافع الحقيقية وراء هذه الخطوة، ولماذا أصبحت هذه التكنولوجيا محط شكوك لدى واشنطن؟

وفقاً لمسؤولين أميركيين، ستقترح وزارة التجارة الأميركية، اليوم الاثنين، حظراً على بيع أو استيراد السيارات الذكية التي تستخدم تكنولوجيا صينية أو روسية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، كما ذكرت CNN.

يتعلق الحظر المقترح من وزارة التجارة بـ«المركبات المتصلة»، وهو مصطلح واسع لأي سيارة أو حافلة أو شاحنة حديثة تقريباً تستخدم اتصالات الشبكات لمساعدة السائق أو الاتصالات عبر الأقمار الصناعية أو مجموعة من الميزات الأخرى، وهي تغطي الأجهزة والبرامج التي تتفاعل مع التكنولوجيا الرئيسية التي تسمح للسيارة بالتواصل مع العالم الخارجي، مثل البلوتوث وواي فاي وتكنولوجيا الهاتف الخلوي.

ويندرج ما يحدث ضمن صراع أوسع نطاقاً بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، لتأمين سلاسل التوريد لتكنولوجيا الحوسبة الرئيسية في المستقبل، من أشباه الموصلات إلى برامج الذكاء الاصطناعي، وذلك في استثمار الصين بكثافة في سوق السيارات الذكية، والتوغلات التي حققها المصنعون الصينيون في أوروبا، ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين.

مخاوف أمنية وجيوسياسية

تشير الولايات المتحدة إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي كسبب رئيسي للحظر المقترح، وقال وزير الدفاع الأميركي في تصريح له: «نحن نشهد زيادة في التهديدات السيبرانية، ويجب أن نكون حذرين في ما يتعلق بالتكنولوجيا التي تستخدم في بلادنا»، هذه المخاوف تشمل إمكانية استخدام هذه السيارات في جمع بيانات حساسة عن المواطنين.

وقالت وزيرة التجارة، جينا رايموندو، للصحفيين في مؤتمر يوم الأحد إن تحقيقاً حكومياً أميركياً بدأ في فبراير شباط، وجد مجموعة من المخاطر المتعلقة بالأمن القومي في البرامج والأجهزة الصادرة من قبل الصين وروسيا في المركبات الأميركية، بما في ذلك إمكانية التخريب عن بعد عن طريق القرصنة وجمع البيانات الشخصية عن السائقين.

وأضافت «على أقصى تقدير، يمكن لعدو أجنبي إغلاق أو السيطرة على جميع مركباته العاملة في الولايات المتحدة، وكل ذلك في الوقت نفسه، ما يتسبب في حوادث (أو) إغلاق الطرق».

تعزيز الأمن السيبراني وحماية البيانات

مع ازدياد استخدام السيارات الذكية، أصبحت حماية البيانات الشخصية للمستخدمين أولوية كبرى، ذكر خبير الأمن السيبراني براين كريبس، مؤسس موقع Krebs on Security، وأضاف «تكنولوجيا السيارات الذكية قد تُستغل لأغراض تجسسية، ونحن بحاجة إلى اتخاذ خطوات استباقية لحماية معلوماتنا الحيوية».

وقال وزير الأمن الداخلي الأميركي، أليخاندرو مايوركاس، في مؤتمر صحفي «نحن نواجه تهديدات متزايدة من دول معادية، وتكنولوجيا السيارات الذكية ليست استثناءً، يجب أن نكون استباقيين في حماية معلومات مواطنينا وبياناتهم من أي استغلال محتمل».

دعم الصناعات المحلية وتعزيز الابتكار الأميركي

يتضمن هذا الحظر أيضاً جانباً اقتصادياً، حيث ترغب الولايات المتحدة في تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، كما قال مسؤول حكومي: «هذا الحظر يمثل فرصة لتشجيع الابتكار الأميركي وتعزيز قدرتنا التنافسية في السوق العالمية».

وزيرة التجارة الأميركي، جينا ريموندو، قالت في خطاب لها: «نحن ملتزمون بتعزيز الابتكار في الولايات المتحدة، يتطلب هذا تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، واستثمار المزيد في قدراتنا المحلية لتعزيز المنافسة في السوق العالمية».

التنافس التجاري وكبح النفوذ الصيني والروسي

بجانب المخاوف الأمنية، يعكس الحظر المقترح رغبة أميركية في كبح النفوذ الاقتصادي للصين وروسيا، وفي هذا السياق أشار المحلل الاقتصادي دانيال روتنبرغ، من مؤسسة بيترسون للاقتصاد الدولي، إلى أن «هذه الخطوة ليست مجرد إجراء أمني، بل هي استراتيجية شاملة لتقليل التأثيرات الأجنبية في السوق الأميركي».