«إذا فقد الأفراد ثقتهم بالبنوك، فسيتجهون إلى سحب ودائعهم بسرعة»، هذا ما تظهره بيانات ودائع البنوك الأميركية منذ مارس آذار 2022 حتى مارس آذار 2023، ما يؤجج المخاوف بشأن انتشار الأزمة المصرفية، ويزيد مخاطر ركود الاقتصاد الأميركي.
واصل العملاء سحب ودائعهم من البنوك الأميركية على مدار عام مضى، وسط مخاوف الركود الاقتصادي، التي تفاقمت بعد انهيار بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر» الشهر الماضي، عقب تزايد سحوبات العملاء لودائعهم من البنكين الأميركيين.
وتراجعت ودائع البنوك الأميركية الصغيرة بنحو 200 مليار دولار بحلول التاسع والعشرين من مارس آذار 2023، وفقاً لبيانات «رفينتيف».
وعلى الرغم من هذا التراجع في الودائع، فإن هناك أدلة محدودة على انتقال العدوى إلى البنوك الأميركية الكبرى، التي تمتلك نحو ثُلثي جميع الودائع المصرفية في الولايات المتحدة.
ويبدو أن اتجاه هبوط الودائع في البنوك الكبرى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة التدفقات النقدية لدى «صناديق سوق المال»، وبحث المستثمرين عن عوائد أعلى على مدخراتهم، بحسب تعليق أندرو هاريس المحلل لدى «فاثوم كونسلتينج» على الموقع الشركة الرسمي.
و«صناديق سوق المال» هي نوع من صناديق الاستثمار في الدخل الثابت والتي تستثمر أصولها في أدوات مثل أذون الخزانة والودائع المصرفية، بفترات استحقاق قصيرة الأجل.
مخاطر التخلف عن سداد القروض
ليس انخفاض الودائع لدى البنوك الأميركية هو المؤشر الوحيد الذي يعزز المخاوف بشأن انتشار عدوى انهيار البنوك على نطاق واسع، إذ أدّى الخوف من تأخر الشركات في سداد القروض إلى نضوب الإقراض بين البنوك، وفي نهاية المطاف إلى أزمة ائتمانية في عام 2008.
وحتى الآن، لم نشهد ارتفاعاً سريعاً في حالات فشل الشركات، أو حالات التخلف عن سداد القروض منذ انهيار بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر».
ومع ذلك، نظراً لوتيرة التشديد النقدي المستمرة من الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة تسارع التضخم، لا يمكن استبعاد احتمالية مشاهدة تزايد سريع في حالات التخلف عن السداد بسبب ارتفاع تكاليف الإقراض الراجع لارتفاع أسعار الفائدة الفيدرالية.
وإذا تخلفت إحدى الشركات عن سداد قرض فقد لا يتمكن المقرضون من سداد ديونهم، وهذا النوع من العدوى يمكن أن يضخم خسائر الائتمان الناتجة عن تشديد السياسة النقدية.
ويُظهر الرسم البياني أدناه العلاقة الوثيقة بين وتيرة فشل الشركات وتغير أسعار الفائدة، فكلما زادت أسعار الفائدة الأميركية التي يطبقها الاحتياطي الفيدرالي، تزايدت وتيرة فشل الشركات وتخلفها عن سداد القروض، والعكس بالعكس.
وتعزز البيانات أعلاه، مخاوف دخول اقتصاد الولايات المتحدة في حالة ركود مصحوبة بارتفاع في معدلات التضخم أو ما يسمى بالركود التضخمي، في ظل استمرار الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة.
وأشار الرئيس التنفيذي لبنك «جي بي مورغان»، جيمي دايمون في مقابلة مع «CNN» الأسبوع الماضي، إلى أن الأزمة المصرفية الناجمة عن انهيار بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر»، عززت احتمالات حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.
وقال دايمون «الاضطرابات الأخيرة في النظام المالي تعزز إمكانية حدوث ركود قريب، على الرغم من قوة النظام المصرفي».
يتماشى ذلك مع تعليقات جانيت يلين وزيرة الخزانة الأميركية الأخيرة أمام اللجنة المالية بمجلس الشيوخ، التي أوضحت أن وقوع البنوك تحت هذا الضغط سيزيد من ترددها في الإقراض، ما قد يتسبب هذا في مواجهة مخاطر اقتصادية كبيرة.