«عجزت عن شراء ساندويتش اليوم في أبوظبي بسبب إجراءات البنك المركزي» بهذه الجملة بدأ جون عطالله تعليقه على قرار البنك المركزي المصري، الاثنين، بإيقاف استخدام بطاقات الخصم خارج مصر، عطالله الذي تصادف وصوله إلى الإمارات مع القرار الجديد لم يجلب معه سوى «300 درهم نقداً بنية استخدام بطاقة الخصم الخاصة به لإتمام معاملاته المالية».
إذاً صفر دولار هو الرقم الجديد في معركة المركزي لمجابهة أزمة شح العملة الصعبة في مصر، ولكن سياسة صفر دولار لحاملي بطاقات الخصم بالعملة المحليةومنعهم من استخدام أموالهم في الخارج ستتخطى وجبات المسافرين وقد تمتد لمصروفات الدراسة ومصاريف العلاج في الخارج.
القرار الجديد أثار غضب عطالله الذي قال في اتصال مع «CNN الاقتصادية» من أبوظبي «أنا غاضب لأني الآن في مأزق خارج بلدي وممنوع من سحب مالي الخاص على الرغم من ارتضائي دفع عمولة تدبير تقدر بعشرة في المئة من إجمالي الإنفاق، فضلاً عن عدم توفر عملة صعبة في البنوك وشركات الصرافة في مصر، أنا مصدوم جداً من تطبيق قرار مماثل بشكل مفاجئ ودون أي تمهيد ليمهل الأشخاص فرصة لتدبير أمورهم».
الإجراء الجديد جاء بناءً على تعليمات من المركزي المصري للبنوك العاملة في مصر بعد أن كان يكتفي بتخفيض سقف سحب النقد الأجنبي في الخارج للسيطرة على حجم التزامات مصر الخارجية والتي تدرج في البيانات تحت اسم ميزان السفر، وهو الفارق بين إنفاق المصريين في الخارج وإنفاق الأجانب في مصر، وشهد ميزان مدفوعات السفر قفزة كبيرة منذ بداية الأزمة، فبلغ إنفاق المصريين في الخارج بحسب الميزان التجاري للعام المالي 2022-2023 نحو 4.9 مليار دولار.
ويأتي القرار بسبب سحب كثير من المصريين لعملات أجنبية وجلبها إلى مصر للاستفادة من فارق السعر بين السوق الرسمية والسوق الموازية التي ترسخت في مصر منذ أغسطس آب من العام الماضي، والتي بدأت بفارق جنيهات قليلة حتى اتسعت الهوة إلى أكثر من تسعة جنيهات أي نحو 30 في المئة.
مينا ذكي مسؤول استراتيجيات في إحدى شركات الطاقة الخاصة ومن كثيري السفر بسبب طبيعة عمله، قال في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إن قرار المركزي الجديد «سيتسبب في تعطيل الكثير من مصالح المصريين أثناء وجودهم في الخارج، وعجزهم عن استخدام أموالهم في الخارج سيؤدي دون شك إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، لأنها ستصبح السبيل الوحيد للحصول على الدولار لتغطية النفقات».
أوضح المركزي أن بطاقات الائتمان والبطاقات المصدرة لحساب دولاري معفاة من الإجراء الجديد ولكنه لم يوضح ما إذا كانت البنوك ستضيف نسبة العشرة في المئة عمولة التدبير على أصحاب الحسابات الدولارية أم لا، وعمولة التدبير هي مبلغ تحصل عليه البنوك مقابل توفير الدولار للمتعاملين.
عمرو عدلي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، فسَّر القيود التي تم فرضها اليوم «إلى استخدام المركزي إحدى أدواته لتخفيف الطلب على العملة الصعبة وكبح السوق السوداء ولكنه قرار يدل على حدة أزمة شح الدولار».
في النهاية، سيفكر عطالله قبل إنفاق كل قرش من أمواله البسيطة التي جلبها معه، فسيتوجب عليه أن يعيش في أبوظبي بثلاثمئة درهم أو أقل في الأيام الثمانية المتبقية من رحلته، أما حسن عبدالله محافظ المركزي المصري فقد يفاجئ المصريين بقرار جديد يساعد الدولة على تقليل التزاماتها الدولارية، فتوفير الورقة الخضراء هو أولوية لسداد الدين الخارجي لمصر الذي وصل إلى 164.728 مليار دولار بنهاية يونيو حزيران الماضي، مقابل 155.708 مليار دولار بنهاية يونيو حزيران 2022، وفقاً لبيانات منشورة على موقع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية استناداً على حسابات البنك المركزي المصري.
ولكن على هامش معركة الدين الخارجي واشتداد عود السوق الموازية سيعاني الكثير من المصريين بين شقي الرحى، أو سيتوجب عليهم أن يلزموا مصر.