رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، نتيجة ارتفاع معدلات التضخم لمستويات غير مسبوقة، فما المؤشرات الاقتصادية التي رصدها البنك المركزي لاتخاذ ذلك القرار؟
قال البنك في بيانه اليوم إن أسعار الفائدة سترتفع بوتيرة ثابتة، للوصول إلى مستويات تضمن عودة التضخم إلى الهدف المنشود، وهو مستوى 2 %.
النشاط الاقتصادي
قالت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، عقب إعلان المركزي الأوروبي قرار رفع الفائدة، إن النمو الاقتصادي تباطأ في منطقة اليورو ليبلغ 0.3% في الربع الثالث من العام، ومن المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد العالمي أيضًا، ومع استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي، بسبب حرب روسيا ضد أوكرانيا، وتشديد شروط التمويل في جميع أنحاء العالم.
وقال بنك جولدمان ساكس في تقريره الصادر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن من المتوقع أن ينكمش اقتصاد منطقة اليورو 0.7% من الربع الرابع 2022 إلى الربع الثاني 2023، وذلك بعد توقعات سابقة للانكماش قدرت بنسبة 1.1%.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال وضع إمدادات الغاز في أوروبا هَشًّا، وكذلك السياسة المالية.
ولكن على الجانب الآخر، ارتفعت معدلات العمالة بنسبة 0.3% في الربع الثالث من العام الجاري، وسجل معدل البطالة أدنى مستوى له، حيث بلغ 6.5% في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري.
ومن المرجح أن يتباطأ معدل خلق فرص العمل، وبالتالي قد ترتفع معدلات البطالة خلال الشهور القادمة.
التضخم الأزمة الكبرى
وفقًا لتقدير يوروستات، بلغ معدل التضخم 10% في نوفمبر/تشرين الثاني مقابل 10.6% في أكتوبر/ تشرين الأول، ويرجع هذا الانخفاض بشكل رئيسي لتراجع أسعار الطاقة، ولكن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يرتفع مع تزايد ضغوط المستهلكين، حيث ارتفع وبلغ معدل تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 13.6%.
ومن المرجح أن ينكمش اقتصاد منطقة الاتحاد الأوروبي في الربع الحالي والربع المقبل من العام الجديد، بسبب أزمة الطاقة، وارتفاع حالة عدم اليقين، وضعف النشاط الاقتصادي العالمي وتشديد شروط التمويل، كما توقع البنك أن يتباطأ النمو في منطقة اليورو خلال العام المقبل بدرجة كبيرة مقارنة بالتوقعات السابقة.
ويتوقع البنك انخفاض التضخم إلى 6.3% في عام 2023، مع تنبؤات بتراجعه بصورة ملحوظة على مدار العام، كما من المتوقع بعد ذلك أن يبلغ معدل التضخم 3.4% في عام 2024 و2.3% في عام 2025.
المخاطر لا زالت قوية
أوضحت لاجارد أنه لا تزال الحرب ضد أوكرانيا تشكل خطرًا سَلْبِيًّا كبيرًا على الاقتصاد، كما يمكن أن تظل تكاليف الطاقة والغذاء أعلى مما كان متوقعًا، وقد يكون هناك عائق إضافي للنمو في منطقة اليورو إذا ضعف الاقتصاد العالمي بصورة حادة أكثر مما نتوقع.
وتابعت أن المخاطر تنبع في المقام الأول من العوامل المحلية مثل الارتفاع المستمر في توقعات التضخم أو ارتفاع الأجور أعلى من المتوقع، ومع ذلك، فإن انخفاض تكاليف الطاقة أو المزيد من ضعف الطلب من شأنه أن يقلل من ضغوط الأسعار.
السياسة النقدية
أشار البنك الأوروبي إلى أنه قد تؤدي احتياجات السيولة للمؤسسات المالية غير المصرفية إلى زيادة تقلبات السوق، ولكن في الوقت نفسه، تتمتع بنوك منطقة اليورو بمستويات جيدة من رأس المال، ما يساعد على تقليل الآثار الجانبية للسياسة النقدية المتشددة على الاستقرار المالي.
ولفت البنك إلى أنه مع تشديد السياسة النقدية، أصبح الاقتراض أكثر تكلفة بالنسبة للشركات والأسر، إذ تقترض الأسر بنسبة أقل، بسبب معايير الائتمان الأكثر صرامة، وارتفاع أسعار الفائدة، وتدهور سوق الإسكان، وانخفاض ثقة المستهلك.
وقرر مجلس إدارة البنك اليوم -أيضًا- أنه اعتبارًا من بداية مارس 2023 فصاعدًا، ستنخفض محفظة برنامج شراء الأصول بوتيرة محسوبة، ويمكن التنبؤ بها، حيث لن يقوم نظام اليورو بإعادة استثمار جميع المدفوعات الرئيسية من الأوراق المالية المستحقة، وسيصل الانخفاض إلى 15 مليار يورو شَهْرِيًّا في المتوسط حتى نهاية الربع الثاني من عام 2023.