قال أشخاص مطلعون إن مصرفيي جي بي مورغان تشيس الذين قدموا المشورة للحكومة الألمانية بشأن بيع حصة 4.5% في كوميرز بنك دعوا البنك الإيطالي للمشاركة في المزاد.
ولم يتم اطلاع كبار المسؤولين في برلين مسبقاً على دعوة وُجِّهت إلى بنك يونيكريديت لتقديم عرض لشراء حصة الحكومة الألمانية في كوميرز بنك، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الأحداث، على الرغم من أن هذه الخطوة تفتح الباب أمام الاستحواذ الكامل من قِبل المقرض الإيطالي.
وقال هؤلاء الأشخاص حسب ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز إن مصرفيي جي بي مورغان تشيس الذين قدموا المشورة للحكومة بشأن بيع حصة قدرها 4.5 في المائة دعوا البنك الذي يقع مقره في ميلانو للمشاركة، ما أعطاه الانطباع بأن برلين ترحب باهتمامه.
وقد مكّن البيع الذي تم يوم الثلاثاء في مزاد بعد ساعات العمل بنك يونيكريديت من القفز إلى حصة 9 في المئة دون الكشف مسبقاً عن أي اهتمام، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يدفع السعر إلى الارتفاع.
لقد فاجأت الخطوة المفاجئة التي اتخذتها مجموعة كوميرز بنك لتصبح ثاني أكبر مساهم في كوميرز بنك ـ-بعد الحكومة التي تمتلك 12% المتبقية- المؤسسة الألمانية، وأشعلت معارضة عامة لبيع أحد الأصول الاستراتيجية، ووضعت برلين في موقف حرج قبل الانتخابات الفيدرالية العام المقبل.
قبل هذا الشهر، أشارت برلين مراراً وتكراراً إلى بنك يونيكريديت والمنافسين الأوروبيين المحيطين بكوميرز بنك بأنها غير مهتمة بالبيع لهم.
أرادت الشركة بيع حصتها في أجزاء صغيرة للمستثمرين الماليين، وفقاً لأشخاص مطلعين على المداولات، لكن قواعد الإنقاذ التابعة للاتحاد الأوروبي منعتها من التمييز ضد مقدمي العطاءات الاستراتيجيين.
ولم يتواصل بنك يونيكريديت مع الحكومة بشأن التحالف المحتمل مع كوميرز بنك في الفترة بين إعلان برلين أنها ستخفّض حصتها والمزاد، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.
لكن أشخاصاً مطلعين على تفكير يونيكريديت قالوا إن البنك أعرب عن اهتمامه بشراء الأسهم لممثلي الحكومة الألمانية قبل المزاد، وإن حجم الحصة والافتقار إلى الحقوق الخاصة المرتبطة بها يعني أن البنك كان مستثمراً مالياً وليس استراتيجياً.
وكان البنك الإيطالي، الذي يرأسه صانع الصفقات المخضرم أندريا أورسيل، قد جمع بحلول وقت المزاد يوم الثلاثاء حصة قدرها 4.5 في المئة من خلال معاملات مشتقة جاءت دون الحد الأدنى للإفصاح.
ولم يتم إخبار كبار المسؤولين في برلين إلّا في وقتٍ متأخر من العملية، يوم الثلاثاء الماضي، بأن بنك يونيكريديت كان يتقدم بعرض ويمتلك حصة قائمة.
وبدأت برلين مراجعة الأحداث ومعرفة المسؤول عن القرارات التي أدت إليها، حسب ما قال أشخاص مطلعون على هذه الخطوة لصحيفة فايننشال تايمز.
وقالت وزارة المالية لصحيفة «فايننشيال تايمز» إنه «في الوقت الذي بدأت فيه عملية الاكتتاب بشكل لا رجعة فيه، لم تكن وزارة المالية تعلم أن بنك يونيكريديت يمتلك أسهماً إضافية في كوميرز بنك».
وقالت الوزارة إن وكالة التمويل الاتحادية الألمانية، وهي الهيئة المسؤولة عن البيع، علمت بالحصة الحالية قبل وقتٍ قصير من إغلاق المزاد.
ولا تشرف الوزارة على القرارات اليومية لوكالة التمويل التي تتخذ من فرانكفورت مقراً لها.
وأضافت الوزارة أنه «في عملية غير تمييزية مثل [بناء سجل الأوامر المتسارع]، لا يمكن أن يكون لهذه المعلومات أي تأثير على تخصيص الأسهم»، حيث يتم منح الأسهم لمَن يدفع أعلى سعر.
وقال أشخاص مطلعون على موقف يونيكريديت إن حصتها الحالية تم الكشف عنها في وقتٍ مبكر من العملية.
وقال أورسيل في تصريحات تلفزيونية يوم الخميس «عندما اشترينا الشركة، كانت الحكومة الألمانية على علم تام بأننا نمتلك حصة بنسبة 4.5%.. وضمنياً، كانوا محايدين على الأقل بشأن قيامنا بزيادة حصتنا» إلى 9%.
وقال أشخاص مطلعون على وجهة نظر برلين إن هذا كان تفسيراً خاطئاً لموقفها، وقال أحد الأشخاص «لم يكن أحد [في أعلى مستويات الحكومة] راغباً في دعوة يونيكريديت».
وقال أشخاص مطلعون على المناقشات الداخلية إن كبار المسؤولين الحكوميين شعروا بالإحباط إزاء نتيجة البيع، وقال أحد الأشخاص المطلعين على آراء كبار المسؤولين: «حاولت يونيكريديت عمداً أن تفاجئ الجميع، وهو ما اعتبر سلوكاً غير ودي للغاية».
وقد استحوذ بنك يونيكريديت على حصة الحكومة من الأسهم بعلاوة 4.8% عن سعر الإغلاق يوم الثلاثاء.
ومنذ ذلك الحين ارتفعت أسهم كوميرز بنك بنسبة 24% لأن حصة يونيكريديت تعتبر مقدمة محتملة لصفقة أكبر.
وأضاف المصدر المطلع على آراء المسؤولين أن هذه الأحداث أثارت الشكوك حول ما إذا كان ينبغي السماح لبنك يونيكريديت بالسعي للاستحواذ الكامل.
وقال صُنّاع السياسات إنهم «منزعجون من أن هذه الخطوة قد تعني أن المناقشات الحادة للغاية حول الاستحواذ على كوميرزبنك سوف تستمر حتى عام 2025، وهو عام انتخابي حاسم».
وقال أحد المصرفيين الاستثماريين لصحيفة فايننشال تايمز إنه من غير المعتاد السماح لمستثمر استراتيجي بالانضمام إلى بيع أسهم بالجملة بعد ساعات العمل.
وأضاف هذا الشخص أن عملية بناء السجل السريع -وهي عملية قياسية تُستخدم لبيع شرائح كبيرة من الأسهم بسرعة للمستثمرين الماليين- كانت «الأداة الخاطئة» عندما كان لدى المشترين طموحات استراتيجية.
وقال توماس شويبي، وهو مصرفي سابق في مجال عمليات الدمج والاستحواذ في غولدمان ساكس ومؤسس شركة 7سكوير الاستشارية المتخصصة في تقديم المشورة للمساهمين ومقرها فرانكفورت، إن برلين «كان بوسعها أن تحقق علاوة وعائدات أعلى كثيراً» في عملية بيع استراتيجية.
وحتى لو شعرت الحكومة بأنها ملزمة بالسماح لجميع مقدمي العطاءات بالمشاركة في عملية «غير تمييزية»، فقد كان بوسعها أن تتضمن شروطاً تمنع أي مقدم عطاء واحد من الاستحواذ على جميع الأسهم، وقال أحد الأشخاص المطلعين على مثل هذه المبيعات: «هذه هي الشروط والأحكام النموذجية».
وأشار العديد من المصرفيين المطلعين على عمليات بناء سجل الأوامر المتسارعة إلى أنه كان من الواجب إلغاء الصفقة بعد أن اتضح اهتمام بنك يونيكريديت كمقدم عرض استراتيجي. ولكن أشخاصاً مطلعين على المناقشات داخل الوكالة المالية قالوا إن هذا لم يكن ممكناً لأسباب قانونية.
واضطر بنك غولدمان ساكس، الذي نظّم المزاد إلى جانب جي بي مورغان، إلى الانسحاب في منتصف العملية بمجرد أن أصبح اهتمام يونيكريديت واضحاً، تاركاً جي بي مورغان لإكمال عملية بناء السجل بمفرده.
يُعدّ بنك غولدمان ساكس مستشاراً استراتيجياً منذ فترة طويلة لشركة كوميرز بنك، وهو الآن يقدم المشورة بشأن دفاعها عن عملية الاستحواذ. وكان بنك جي بي مورغان في السابق مستشاراً لشركة يوني كريديت.