مع كل عام جديد، يجد الأشخاص أنفسهم أمام سلسلة لا تنتهي من القرارات المالية الحاسمة: كيف يتجنبون الإفلاس؟ كيف يزيدون دخلهم ويستعدون للمستقبل بينما يستمتعون بحياتهم ويقللون من التحديات؟ هذه الأسئلة تزداد تعقيداً مع مرور الوقت، وهنا يأتي دور المستشارين الماليين -سواء كانوا بشريين أو رقميين- الذين يمكنهم المساعدة في توجيه الأفراد نحو القرارات الأفضل.

في السنوات الأخيرة، شهدت الاستشارات المالية تطوراً كبيراً، حيث لم تعد شركات الاستشارات المالية الآلية تقتصر على تقديم خدمات الاستثمار الأساسية، بل توسعت لتشمل مجموعة واسعة من أدوات التخطيط المالي.. ومع هذا التوسع، ظهرت حلول هجينة تجمع بين الإدارة الآلية للمحافظ المالية والوصول إلى المستشارين البشريين، ما يتيح للعملاء تجربة أكثر شمولاً.

ولكن السؤال يبقى: هل المستشار المالي الآلي يناسب احتياجاتك؟

إذا كنت تفضل التعاملات الرقمية وتجد الراحة في الاستثمار عبر الإنترنت، فقد تكون الاستشارة الآلية هي الخيار الأنسب لك؛ لكن هناك فرقاً كبيراً بين ما يقدمه المستشار البشري المحترف وما يقدمه النظام الآلي، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالرؤية، والحكم المنضبط، وإدارة ردود الفعل في حالات التقلبات المالية.

وحول ما يوفره المستشار البشري المتمرس والذي لن يوفره نظام إدارة المحافظ الآلي، يقول بول إبراهيم، رئيس جمعية التخطيط المالي والمدير الإداري لمجموعة تعزيز الثروة «المستشار المالي البشري أفضل في ما يخص الرؤية والحكم المنضبط والتدريب، والأهم من ذلك التعامل مع مخاوف وهموم العميل، مثل إدارة رد فعل العميل عند حدوث تقلبات قصيرة الأجل في السوق».

التكاليف والمزايا

عادةً ما يكون الاعتماد على مستشار بشري لإنشاء مخطط مالي أكثر تكلفة بكثير، قد يدفع البعض بضعة آلاف من الدولارات من أجل إعداد خطة مالية شاملة، ثم يتحمل رسوماً سنوية أو نسبة مئوية من الأصول التي يملكها.

ولكن اليوم هناك بعض المستشارين البشريين الذين يتقاضون رسوماً سنوية فقط، «التسعير متنوع جداً، وهناك نمو كبير في إتاحة المستشارين مقابل اشتراك فقط»، يقول بول إبراهيم.

بالطبع المستشارون الآليون أقل تكلفة، على سبيل المثال خفضت منصة «فان جارد» الحد الأدنى للاستثمار اللازم للحصول على خدمة المستشار الرقمي إلى 100 دولار فقط، مقارنة بثلاثة آلاف دولار سابقاً، وانخفضت الرسوم السنوية إلى ما بين 11 دولاراً و20 دولاراً.

«متوسط رسوم الاستشارات الرقمية في محافظنا التي تغطي جميع مؤشرات الأسهم يبلغ 0.05 في المئة، أو 5 دولارات لكل 10 آلاف دولار مستثمرة» يقول بريان كونكانون، رئيس منصة فان جارد للاستشارات الرقمية، أما إذا استثمر أحد العملاء 50 ألف دولار أو أكثر، فيمكنه استخدام الخدمات الهجينة الأكثر تميزاً، والتي تمنحك إمكانية الوصول إلى مستشارين بشريين، وأيضاً برسوم سنوية منخفضة.

الاحتياجات والأهداف

قال كونكانون إن الحافز الأكبر لدفع الأشخاص للبحث عن الاستشارات المالية «عادةً ما يكون حدث كبير في الحياة»، مثل إنجاب أطفال أو شراء منزل أو التخطيط للتقاعد بعد بضع سنوات، أو شغل أول وظيفة والحصول على أول راتب ثابت، أما ثاني أهم حافز فهو «الرغبة في تقليل الضغوط المالية».

في البدايات الأفضل استخدام مستشار آلي، لأن العميل ليس لديه الكثير من المال، والمستشار الآلي تكلفته زهيدة وسيقدم توصيات منطقية باستغلال الأصول بالشكل الأمثل لتحقيق الأهداف، ثم إدارة هذه المحفظة تلقائياً نيابة عنك.

ولكن مع تراكم الأصول وزيادة تعقيد الحياة المالية والوضع الضريبي، سيحتاج العميل إلى أكثر من ذلك.

لذا يقول بن جونسون، رئيس حلول العملاء في إدارة الأصول في مورنينج ستار، إن المنصات لا بد أن تقدم تراكماً في الخدمات يتناسب مع تراكم الثروات، خاصةً في الملفات المثيرة للقلق مثل الضرائب والتخطيط العقاري.

وقال إبراهيم «أصحاب الأعمال في الأربعينيات أو الخمسينيات من العمر والذين تتركز أصولهم في أعمالهم، هي أصول غير سائلة ولكنها تساوي الكثير، ولديهم قضايا ضريبية ومشكلات في التخطيط العقاري ومشكلات في إدارة التدفق النقدي وإدارة الديون، هؤلاء يحتاجون إلى المستشار البشري».

وضرب إبراهيم مثلاً بأحد العملاء الذي قرر دمج العديد من حساباته، وكان أحدها يحتوي على حساب تقاعد فردي، ولم يكن المستثمر على علم بالعواقب الضريبية المترتبة على نقل الأموال من حساب التقاعد الفردي إلى حساباته الشخصية، «لذا كان يواجه فاتورة ضريبية بقيمة 38 ألف دولار» بسبب جهله بعقوبات السحب المبكر وكيفية عمل الضرائب.

هذا المستثمر كان يعتمد على برنامج إدارة المحفظة الآلي، الذي أشار إلى المشكلة قبل وقوعها، لكن المستشار البشري الذي قدّم النصيحة نفسها لعملاء آخرين كان أكثر إقناعاً، ونجح في تجنب هذا الخطأ، وتوجيه العملاء إلى تحقيق أهدافهم دون تكبد عقوبات.