تحمل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض احتمالات واسعة لإجراء تغييرات شاملة على طبيعة عمل بنك الاحتياطي الفيدرالي، حتى إن هناك تساؤلات حول بقاء البنك من الأساس.

إيلون ماسك، الداعم الرئيسي لترامب، الذي من المتوقع أن يكون له تأثير كبير في تشكيل سياسات الرئيس الجديد، أعاد مشاركة منشور السيناتور الجمهوري، مايك لي، من ولاية يوتا، على «إكس»، يدعو إلى إلغاء بنك الاحتياطي الفيدرالي.

قال لي في منشور على «إكس»، «يجب أن تكون السلطة التنفيذية تحت إشراف الرئيس»، بعد ساعات من إعلان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أنه لن يستقيل إذا طلب منه ترامب ذلك.

 جيروم باول: لن أستقيل حتى لو طلب مني ترامب ذلك

وأضاف لي «بنك الاحتياطي الفيدرالي هو أحد الأمثلة العديدة على كيفية انحرافنا عن الدستور في هذا الصدد، هذا سبب آخر لماذا يجب علينا #إنهاء_بنك_الاحتياطي_الفيدرالي».

وعندما سُئِلت عن موقف ترامب من هذه المسألة، قالت المتحدثة الرسمية باسم ترامب، فانس كارولين ليفات، لشبكة سي إن إن، «لا ينبغي اعتبار الحديث رسمياً إلّا إذا جاء من الرئيس ترامب مباشرة».

إن الدعوة إلى إلغاء بنك الاحتياطي الفيدرالي ليست جديدة، فقد أصدر عضو الكونغرس السابق، رون بول، كتاباً في عام 2009 بعنوان «القضاء على بنك الاحتياطي الفيدرالي»، وفي يونيو حزيران، قدم النائب الجمهوري، توماس ماسي، من كنتاكي، مشاريع قوانين مماثلة تهدف إلى اقتلاع البنك المركزي من البلاد وتحويل مسؤولياته إلى وزارة الخزانة.

ولكن حتى الآن لم يعرب ترامب علناً عن دعمه لتفكيك بنك الاحتياطي الفيدرالي.. مع ذلك فقد دعا خلال حملته الانتخابية إلى تغيير قواعد عمل البنك المركزي، ما أثار استياء العديد من خبراء الاقتصاد.

استقلالية على المحك

قال ليفات، في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني إلى شبكة سي إن إن، «أعاد الشعب الأميركي انتخاب الرئيس ترامب بهامش كبير، ما يمنحه تفويضاً لتنفيذ الوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية، وسوف يفي بوعوده».

وتشمل هذه الوعود خفض أسعار الفائدة «بشكل كبير»، وهو ما تعهد ترامب بفعله إذا انتُخب في أغسطس آب الماضي.

مع ذلك لا يتمتع الرؤساء بأي تأثير مباشر على الأسعار التي يدفعها الأميركيون لاقتراض المال.

لأكثر من 70 عاماً كان من واجب البنك المركزي تحديد أسعار الفائدة عند مستويات تضمن استقرار الأسعار والأسواق، والتشغيل الأقصى للعمالة، دون أي تدخل سياسي.

هذا أعطى مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي سلطة اتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة، لا تحظى بالضرورة بشعبية، ولكنها قد تساعد اقتصاد البلاد في الأمد البعيد.

على سبيل المثال، قاوم محافظو البنوك المركزية الدعوات إلى خفض أسعار الفائدة، واختاروا بدلاً من ذلك الإبقاء على أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ عقدين من الزمان، ونجحوا نتيجة هذا القرار في كبح جماح التضخم العنيد وتحقيق هبوط ناعم للاقتصاد في 2024.

ولكن خلال الحملة الانتخابية طرح ترامب فكرة إلزام مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتشاور معه بشأن قرارات أسعار الفائدة، وقد يؤدي هذا إلى الضغط على مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي للإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة لتلبية رغبات ترامب، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى إعادة إشعال فتيل التضخم.

خلال فترة ولايته الأولى، هدد ترامب أيضاً بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، وألقى عليه باللوم في إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة للغاية، ولكن باول، وهو محامٍ، أكد أن ترامب لا يستطيع تنفيذ تهديده «بموجب القانون».

ولا يمكن إقالة رئيس البنك المركزي الأميركي إلا «لسبب وجيه» وفق القانون، وهذا «السبب الوجيه» أمر غير محدد بدقة ولكنه بالطبع ليس مجرد خلافات سياسية مع الرئيس.

السيطرة ليست سهلة

يستطيع ترامب اختبار قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على الحفاظ على الوضع الراهن، وحالياً يسيطر الجمهوريون على الأغلبية في مجلس الشيوخ، وهناك ستة من قضاة المحكمة العليا التسعة تم تعيينهم من قبل رؤساء جمهوريين، لكن أي شخص يتحدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في أعلى محكمة في البلاد لا ينبغي أن يتوقع أن يخرج منتصراً بالضرورة.

هذا العام أصدرت المحكمة العليا حكماً بأغلبية 7 قضاة مقابل اثنين فقط، لصالح استمرارية عمل مكتب حماية المستهلك بشكله الحالي، على الرغم من حجج العديد من المُشرعين الجمهوريين بأن هيكله غير دستوري.