وقفت إيمان السيد تتأمل طويلا محتويات واجهة محل مصوغات ذهبية بحي شبرا الشعبي في العاصمة المصرية القاهرة، لكن من دون أن تدخل كما كانت معتادة.
وقالت إيمان، المعلمة الأربعينية، في حديث لـ “CNN اقتصادية”: “بدأتُ شراء بعض السبائك الصغيرة الحجم قبل عام لأن مصاريف صياغتها أقل من المشغولات كالخواتم والأساور وغيرها. لكنني لن أشتري اليوم لأن السعر عالٍ جداً. من الأفضل أن أنتظر قليلاً لعلّ الأسعار تنخفض قريباً”.
تفاقمت أزمة الذهب في السوق المصرية مؤخرا ليتوقف التعامل بيعا وشراءً على نحو شبه تام منذ الخميس الماضي بسبب تقلبات الأسعار ووصولها لمستويات مرتفعة غير مسبوقة مساء الاثنين عند 2100 جنيه للجرام من عيار نقاء 24 قيراطا.
وجاء الارتفاع المحلي في سعر الذهب على الرغم من هبوط السعر العالمي، ومع دخول سعر الدولار الأمريكي كعنصر أساسي في المعادلة بعد التعويم الأحدث للجنيه المصري والإقبال الشديد على شراء المعدن الثمين مع تجدد تآكل قيمة المدخرات النقدية.
فبعد تخفيض قيمة الجنيه المصري في خريف العام 2016، خسرت العملة 55 بالمئة من قيمتها في خفضين متتاليين آخرين في 2022، وسط تكهنات بتخفيض جديد قبل نهاية العام الحالي.
“حالياً الذهب هو أداة تحوط للمصريين من انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار بصرف النظر عن توقعات سعره العالمي،” بحسب ما قال المحاضر بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة هاني جنينة لمنصة CNN الاقتصادية.
واشترى المصريون 3100 كيلوجرام ذهب سبائك وجنيهات حتى نهاية الربع الثالث من 2022، وفق بيانات مصلحة الدمغة والموازين، وهي كمية مماثلة لتلك التي قاموا بشرائها طوال العام 2021.
وقال فادي كامل رئيس مجلس إدارة شركة (ذهب مصر) متحدثا إلى CNN الاقتصادية إن “من المنتظر أن تصل مبيعات السبائك والجنيهات الذهبية في الربع الأخير من العام الحالي إلى 1500 كيلوجرام لترتفع نسبة التحوط بالذهب بواقع 48 في المئة”.
في الفضاء الإلكتروني، أبرزت نقاشات 200 ألف عضو في صفحة على (فيسبوك) مخصصة لبيع وشراء السبائك سخطاً كبيراً بسبب ارتفاع سعر جرام الذهب وسط دعوات للتوقف عن التداول حتى استقرار السوق، بينما بدت إمكانية تراجع السعر، التي يترقبها البعض ويخشاها آخرون، سرابا في أعين الناصحين.
يقول أحد هؤلاء: “من معه ذهب وخائف إن السعر ينزل، أحب أقولك الذهب للادخار وعمره ما نزل. بعد تعويم التسعينيات الذهب رفع 300%، وهو ما يحدث الآن. للأسف، قيمة الجنيه تقل”.