تسيطر توقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي للفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل على الأسواق المالية، ورغم أن هذه الخطوة من المفترض أن تدعم أسعار الذهب، فإن بعض الخبراء يتوقعون اتجاه المعدن الثمين للانخفاض عقب القرار.
ويرى المتداولون أن احتمالية خفض الفائدة الأميركية الاجتماع المقبل بنسبة 100 في المئة، وفقاً لأداة «فيد ووتش»، لكنهم ينقسمون بين مقدار الخفض إما بنحو 25 نقطة أساس، وهو التوقع السائد، أو 50 نقطة أساس.
وقال أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة VI Markets في مصر «أرى إمكانية مشاهدة انخفاضٍ لسعر الذهب وليس ارتفاعاً بعد خفض الفائدة المتوقع من الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، لأن الأسواق قامت بتسعير مسبق لخبر الفيدرالي»، ما يعني أن المستثمرين اتجهوا إلى شراء الذهب بالفعل ووصل سعر المعدن إلى المستويات المفترض الوصول لها بعد خفض الفائدة.
كما أوضح معطي في تصريحاته لـ«CNN الاقتصادية» أن الأسواق المالية تتوقع منذ نحو شهر قرار خفض الفائدة، فضلاً عن تصريحات جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مؤتمر جاكسون هول التي أكدت هذه التوقعات، قائلاً «يوم خفض الفائدة 18 سبتمبر سيكون تحصيل حاصل»، وهو ما تؤكده الارتفاعات الأخيرة المشهودة في سوق الذهب.
وقال باول في تصريحات طالها انتظارها من السوق في كلمته خلال مؤتمر جاكسون هول «حان موعد تعديل السياسة النقدية»، مؤكداً ثقته في انخفاض معدل التضخم إلى مستهدف البنك البالغ اثنين في المئة، وهي إشارة إلى اقتراب قرار خفض الفائدة أكثر من أي وقت مضى.
مقاومة أمام صعود الذهب
بعد صعود الذهب إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في الشهر الجاري، أصبح المعدن الثمين يواجه مقاومة حالية اعتماداً على التحليل الفني لحركته السعرية، وهو سيناريو تكرر من قبل خلال رحلة صعود أسعار الذهب تاريخياً، وفقاً للخبراء.
وقال وليد أبو الدهب، كبير محللي الأسواق المالية في المتداول العربي، «نلاحظ أن مستويات 2500 دولار للأونصة تمثل محور ارتكاز قوياً ومهماً للأسعار منذ محاولة اختراقها أول مرة في 16 أغسطس»، مشيراً إلى أن مستويات 2530 دولاراً تمثل مقاومة تضع حداً مؤقتاً للصعود الحالي.
وأضاف أبو الدهب في تصريحاته لـ«CNN الاقتصادية»: «كررت أسعار الذهب هذا السيناريو من قبل في تعاملها مع منطقة المقاومة عند نطاق المستويات 2475-2485 دولاراً قبل الاختراق والارتكاز عليها حتى الوصول إلى المستويات الحالية».
ومع ذلك، قد لا يستمر هذا السيناريو طويلاً، إذ إن التوقعات صعودية بحلول عام 2025، وفقاً لأبو الدهب، وهو ما يتماشى مع توقعات البنوك الاستثمارية.
توقعات سعر الذهب 2025
تتأثر توقعات الذهب في عام 2024 الجاري و2025 المقبل، بعدد من العوامل التي تؤثر على حركة السعر، وأشار معطي، خبير الأسواق المالية، إلى أن التحركات الفيدرالية ليست العامل الوحيد المؤثر على سعر الذهب، فهناك مؤثرات أخرى قد تحد من انخفاضه وعلى رأسها التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وبين روسيا وأوكرانيا، واقتراب الانتخابات الأميركية، مرجحاً موجة صعود جديدة في حالة استمرار التوترات.
كذلك كان الشراء المكثف للذهب من قبل البنوك المركزية العالمية أيضاً من أهم محركات ارتفاع أسعار الذهب في الفترة الماضية، ولا يظهر هذا الاتجاه أي علامات على التباطؤ أيضاً، إذ تسعى العديد من البلدان إلى تنويع احتياطياتها بعيداً عن العملات التقليدية، بحسب الخبراء.
وقال عاصم منصور رئيس أبحاث السوق لدى شركة OW Market، لـ«CNN الاقتصادية» في وقت سابق، «سيظل الذهب الخيار الأفضل خلال الشهور المقبلة كونه ملاذاً آمناً وسط التوترات الجيوسياسية وهو ما انعكس على توجه صناديق الاستثمار والتحوط والبنوك المركزية التي ينوي 29 في المئة منها الاستمرار في زيادة حيازتها من الذهب بشكل كبير».
وعلى الصعيد المستويات الفنية للذهب، يتوقع وليد أبو الدهب، استمرار الحركة الصاعدة على المدى المتوسط إلى الطويل مع استمرار تأثير المحركات الحالية وصولاً إلى مستويات 2550 دولاراً مع بداية العام القادم 2025، مشيراً إلى احتمالية تأثير هذه الارتفاعات على وتيرة الطلب الحالية على الذهب سواء من جانب البنوك المركزية أو من جانب المستثمرين.
وقال أبو الدهب إن هذا التحول «قد يجعلنا نشاهد بعضاً من الهبوط خلال الربع الأخير من العام -خاصة مع التغيرات السياسية المتوقع حدوثها- تجاه مستويات 2450 إلى 2430 دولاراً، لكن ستكون هذه على الأرجح نقطة انطلاق جديدة مع نهاية العام للعودة إلى حاجز 2550-2575 دولاراً للأونصة، مع بداية 2025».
ومن بين البنوك الاستثمارية الكبرى، يتوقع جيه بي مورغان مستويات تاريخية جديدة للذهب؛ نحو 2600 دولار للأونصة بنهاية عام 2025، مقابل توقعات أكثر تفاؤلاً من غولدمان ساكس بوصول الأسعار إلى 2700 دولار، فيما يرجح بنك أوف أميركا قفزة بتجاه 3000 دولار للأونصة خلال الـ12 شهراً المقبلة.