قبل أقل من أسبوعين، كان (غوتام أداني) رابع أغنى شخص في العالم. فبثروة شخصية تقدر بنحو 120 مليار دولار، كان رجل الصناعة الهندي العصامي أكثر ثراءً من (بيل غيتس) و (وارن بافيت).
ثم اتهمته (هيندنبورغ ريسيرش)، وهي شركة أميركية تعمل في مجال البيع على المكشوف ولها رهانات ضد شركات (أداني)، بارتكاب «الخديعة الأكبر في تاريخ الشركات».
خسرت شركات (أداني) 110 مليارات دولار من قيمتها منذ ذلك الحين، وانخفضت ثروته الخاصة بمقدار النصف إلى ما يزيد قليلاً فحسب على 61 مليار دولار مع قيام المستثمرين بسحب دعمهم.
وفي حين أدانت مجموعة (أداني) التقرير ووصفته بأنه «لا أساس له من الصحة» و«كيدي»، فإن تساؤلات المستثمرين حول ادعاءاته لا تزال قائمة، وتداعياته تتفاقم. في غضون ذلك، يوضح شركاء (أداني) ومقرضوه علاقاتهم بالمجموعة، في حين بدأت الحكومة الهندية تحقيقاً بخصوص أعماله بعد مطالبات من جانب المعارضة في البرلمان. إليكم أهم المعلومات.
من هو (غوتام أداني)؟
(غوتام أداني) رجل أعمال يبلغ من العمر 60 عاماً أسس مجموعة (أداني) منذ أكثر من 30 عاماً.
شيد (أداني)، الذي لم يتم تعليمه الجامعي، إمبراطورية أعمال مترامية الأطراف تمتد أنشطتها عبر قطاعات البنية التحتية، واللوجستيات، وإنتاج الطاقة، والتعدين. أكسبه هذا النجاح مقارنات مع (جون د. روكفلر) و(كورنيليوس فاندربيلت)، اللذين أنشآ احتكارات هائلة خلال عصر أميركا الذهبي في القرن التاسع عشر.
كان أغنى رجل في آسيا، وتجاوز في سبتمبر أيلول الماضي لفترة وجيزة (جيف بيزوس) ليصبح ثاني أغنى رجل في العالم. كما يُنظر إليه على أنه حليف وثيق لرئيس وزراء الهند، (ناريندرا مودي).
ما التُهم الموجهة إلى (أداني)؟
أحدثت (هيندنبورغ ريسيرش) صدمة في أوساط المستثمرين أواخر يناير كانون الثاني عندما نشرت تقريراً يتهم (أداني) وشركاته بالاحتيال واسع الناطق و«التلاعب الفج في الأسهم» على مدى عقود. وقالت الشركة إنها كونت مركزاً مديناً في شركات مجموعة (أداني)، مما يعني أنها ستستفيد من انخفاض قيمتها.
طرحت (هيندنبورغ) 88 سؤالاً على (أداني) تلقي بظلال من الشك على المركز المالي لمجموعته. تراوحت تلك الأسئلة بين طلبات الحصول على تفاصيل بخصوص الكيانات الخارجية للمجموعة إلى الاستفسار عن مبررات “مثل هذا الهيكل المؤسسي المعقد والمتشابك».
قالت مجموعة (أداني) إنها تدرس اتخاذ إجراء قانوني ردًا على تلك المطالبات. واتهمت (هيندنبورغ) بشن «هجوم مخطط له على الهند» وقالت إن شركة الاستثمار ليس مهتمة سوى بمكاسبها المالية. لكن المحللين يقولون إن مجموعة (أداني) لم تقدم إجابات مقنعة على الأسئلة التي أثارها التقرير.
ماذا يعتقد المستثمرون؟
المستثمرون، الذين أفزعتهم الادعاءات، ينسحبون، غير راغبين في التورط في معاملة خاسرة. تراجعت أسهم (أداني إنتربرايزز)، الشركة شركة (أداني) الرئيسية، بنحو 55 في المئة منذ نشر تقرير (هيندنبورغ) في 24 يناير كانون الثاني.
نتيجة لذلك، تكافح الشركة الآن لجمع تمويل جديد. ويوم الأربعاء، تخلت (أداني إنتربرايزز) فجأة عن صفقة بقيمة 2.5 مليار دولار لبيع الأسهم، بعد 24 ساعة فقط من إتمامها.
هوت أسهم معظم شركات مجموعة (أداني) مجدداً يوم الجمعة. وأوقفت البورصات الهندية التداول في خمس شركات مدرجة للمجموعة بعد انهيار أسهمها بالحدود القصوى اليومية البالغة خمسة وعشرة في المئة.
في الوقت نفسه، قالت (توتال إنرجيز)، وهي شريك تجاري رئيسي، إن (أداني) وافق على السماح لإحدى شركات المحاسبة «الأربع الكبرى» بإجراء «تدقيق محاسبي عام». لكن لم يصدر تأكيد من (أداني).
وصفت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة انكشافها على (أداني) البالغ 3.1 مليار دولار، عبر استثمارات مشتركة في الهند، بالـ«محدود». وقالت أيضًا إن هذه الشراكات «ممتثلة امتثالاً تاماً بالقوانين المعمول بها – وتحديداً بالقوانين الهندية».
ماذا بعد لمجموعة (أداني)؟
تثير موجة البيع تساؤلات حول كيفية استمرار أعمال (أداني) في تغطية تكاليفها.
أصبح عبء الديون الكبير على شركات (أداني) – أحد المخاوف التي أثارها تقرير (هيندنبورغ) – تحت المجهر. وقالت وكالة التصنيفات الائتمانية (موديز) يوم الجمعة إن من المرجح أن تنال الاضطرابات من قدرة المجموعة على تدبير التمويل.
وفي بيان صدر مساء الأربعاء ، شدد (أداني) على أن أعماله لا تزال قائمة على أسس صلبة ، وأن المديرين التنفيذيين سيراجعون استراتيجية سوق المال «فور استقرار السوق».
وقال «ميزانيتنا العمومية جيدة للغاية بتدفقات نقدية قوية وأصول آمنة، وسجلنا في خدمة ديوننا لا غبار عليه».
وقد لا تقتصر عواقب البيع على (أداني). إذ قد تتأثر أيضاً البنوك الهندية المشاركة في أصول لمجموعة (أداني) إذا استمرت قيمة هذه الحيازات في الانخفاض.
وقال بنك الاحتياطي الهندي يوم الجمعة إن القطاع المصرفي «لا يزال متيناً ومستقراً» بناءً على أحدث تقييم له وتعهد بمواصلة مراقبة الوضع.
شركات الهند من الهجوم إلى الدفاع
في غضون ذلك، أضحت هذه المحنة مصدراً لاضطرابات سياسية متزايدة في نيودلهي.
فقد طالبت المعارضة البرلمانية بفتح تحقيق بشأن تقرير (هيندنبورغ). ونظم النواب احتجاجا في البرلمان يوم الأربعاء بينما كان وزير المالية يقدم الميزانية السنوية.
وأثارت مطالب المشرعين بتعليق الأعمال العادية يوم الجمعة للسماح بنقاش طارئ حول أزمة (أدانى) ضجة أدت إلى رفع جلسات مجلسي البرلمان حتى يوم الاثنين.
وكتب حزب المؤتمر، المعارض الرئيسي، على تويتر «ثمة إجراءات بحق (أداني) تُتخذ في جميع أنحاء العالم، لكن رئيس الوزراء (مودي) لا يحرك ساكناً.. متى ستتخذ حكومتنا إجراءات؟»
تلقي الأسئلة حول إمبراطورية (أداني) ظلالاً من الشك على أفق الشركات الهندية، التي كانت قبل أسابيع قليلة فحسب حاضرة وبقوة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا للترويج للفرص للمستثمرين الأجانب.
عول ممثلو الهند على آفاقها الاقتصادية القوية نسبيًا. حيث توقع البنك الدولي الشهر الماضي أن تسجل الهند أقوى نمو اقتصادي لأي اقتصاد رئيسي هذا العام.
يقول (مانيش شودري)، رئيس قسم الأبحاث في (ستوكسبوكس) للسمسرة «ملحمة (أداني) فتحت صندوق الشرور.. الهند تبدو ضعيفة» للمستثمرين الأجانب الآن.
(جوليا هورويتز وديكشا مادوك وأليسون مورو – CNN)