في إطار تطلعاتها لتطوير قطاع الاتصالات الفضائية والأمن الوطني، أبرمت حكومة دولة الإمارات اتفاقية بقيمة 18.7 مليار درهم (5.1 مليار دولار) مع شركة «سبيس 42» لتقديم خدمات الاتصالات الفضائية الآمنة على مدار 17 عاماً، تبدأ من عام 2026، بموجب الاتفاقية، ستطلق الشركة قمرين صناعيين جديدين، “الياه 4” و”الياه 5”، المتوقع تشغيلهما بين عامي 2027 و2028، ليحلا محل الأقمار الحالية ويعززا من قدرات البنية التحتية الفضائية للدولة.
رؤية استراتيجية للمستقبل
تحدث علي الهاشمي، الرئيس التنفيذي لشركة «الياه سات» التابعة لـ«سبيس 42»، عن الأهمية الاستراتيجية لهذه الاتفاقية في مقابلة مع “سي إن إن الاقتصادية”، وأشار إلى أن المشروع يأتي في سياقخطط الإمارات لتوسيع أسطولها الفضائي ليصل إلى ثمانية أقمار بحلول عام 2028، وذلك في إطار البرنامج الفضائي الإماراتي الأوسع لرصد الأرض ودعم البنية التحتية الوطنية.
وأوضح الهاشمي أن هذه الاتفاقية تعد استكمالاً لنهج الإمارات في الاستثمار في تكنولوجيا الفضاء، لتلبية الاحتياجات المتزايدة للاتصالات الآمنة، خاصة في القطاعات الحيوية، وذكر أن القمرينالصناعيين الجديدين سيُبنيان باستخدام تقنيات حديثة تضمن تحسين الكفاءة الإنتاجية، وزيادة عرض النطاق الترددي، وتوفير مرونة أكبر لإدارة الاتصالات، مع تعزيز الأمن الإلكتروني ضد التهديدات المتزايدة.
تحسين القدرات التقنية
الأقمار الصناعية الجديدة “الياه 4” و”الياه 5” تمثل نقلة نوعية مقارنة بالأقمار الحالية، فهي مصممة لتوسيع التغطية الجغرافية بشكل أكبر، ما يعزز من استمرارية الاتصال في مناطق تمتد منالشرق الأوسط إلى إفريقيا وآسيا وأوروبا، وأكد الهاشمي أن هذه الأقمار تعتمد على منصة Airbus Eurostar Neo، التي توفر إمكانية التعديل في المدار، ما يعكس مرونة تقنية عالية تتماشى مع المتطلبات المستقبلية.
شراكات عالمية
أحد الجوانب البارزة في هذا المشروع هو التعاون مع شركتين رائدتين عالمياً؛ شركة “إيرباص” لبناء القمرين الصناعيين وشركة “سبيس إكس” لإطلاقهما باستخدام مركبة Falcon 9، ووفقاً للهاشمي،تسهم هذه الشراكات في تقليل المخاطر المتعلقة بالجدول الزمني والتكاليف، كما تتيح للشركة الاستفادة من أحدث الابتكارات في مجال بناء وإطلاق الأقمار الصناعية.
أبعاد اقتصادية وإقليمية
بينما تسلط الاتفاقية الضوء على طموح الإمارات لتطوير قدراتها التقنية، أشار الهاشمي إلى أن هذا المشروع يمتلك أبعاداً اقتصادية مهمة، فهو يسهم في خلق فرص عمل جديدة في مجالات الهندسة والتكنولوجيا،إلى جانب جذب استثمارات وشركات دولية متخصصة إلى المنطقة.
كما أن تحسين التغطية الجغرافية للأقمار الصناعية سيعزز من قدرة الإمارات على توفير خدمات اتصالات موثوقة عبر عدة قارات، ما يعزز مكانتها الإقليمية والعالمية في مجال الفضاء، وأضاف الهاشميأن الحد من الاعتماد على خدمات الأقمار الصناعية الأجنبية يُعد عاملاً رئيسياً في تعزيز السيادة التكنولوجية لدولة الإمارات.
التحديات والتطلعات
بالرغم من الآفاق الواعدة، يعكس المشروع أيضاً التحديات المرتبطة بالالتزام بجدول زمني طويل يمتد لعقدين تقريباً، إلى جانب إدارة تكاليف تطوير القمرين والبنية التحتية ذات الصلة، التي تصلإلى 3.9 مليار درهم (1.1 مليار دولار)، ومع ذلك أشار الهاشمي إلى أن استخدام تقنيات متقدمة مثل تلك التي تقدمها “إيرباص” و”سبيس إكس” سيخفف من هذه التحديات ويساعد في تحقيق الأهداف المحددة.
خاتمة
تُعد الاتفاقية مع «سبيس 42» خطوة محورية في تعزيز قدرات الإمارات في قطاع الفضاء والاتصالات، حيث توفر حلولاً طويلة الأجل للبنية التحتية الوطنية، ومع تطور المشروع خلال السنوات القادمة،سيصبح من المثير متابعة كيفية تأثير هذه الخطوة على المشهد التكنولوجي والإقليمي لدولة الإمارات، في ظل التزامها بالابتكار والاستدامة في مجال الفضاء.