شهدت شركة بوينغ عاماً مليئاً بالأزمات والمشكلات التي أثّرت في سمعتها وأدائها المالي، بدءاً من حادث كاد أن يتحول إلى كارثة وانتهاءً بأسوأ كارثة طيران في العام.

هذه الأحداث تأتي في وقت كانت فيه الشركة تأمل في استعادة مكانتها بعد سنوات من التحديات، فهل تستطيع صانعة الطائرات العملاقة التعافي قريباً؟

حادثة طيران ألاسكا: البداية الكارثية

في 5 يناير كانون الثاني 2024، تعرضت رحلة طيران ألاسكا رقم 1282 لحادث خطير بعد إقلاعها من بورتلاند، أوريغون.

وفي أثناء صعود الطائرة إلى ارتفاع 16 ألف قدم، انفجرت سدادة أحد الأبواب الخلفية للطائرة، ما تسبب في فتحة كبيرة في الهيكل الخارجي.

أُلقيت هواتف وملابس الركاب إلى خارج الطائرة، وسقطت أقنعة الأكسجين، بينما تشوّهت المقاعد المجاورة للفتحة بفعل اندفاع الهواء.

لحسن الحظ، كانت المقاعد المجاورة للفتحة فارغة، وتمكن الطاقم من الهبوط بالطائرة بسلام دون إصابات خطيرة.

ولكن هذه الحادثة سلّطت الضوء على مشكلات خطيرة في عمليات التصنيع لدى بوينغ.

سلسلة الأزمات خلال 2024

لم يكن حادث طيران ألاسكا سوى البداية لسنة مليئة بالأحداث السلبية، والتي تزامنت مع سلسلة من حوادث الطيران المرتبطة بطائرة بوينغ طراز 737.

1- تحقيقات وملاحقات قانونية

كشفت التحقيقات الأولية أن الطائرة غادرت مصنع بوينغ قبل شهرين من الحادث وهي تفتقر إلى أربعة براغي ضرورية لتثبيت سدادة الباب.

أدى ذلك إلى فتح تحقيقات من قِبل مجلس السلامة الوطني، وإدارة الطيران الفيدرالية، ووزارة العدل، وحتى الكونغرس.

وفي يوليو تموز 2024، وافقت بوينغ على الاعتراف بالذنب في قضية تعود إلى تلاعبها بإجراءات التصديق على طائرة 737 ماكس، ما أدى إلى دفع غرامات تصل إلى 487 مليون دولار.

2- إضراب العمال

في سبتمبر أيلول 2024، دخل 33 ألف عامل في إضراب استمر شهرين، ما أدى إلى توقف إنتاج طائرات 737 ماكس والطائرات المخصصة للشحن.

وكلف الإضراب، الذي كان الأكبر في القرن الحالي، الشركة وشركاءها خسائر تجاوزت 11.5 مليار دولار.

الأول منذ 16 عاماً.. إضراب 33 ألف موظف في بوينغ

3- أزمة مركبة ستارلاينر

تأجلت عودة رائدي فضاء من محطة الفضاء الدولية على متن مركبة ستارلاينر التابعة لبوينغ بسبب تسريبات غاز الهيليوم ومشكلات في المحركات.

لذلك، اضطرت وكالة ناسا إلى إعادة رواد الفضاء باستخدام مركبة تابعة لشركة سبيس إكس، ما أثار مخاوف لدى المستثمرين بشأن مستقبل منافسة بوينغ للشركة المملوكة للملياردير إيلون ماسك.

4- خسائر مالية ضخمة

في أكتوبر تشرين الأول 2024، سجّلت بوينغ خسائر تشغيلية بلغت 6 مليارات دولار في الربع الثالث وحده، كما اضطرت للإعلان عن خفض عشرة في المئة من قوتها العاملة عالمياً.

كارثة جيجو إير: أسوأ نهاية لعام مأساوي

اختتمت بوينغ العام بحادث تحطم طائرة تابعة لشركة جيجو إير في كوريا الجنوبية، ما أسفر عن وفاة 179 شخصاً.

وواجهت الطائرة من طراز 737-800 مشكلات في أثناء الهبوط، يُعتقد أنها ناجمة عن عطل في معدات الهبوط، مع تقارير عن اصطدام الطائرة بطيور.

في غضون ذلك، لا تزال التحقيقات مستمرة لتحديد الأسباب الدقيقة للحادث المأسوي.

حادث طائرة كوريا الجنوبية يضع بوينغ تحت المجهر مجدداً.. ماذا نعرف؟

عام 2025.. التحديات مستمرة

لا تزال الموافقة على ثلاثة نماذج جديدة من طائرات بوينغ غير مؤكدة، ما يزيد تعقيد الوضع خلال عام 2025 المقبل.

كما تواجه الشركة خطر تخفيض تصنيفها الائتماني إلى مستوى «غير مرغوب» لأول مرة في تاريخها، وقد فقدت بوينغ نحو ثلث قيمتها السوقية في 2024، ويتوقع استمرار الخسائر خلال 2025.

وبين الإخفاقات التصنيعية، الأزمات القانونية، والإضرابات، تجد بوينغ نفسها في موقف حرج. يُطرح السؤال الآن: هل يمكن للشركة أن تستعيد مكانتها الرائدة في صناعة الطيران، أم أن هذه الأزمات ستقودها إلى مزيد من الانحدار عام 2025؟

(كريس إيزيدور، CNN)