كشف البنك المركزي الأوروبي عن دخول اليورو الرقمي مرحلة الإعداد، استعداداً لطرحه أمام المجلس للموافقة في نوفمبر تشرين الثاني 2025، بعد وضع اللمسات النهائية على المخطط، ودعم العملية التشغيلية.
وأوضح البنك المركزي الأوروبي في تقرير حديث، أن اليورو الرقمي بدأ مرحلة الإعداد من بداية نوفمبر تشرين الثاني الحالي، على أن تستمر هذه المرحلة لمدة عامين، استعداداً للعملة التي قد تخدم ملايين الأشخاص في منطقة اليورو.
كانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، مهدت لهذه الخطوة في أكتوبر تشرين الأول الماضي، إذ قالت إن مجلس الإدارة انتهى من مرحلة الاستكشاف لليورو الرقمي التي استمرت عامين وتطرقت لقضايا مثل كيفية تصميمه وتوزيعه.
ومن المنتظر أن تضع مرحلة الإعداد الأسس لليورو الرقمي المحتمل، مع العمل على تضمين وضع اللمسات الأخيرة على كتاب القواعد واختيار مقدمي الخدمات لتطوير النظام الأساسي والبنية التحتية.
ما هو اليورو الرقمي؟
مع انتشار العملات الرقمية حول العالم، وازدياد المخاطر من عدم وجود قانون أو تشريع رسمي يتحكم بها، جاءت الحاجة إلى إصدار عملة رقمية تخضع لرقابة البنوك المركزية.
من هنا، يأتي اليورو الرقمي وسيلة دفع إلكترونية متاحة مجاناً للجميع، وفقاً لما أورده المركزي الأوروبي.
وكما هو الحال مع النقود الورقية، يمكن استخدام اليورو الرقمي في أي مكان في منطقة اليورو، وستكون هذه العملة آمنة وخاصة.
وبشأن إصدار هذه العملة الرقمية، يقول المركزي الأوروبي إنه في مجتمع أصبح يتحول إلى الرقمنة بشكل متزايد، سيكون اليورو الرقمي هو الخطوة التالية بالنسبة للعملة الموحدة.
ومن خلال إتاحة الأموال العامة للمدفوعات الرقمية، فمن المنتظر أن يبسّط اليورو الرقمي كل التعاملات اليومية، على أن يساعد مستخدميه في أي وقت وأي مكان، كما سيسهم في تعزيز السيادة النقدية لمنطقة اليورو وتعزيز المنافسة في قطاع المدفوعات الأوروبي.
خصائص اليورو الرقمي
أعلن المركزي الأوروبي عن بعض الخصائص التي تتميز بها العملة الرقمية، بدءاً من تغطية المعاملات عبر الإنترنت من شخص لآخر، في المتاجر أو مع الحكومة، إضافة إلى تمتعه بمعايير خصوصية عالية بما يتماشى مع اللوائح الأوروبية، وعدم فرض رسوم على المستهلكين مقابل الدفع الرقمي.
كما يتاح اليورو الرقمي دون اتصال بالإنترنت، ويوفر وسيلة دفع رقمية عامة للجميع، وسيضمن الحفاظ على استقلال أوروبا الاستراتيجي مع تقديم الدعم، وتعزيز الابتكار.
عدد المستفيدين
قال المركزي الأوروبي إن عدد مستفيدي اليورو الرقمي سيصل إلى نحو 347 مليون شخص، مع توفيره وسيلة دفع رقمية عامة للجميع ممن يعيشون في المنطقة.
وأوضح المركزي الأوروبي أنه يمكن الحصول على اليورو الرقمي من البنوك التي يستخدمها المستفيدون، على أن يتمكنوا من الدفع رقمياً، على سبيل المثال باستخدام بطاقة مقدمة من الهيئات العامة.
شركات تطوير العملة الرقمية
يتعاون البنك المركزي الأوروبي مع خمس شركات لتطوير واجهات المستخدم المحتملة لليورو الرقمي.
وأوضح المركزي الأوروبي في سبتمبر أيلول 2022، أن الهدف من النماذج الأولية هو اختبار مدى تكامل التكنولوجيا الكامنة وراء اليورو الرقمي مع النماذج الأولية التي طورتها الشركات، على أن تبدأ المعاملات المحاكاة باستخدام النماذج الأولية للواجهة الأمامية التي طورتها الشركات الخمس ومعالجتها من خلال واجهة نظام يوروسيستم والبنية التحتية الخلفية.
وتضمنت قائمة الشركات كلاً من بنك كايكسا الإسباني، وورلد لاين الفرنسية، ليتوليا المدفوعات عبر الإنترنت، وشركتي نيكسي وإي بي آي من إيطاليا، لتولي مدفوعات نقاط البيع، إضافة إلى شركة أمازون الأميركية لتولي مدفوعات التجارة الإلكترونية.
كيف يعمل؟
تخيل أنك ذهبت إلى ماكينة صرف آلي وسحبت 100 يورو، ومن هنا انخفض رصيد حسابك المصرفي بهذا المقدار، لكنه يتوفر لديك نقداً، الأمر نفسه ينطبق على اليورو الرقمي، لكن بدلاً من تحويل الأموال الموجودة في الحساب المصرفي إلى نقد، يمكن تحويلها إلى يورو رقمي.
ومن المنتظر أن يُخزن اليورو الرقمي في محفظة إلكترونية معدة بالتعاون مع البنك الذي يتعامل معه المستفيد، على أن يسمح هذا بإجراء جميع عمليات الدفع الإلكترونية المعتادة في المتاجر، أو عبر الإنترنت، باستخدام الهاتف أو البطاقات.
عملات البنوك المركزية الرقمية
تسعى العديد من البنوك المركزية حول العالم، إلى تطوير عملات رقمية، وهذا ما كشفه تقرير صادر عن بنك التسويات الدولية، إذ أوضح أن 93 في المئة من البنوك المركزية تعكف حالياً على استحداث عملات رقمية جديدة.
وشهد العالم إطلاق أول عملة رقمية رسمية قبل نحو ثلاثة عقود في عام 1993، والتي أطلقها بنك فنلندا المركزي تحت اسم بطاقات أفانت الذكية.
وحتى يوليو تموز 2022، كان هناك ما يقرب من 100 عملة رقمية رسمية قيد التطوير من البنوك المركزية، من بينها اثنتان صدرتا بشكل كامل، وهما إي نايرا التي أُصدِرت في نيجيريا في أكتوبر تشرين الأول 2021، والدولار الرملي الذي ظهر لأول مرة في جزر البهاما في أكتوبر تشرين الأول 2020.