يرى هيثم الجندي، كبير محللي الأسواق المالية في شركة تي ماتريكس، أن تحقيق سعر عادل لليرة السورية يتطلب بدء بناء احتياطي من النقد الأجنبي، مشيراً إلى مجموعة من الإجراءات الجوهرية لعودة العملة الوطنية لقيمتها الحقيقة، أبرزها تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على البلاد واستعادة استقرار الاقتصاد، وفي ظل انهيار العملة إلى مستويات غير مسبوقة، تبرز تساؤلات حول إمكانية تعافي الليرة، خصوصاً بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وقال الجندي في تصريحات خاصة لـCNN الاقتصادية «يمكن الحديث عن سعر عادل لليرة السورية مع بدء بناء احتياطي من النقد الأجنبي»، وأضاف «سعر الصرف بدأ يتحسن مع إتاحة استخدام الدولار والليرة التركية في السوق الداخلية بعد أن كان الأمر مجرَّماً تحت حكم النظام السابق».
وأوضح كبير محللي الأسواق المالية في «تي ماتريكس» أن «تحسن أوضاع الاقتصاد السوري مرهونة بتخفيف العقوبات الدولية بالأخص قانون قيصر الأميركي».
واقع الليرة السورية
تعيش الليرة السورية واحدة من أسوأ مراحلها في تاريخ البلاد الحديث، حيث وصلت إلى مستويات قياسية من الانهيار بفعل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بسوريا منذ أكثر من عقد، ومع تراجع القوة الشرائية للسوريين واستمرار العقوبات الدولية، يظل السعر العادل لليرة السؤال الأساسي المطروح عند الحديث عن مستقبل الليرة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، فهل يمكن أن تتعافى العملة الوطنية بعد سنوات من التدهور؟
بحسب ما قاله الجندي، فإن السعر العادل لليرة السورية يرتبط بشكل مباشر بوجود احتياطي نقدي قوي من العملات الأجنبية لدعم استقرارها الليرة، موضحا أن أحد الحلول المقترحة يتمثل في السماح باستخدام الدولار الأميركي والليرة التركية في التعاملات الداخلية، وهو ما أسهم بالفعل في تحسن سعر الصرف، الأمر الذي قد يُساعد في تحقيق استقرار مؤقت للعملة.
أداء الليرة السورية
قبل الحرب في عام 2011 كان سعر الليرة السورية مستقراً، إذ تراوح سعرها بين 45 و50 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد، في ظل اقتصاد مستقر تميز بالاعتماد على العديد من الموارد، أهمها النفط، الزراعة، والسياحة، مدعوماً باحتياطي نقدي جيد.
أما أثناء الحرب في الفترة ما بين 2011 و2024، فقد بدأ التدهور التدريجي للعملة مع تصاعد الأزمة السياسية والصراعات العسكرية، إذ فقدت سوريا مواردها النفطية والإنتاجية، ما أدى إلى انهيار العملة بشكل متسارع.
وبحلول عام 2024، تجاوز سعر الدولار 15,000 ليرة، ما زاد من معاناة المواطنين وأضعف الاقتصاد بشكل كبير.
وبعد سقوط نظام الأسد، فإن إعادة بناء الثقة في الليرة السورية يجب أن يكون أولوية النظام السوري لتحقيق الاستقرار المالي للبلاد، خاصة مع استخدام العملات الأجنبية كوسيلة دعم مؤقتة، الأمر الذي قد يُساعد في استقرار الأسواق.
وذلك مع انتظار تخفيف العقوبات الدولية، وعودة الاستثمارات، وهما أمران سيلعبان دوراً محورياً في إعادة بناء الاقتصاد السوري وتعزيز قيمة العملة الوطنية.
مستقبل الاقتصاد السوري
أشار الجندي خلال تصريحاته لـCNN الاقتصادية أن تحسن أوضاع الاقتصاد السوري مرهون بتخفيف العقوبات الدولية، خاصة قانون قيصر الأميركي الذي يشكل عائقاً رئيسياً أمام أي نشاط اقتصادي في البلاد.
ويمكن أن نضيف إلى ذلك، ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني السوري بشكل عاجل، وتحفيز الاستثمارات المحلية والخارجية، ويرتبط ذلك بشكل وثيق بتحقيق استقرار سياسي دائم، الأمر الذي يشجع على عودة اللاجئين وتنشيط السوق المحلية.
إذا كانت الليرة السورية أصبحت رمزاً للأزمات التي تعيشها البلاد، فإنها قد تكون أيضاً نقطة البداية للتعافي في حال تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، رحلة التعافي ستكون طويلة ومعقدة، لكنها ليست مستحيلة في ظل تعاون دولي وإصلاحات جذرية تستهدف إعادة بناء الاقتصاد من جديد.